يبدو أن أعداء التيار الإسلامي في مصر، إن لم أقل أعداء الرئيس مرسي، صاروا كثرا هذه الأيام، بعد إعلان هذا الأخير الانقلاب على قرار المحكمة الدستورية، ويعلن بقرار مفاجئ الأحد الماضي إعادة بعث البرلمان المحل من جديد، وها هو البرلمان يعقد أولى جلساته أمس. هذا القرار الذي أغضب الجميع، باستثناء مجلس شورى الإخوان المسلمين، الذي يبدو أنه صاحب القرار الفعلي، بحكم أن مجلس الشورى هو من قرر التمسك بشرعية البرلمان محل الجدل، ومرسي طبق قرار مجلس الشورى، ليس إلا، وبالتالي يطرح التساؤل من جديد: من يحكم مصر، مرسي أم خيرت الشاطر أم المرشد العام للإخوان محمد بديع الذي يبدو أنه يحكم مصر من وراء ستار؟ الأمر الذي تخوف منه المصريون، لكن الإخوان حاولوا التهدئة من تخوفاتهم عندما قالوا إن مرسي غير مجبر على مبايعة الإخوان. ومن الغاضبين يكون المجلس العسكري، الذي كذب عليه مرسي الأسبوع الماضي لما أعلن تصالحه مع المؤسسة العسكرية وتلقى أعلى درع لها، لكنها حتى الآن لم تقل كلمتها بوضوح بشأن موقف مرسي المفاجئ. ويبقى أكبر الغاضبين نادي القضاة الذي أعطى مهلة 36 ساعة للرئيس، تنتهي اليوم صباحا، ليتراجع عن قرار إعادة البرلمان، ورأى أن موقف مرسي هذا أفقده الشرعية، بما أنه حنث باليمين التي أقسم بموجبها أنه يحترم الدستور، وها هو يدوس قرار المحكمة الدستورية، الهيئة التي أدى اليمين أمامها. لكن الذين أمهلوا مرسي هذه المدة لم يقدموا تفسيرا لما تكون عليه الخطوة الأولى في حال لم يتراجع مرسي عن قراره، والأكيد أنه لن يتراجع، لأن الرأس الآخر المدبر لهكذا قرار بعد مجلس شورى الإخوان، هي أمريكا، لأن سفيرة أمريكا بالقاهرة كانت أول المباركين لهذا القرار الرئاسي. ثم من سينفذ العقوبة في حال تقرر معاقبة الرئيس على فعلته هذه، وهو الرئيس والقاضي الأول للبلاد. الأمور زادت تعقدا في مصر، ونحن الذين تنفسنا الصعداء أن المصريين اختاروا الطريق السليم باحترام حكم الصناديق، وجنبوا بلادهم وشعبهم أزمة، ها هي الأزمة تعود بأكثر حدة، رئيس إسلامي يدعي احترام القرآن ويقسم بالقرآن على احترام القوانين ثم يدوس على قسمه، ويعطي صورة مشوهة عن المسلم، ويبدو رجلا منافقا حانثا لا يؤمن جانبه، ومؤسسة عسكرية لم تفرح بإنجازها طويلا، ولم تهنأ بكلمات الشكر التي صاغها رئيس "كاذب" لم تمر أيام حتى كذّب نفسه. فهل أعطى مرسي بهذا القرار المؤسسة العسكرية حجة الانقلاب بحكم أنها حامية الدستور، والدستور مداس من مرسي والمؤسسة الرئاسية نفسها غير سيدة بحكم أنها في قبضة المرشد العام للإخوان. مصر أمام مصير شائك وبورصتها عرفت تراجعا بمجرد إعلان مرسي قراره، وهذا دليل دقيق على درجة القلق التي يعيشها الاقتصاد المصري والمجتمع المصري.