فضح التحقيق الذي أعدته قناة “فرانس 3” بالصوت والصورة كل المزاعم والاتهامات العديدة التي وجهت سابقا للجزائر في حادثة مقتل رهبان تيبحيرين 1996 ، حيث يبرز الملف أن الجريمة تمت بأيدي عناصر إرهابية منضوية آنذاك تحت لواء تنظيم الجماعة الإرهابية المسلحة “الجيا” ، باعترافات حية من طرف فرنسيين كانوا بالجزائر خلال ذات الفترة ، وتائبين عن العمل المسلح. وفضح الملف تفاوض فرنسا عن طريق سفارتها بالجزائر مع تنظيم “الجيا” عن طريق المدعو “عبد الله” ، وهو ما نقلته “الفجر” في شهادة سابقة على لسان أحد التائبين. مكن التحقيق التلفزيوني المطول الذي أعده كل من “سيفرين لابات” و”مليك آيت عودية” على مدار 8 أشهر من التصوير لفائدة القناة الفرنسية “فرانس 3” ، من إبطال كل الاتهامات المغرضة التي وجهت للسلطات الجزائرية ، وفي مقدمتها مؤسسة الجيش الشعبي الوطني بارتكاب المجزرة ، وكان آخر هذه الاتهامات المغرضة الذي أبطل مفعولها التحقيق ، صادر عن وزير الدفاع الفرنسي السابق الجنرال الفرنسي المتقاعد ، فرانسوا بوشوا ، وهي الاتهامات التي أثارت ضجة بلغت حد إحداث نوع من القطيعة بين الجزائرفرنسا في جويلية 2010. بداية فضح الادعاءات الفرنسية للجزائر كانت بشهادة المدعو “محمد بن علي” ، حارس مكان إقامة الرهبان ، الذي نقل في شهادته أن جماعة إرهابية بقيادة المدعو “أبو الحارث” اقتادته ليلة 26 إلى 27 مارس إلى إقامة الرهبان لمقابلة الطبيب كريستيان ليتم أخذ الرهبان معهم. ونقل التحقيق شهادة التائب “علي بن حجر” الذي توقف عن العمل المسلح في جويلية 1996 ، حيث قال إنه تم استهداف رهبان تيبحيرين امتثالا لقرار الجيا القاضي بقتل أي أجنبي متواجد بالجزائر في تلك الفترة. ومن الشهادات الحية على براءة الجيش الجزائري في مجزرة تيبحيرين التي كانت تساوم بها فرنسا ساركوزي ، من حين لآخر ، تأكيد “روبير فوكيز” أحد الرهبان الناجين ، الذي ذكر في التحقيق أن الإرهابيين الذين نفذوا العملية كانوا كثيري التردد على المكان ، خاصة لطلب الأدوية أو استعمال الهاتف وذلك تحت طائل التهديد. وفي ذات السياق ، قال عميد أساقفة الجزائر ، الأب تيسيي هنري ، في شهادته إنه “كان فاعلا في التعرف على أصوات الرهبان بعد اختطافهم”. ومن أبرز الشهادات التي تؤكد بوضوح تورط “الجيا” في المجزرة ، ما جاء في شهادة “العيد شابو” مساعد الأمير جمال زيتوني ، حيث أفاد بأنه في يوم 21 ماي ، كان حاضرا في جبال بوڤرة ، حين أمر جمال زيتوني ، بقتل الرهبان الفرنسيين المختطفين منذ أكثر من شهرين من تيبحيرين للتقرب إلى الله حسبه. وعاد التحقيق لشهادة مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال حسان حطاب ، الذي ينقل فيها أن قرار القطيعة بينه وبين جمال زيتوني سببه إقدام هذا الأخير على قتل الرهبان المحتجزين. فرنسا تفاوضت مع “الجيا” بعيدا عن أعين الجزائر ومن أبرز الدلائل على علم فرنسا عن طريق سفارتها بالجزائر ، أن جريمة الاختطاف قبل القتل كانت من صنع “الجيا” ، هو قبولها التفاوض سرا مع التنظيم الإرهابي بواسطة المدعو “عبد الله” ، وهي الحقائق التي نقلتها “الفجر” في شهادة حية على لسان أحد الإرهابيين قبل سنوات ، حيث حمل مبعوث “الجيا” لسفير فرنسابالجزائر ، تسجيلا للرهبان يطلبون نجدته مقابل الإفراج عن “عبد الحق لعيادة” قيادي “الجيا” سابقا ، ولم يكن الوزير الأول الفرنسي آنذاك ألان جوبي ، على علم بالمفاوضات ، كما نقل عن وزير الدفاع الفرنسي سابقا “مارشياني” ، أنه تم الاتفاق مع الوسيط على تحرير بعض المسجونين في فرنسا دون إدخال السلطات الجزائرية في القضية. وكشف التحقيق نقلا عن المدعو “أبو إيمان” وهو إرهابي تائب ، تفاصيل عملية الذبح ، وهو الأمر نفسه بالنسبة للمدعو “أبو محمد” أمير “الجيا” بمنطقة تابلاط ، مؤكدا أنه بعد العملية أصدر جمال زيتوني ، البيان رقم 44 المشهور ، الذي جاء فيه أن الرئيس الفرنسي ووزير دفاعه رفضا التحاور والتفاوض مع الجماعة الإسلامية المسلحة ، وقطعا كل قنوات الاتصال بتوقيف ما تم الشروع فيه من مفاوضات. ودعم التحقيق أيضا بشهادة المدعو “فتحي بوكابوس” أحد مقربي زيتوني ، والذي يقول إنه حضر عملية كتابة البيان رقم 43 الذي يطلب من فرنسا مقايضة الرهبان ب”عبد الحق لعيادة” الذي سجن في 1993.