تناول كتاب بن فليس التهامي حياة ومسار أحد رجال الثورة التحريرية المباركة، وأحد رموز النضال، الشهيد سي بلقاسم، المولود في سنة 1900 بإحدى قلاع الثورة التحريرية بمنطقة الأوراس الشامخ، التي كانت بها أولى محطاته لنيل العلم والمعرفة والثقافة، وكانت فيما بعد محطة هامة في نضاله ضدّ المستعمر الفرنسي. يأتي هذا الكتاب في طبعة أنيقة في حوالي 260 صفحة من الحجم العادي، لتكشف صفحاته عن السيرة الذاتية للشهيد بن فليس التهامي، الذي اقترن ذكره بإنجازات علمية تحققت على أرض الوطن منذ مطلع القرن الماضي، فكان الشهيد رجل إصلاح وفكر وعلم، حيث ومنذ التحاقه بجمعية العلماء المسلمين أواخر الثلاثينيات، رفقة عدد من الغيورين على الوطن والدين بمسقط رأسه بولاية باتنة، أمثال الشيخ سي الطاهر مسعودان الحركاتي، رئيس شعبة جمعية العلماء المسلمين آنذاك، ثم مبادراته لتلبية النداء الصادر عن العلامة القائد الشيخ عبد الحميد بن باديس، رئيس جمعية العلماء المسلمين، حيث شارك السي بلقاسم، رفقة جمع غفير من أعيان منطقة الأوراس لمحاكمة أحد أعيان المنطقة الذي قام بتحريض الجماهير على العصيان المدني، ويتعلق الأمر بالشيخ عمر دردور، ما جعل المستعمر الفرنسي يبادر بسجنه نتيجة للأفكار النضالية التي كان يحملها وينادي بها. يقول الدكتور بوعلام بن حمودة في مقدمة هذا الكتاب أنه عمل يوثق للأجيال القادمة، نموذجا من نماذج المواطنين الذين التحقوا بصفوف الثورة التحريرية بعد أن ناضلوا من أجل استرجاع الشخصية الجزائرية لصالح الجزائريين والجزائريات فاختاروا أن يضحوا بأموالهم وبأنفسهم في سبيل هذا الوطن. انتسب الشهيد إلى حزب ”حركة البيان” التي كان يرأسها المرحوم الرئيس فرحات عباس، كما قام بعدة مشاريع تتعلق بنشر العلم والمعرفة، خاصة في منطقة الأوراس، ما مكنه من أن يكون محل اهتمام العديد من رجال التاريخ والحركة الوطنية السياسية والعلماء، هذه العودة القوية للشهيد بن فليس التوهامي أصبحت تزعج المستعمر الفرنسي أكثر من ذي قبل، لهذا قررت القضاء عليه نهائيا، ولهذا تم إرسال كتيبة من الجنود الفرنسيين خلال الأسبوع الأول من شهر مارس 1957، بغرض القضاء عليه والتنكيل بأسرته، لكنه واجههم بشجاعة كبيرة جعلتهم يطلقون النار عشوائيا، لكن إرادة الخالق كانت أقوى منهم، لهذا لم يفلح المستعمر حينها في القضاء عليه ففروا خائبين، بعدها بأيام وبالتحديد في 9 مارس 1957، نجح المستعمر في إلقاء القبض عليه رفقة ابنه الأكبر عمار، المدعو الطاهر، وتم اغتيالهما بمدينة بسكرة. بعد مرور سنوات على استشهاد بن فليس التهامي وابنه عمار، كتب الشاعر والمجاهد أحمد الطيب معاش قصيدة يمجد فيها نضال الشهيدين، كما تضمنت صفحات العمل، رسالة خاصة كتبها ابنه علي بن فليس، رئيس الحكومة الأسبق، عبر فيها عن فخره واعتزازه به وبالإرث الشريف الذي تركه ليسير على دربه هو وسائر أبنائه وأحفاده، الذين أحبوا هذا الوطن ومبادئ الوطنية التي غرستها سيرته في نفوسهم ونفوس سائر الجزائريين. كما تضمن الكتاب صورا لمناضلين وعلماء ومعلمي القرآن بالمدرسة التي أسسها المرحوم بن فليس التهامي من بينهم الحاج سي السعيد زرافة، بوعبد الله عبد الله، الحاج سي مبارك بن فليس بن عبد الله، وكذا بعض القصائد التي ألفها بعض الشعراء في شخصه وفي بعض أفراد عائلته التي يشهد لها بالعطاء النضالي. يذكر أنّ هذا المؤلف الذي شاركت في إنجازه عائلة بن فليس التوهامي المدعو سي بلقاسم قد صدر عن منشورات ”دار هومه” بالعاصمة.