بدأت سياسة جامعة دول الربيع العربي تؤتي أكلها، وبدأت إسرائيل تحصد ثمارها منفردة. فعندما ترحب تسيبي ليفني بمبادرة عربية لتحريك مبادرة السلام، فإن في الأمر إن، وإن ما خفي كان أعظم! فها هي الجامعة العربية التي طردت منذ أيام سوريا من مقعدها، تتقدم في خطوة مريبة من إسرائيل، محاولة الاتفاق على المبادرة السعودية لسنة 2002 التي طرحت الأرض مقابل السلام في حدود 67، مقابل عودة اللاجئين وحل الدولتين، المبادرة التي كانت قد رفضتها إسرائيل، رغم أنها ربطت باعتراف بإسرائيل من قبل الدول العربية! فهل ترحيب ليفني مرده التنازل عن حق العودة أم أن قطر كعادتها اشترت موقف إسرائيل التي تربطها بها علاقات وطيدة وتبين مؤخرا أن لديها سفارة في إسرائيل؟! ليس الترحيب الإسرائيلي وحده المريب، فأمريكا هي الأخرى رحبت بالمبادرة، وقال جون كيري وزير الخارجية إنها ستتيح فرص عمل للعاطلين الفلسطينيين وإن الشركات الأمريكية ستساهم في بعث الاقتصاد الفلسطيني، وأن كوكا كولا مثلا ستساهم في هذه المبادرة؟! يا سلام، وكأن القضية الفلسطينية قضية أكل عيش وليست قضية مصير شعب وأرض محتلة! ثم لماذا كوكا كولا وليس مصانع تكنولوجيا؟! ترحيب أمريكا يعني أن وزير خارجية قطر يكون إلى جانب التنازل عن حق العودة، تنازل أيضا عن القدس، خاصة وأن الرئيس الأمريكي صرح منذ أيام من إسرائيل، بأن القدس هي عاصمة إسرائيل بدون منازع!؟ فمقابل ماذا باعت عرابة الثورات العربية القضية الفلسطينية؟! المصيبة أن السلطة الفلسطينية التزمت الصمت ولم تعلق على قرار اتخذه أربعة من وزراء الخارجية العرب ذهبوا إلى واشنطن لدفن القضية الفلسطينية!؟ حتى حماس التي كانت تدعي محاربة العدو وترسل من حين إلى آخر صواريخ، تقتل فلسطينيين أكثر مما تقتل إسرائيليين، لأن إسرائيل تتخذها ذريعة وتهدم في كل مرة بيوت الغزاويين على أهلها، لم تقل شيئا، ربما لأنها قبضت الثمن هي الأخرى، من أمير قطر الذي زارها منذ أشهر هو وزوجته المصون ووعدا حماس بالمال والاستثمارات، مثلما وعدا قبلها التونسيين والمصريين ولم يقبضوا شيئا. ”هآرتس” تقول إن إسرائيل تضغط لتشمل المفاوضات التطبيع مع العرب، لكن هل هناك تطبيع أكبر من هذا؟! تتقرب من إسرائيل وتتخذ من إيران عدوا!؟ الخوف كل الخوف أن يكون التنازل من جانب واحد، تأخذ إسرائيل ولا تعطي شيئا مثلما عودتنا طوال صراعها المشؤوم مع العرب. والخوف كل الخوف أن مقولة ”ثورة ثورة حتى النصر” التي كثيرا ما رددها الراحل عرفات قد دفنت إلى جانبه إلى الأبد، مثلما دفن حق عودة الشتات، بعد أن صدأت مفاتيح بيوتهم!! ومثلما بيعت فلسطين على يد ملك هاشمي، ها هي تباع مرة أخرى على يد أمير خليجي فرح بدخوله نوادي الكبار حتى لو كان الثمن قضية في حجم القضية الفلسطينية؟!