هو مدافع ذو بنية مورفولوجية وقوة كبيرة جعلته يدخل الرعب في قلوب المهاجمين، إنه صخرة دفاع مولودية الجزائر السابق طارق لعزيزي، الذي يروي لنا في هذا الحوار الشيق أبرز المحطات والمواقف التي صادفها في مشواره كلاعب، انطلاقا من شبان العميد ووصولا إلى المنتخب الوطني ثم إلى الاحتراف قبل أن يعود كمدرب للفئات الشابة في المولودية، هذا وكان لعزيزي صريحا معنا في قضية إصابة رحيم نجم سوسطارة السابق، وكذا إفطاره في رمضان، فضلا عن حديثه عن مولودية اليوم والفريق الوطني أيضا. في البداية ”صح رمضان” طارق، وكيف هي أحوالك في هذا الشهر الفضيل؟ الحمد لله، ككل مسلم يطبق الشريعة أنا أؤدي فريضة الصيام في أفضل الظروف مع عائلتي، رغم الحرارة الشديدة. طارق، بالعامية هل ”يغلبك رمضان”؟ ليس كثيرا، بالنسبة لي لست عصبيا، إلا أنني بعد صلاة العصر أدخل المطبخ من أجل تفقد نوع الفطور الذي نعده، كما أنني لا أخفي عنك أنني أفقد بعضا من التوازن قبل أذان المغرب، على العموم أنا أنام حتى الساعة ال11 صباحا، لست مدمنا كثيرا على النوم، أبقى في البيت إلى غاية الساعة الرابعة، أتوجه إلى العمل حيث أشتغل مع زميلي صبار رشيد في طاقم تدريب آمال المولودية، ثم أعود مجددا إلى البيت، هذه حياة طارق باختصار. بدون شك أن شهر الصيام مر عليك لما كنت لاعب كرة قدم في السابق، هلا حدثتنا عما كنت تشعر به أثناء تدريبك أو خوضك لمباراة وأنت صائم؟ نعم لعبت وأنا صائم، إنه أمر صعب، فأن تجري طوال 90 دقيقة دون طاقة، وهو ما يؤثر على مردود اللاعبين لذلك فاللعب في رمضان جنون لأن صحة اللاعب أغلى من كل شيء خاصة وأن اللاعب الجزائري معروف بالسهر لساعات متأخرة من الليل في رمضان، وهو ما يؤثر عليه سلبا في النهار، لذلك أرى أن التدريب أو خوض مباريات في الليل هو حل أنسب لتفادي أي مشاكل صحية لا قدر اله عند اللاعبين. محترفونا يجدون صعوبة في أداء فريضة الصيام في أنديتهم الأوروبية؟ صحيح، لكن حسب اعتقادي أن هذا الأمر يرجع إلى شخصية اللاعب وعزيمته في أداء الركن الرابع من الإسلام، لكن في بعض الأحيان يصطدم اللاعب بإدارة الفريق التي تفرض عليه الصيام، فما عليه سوى الانسياق وراء قرارات المدرب، كما أريد التطرق إلى نقطة مهمة، وهي أن اللاعب المحلي لدى احترافه يكون صعبا عليه الصوم في حال ما إذا احترف في الخارج، لأن كل الأمور مغايرة، أما بالنسبة لمزدوجي الجنسية فهنا لا يمكنني التعليق. هل سبق لك وأن أفطرت في رمضان؟ مع المنتخب الوطني في كأس إفريقيا سنة 96 بجنوب إفريقيا لعبنا الدور الأول وكنا صياما حينها، لكن وبعد تأهلنا إلى الدور الثاني جاءتنا تعليمات من الاتحادية الجزائرية مفادها أنه علينا الإفطار كوننا كنا سنواجه منظم الدورة منتخب جنوب إفريقيا وكنا مطالبين بالفوز، إلا أن بعض اللاعبين رفضوا الإفطار وبعض الآخر استجاب لتعليمات الفاف، وأنا أذكر أنني سجلت هدفا في مرمى البفانا بفانا وأنا صائم، أما عن بقية اللاعبين فكل واحد يتحمل مسؤوليته. نعلم أنك احترفت في تركيا وحدث وأن طُلب منك أن تفطر، فهل طبقت أوامر الفريق؟ لعبت في البطولة التركية لعام واحد وأتذكر أنه في شهر رمضان كنا نتدرب بمعدل حصتين في اليوم، في بادئ الأمر كنت أصوم لكنني لم أستطع مواكبة هذا الرتم، فحدث أن أغمي علي في إحدى الحصص التدريبية لأجبر على شرب الماء، والعكس صحيح في فنلندا فأنا غادرتها بعد ستة أشهر من اللعب لأحد أندية الدرجة الأولى، بسبب برودة الطقس، مع العلم أن البطولة فيها تدوم نصف عام فقط. طارق لعزيزي اسم اقترن بالمولودية، لذلك يمكن القول بأن أغلب محطات مشوارك الرياضي قضيتها مع العميد، أليس كذلك؟ بدأت مشواري مع شبيبة الأبيار عام 82 ثم انتقلت إلى مولودية الجزائر فريق القلب عاما بعدها وكنت ألعب كقلب هجوم قبل أن يغير باشطا اللاعب البارز في السبعينات منصبي إلى مدافع أين وجدت فيه راحتي، ثم ارتقيت عام 87 إلى فئة الأكابر لأول مرة وشاركت في المباراة الفاصلة أمام وفاق سطيف. يقولون أن الفضل في نجوميتك يعود إلى شيخ المدربين المرحوم عبد الحميد كرمالي؟ بالفعل أولا أترحم على الشيخ كرمالي، هذا المدرب الكبير لما رآني ألعب قال لي سأعتمد عليك كثيرا في المولودية، وكان يشركني في معظم الأحيان أساسيا، وهو من فتح لي بوابة المنتخب الوطني في التسعينيات. كرمالي كان مدربا قديرا وصارما في نفس الوقت، وأتذكر أن النجوم في ذلك الوقت مثل رابح ماجر الذي تألق نجمه في بورتو البرتغالي كان يخاف منه، وأتذكر يوما أن ماجر لم يكن في يومه فاستدعاه كرمالي إلى خط التماس ووبخه على أدائه في مباراة لعبناه ضد نيجيريا. تحدثت عن كرمالي، فمن من المدربين لم يعجبك العمل معهم؟ أنا أحترم كل من أشرف على تدريبي في المولودية، فإذا أحببت كرمالي الذي كان وراء اكتشافي، فإن المدرب هدان يبقى يشكل أسوأ مدرب في مشواري، لأنه كان يتعمد تجاهلي. لعبت مع لاعبين كبار في المنتخب، أمثال ماجر، مناد، مغارية، وجاني، شريف الوزاني وغيرهم، فمن من هؤلاء تراه أنه كان مميزا حقا في تلك الفترة؟ إذا كنا نعلم أن ماجر حينها كان الوجه الساطع من بين لاعبي المنتخب، كونه كان لاعبا في بورتو، إلا أن المدافع الأنيق فضيل مغارية يبقى في نظري أفضل وأروع ما أنجبت الكرة الجزائرية، حقا كان لاعبا من طينة الكبار. تألقت مع المولودية، لكنك فضلت الاستقرار على ما يبدو، هل كانت لك عروض في تلك الفترة من أندية محلية؟ في 94 تلقيت عرضا مغريا من رئيس شبيبة القبائل محند شريف حناشي، لكني فضلت البقاء في المولودية فريق القلب الذي فضله عليّ كبير جدا. كنت مدافعا قويا، خاصة وأن بنيتك تجعلك شبحا للمهاجمين، لكنك حتما كنت تهابهم أيضا، فممن منهم كنت تخاف في تلك الفترة؟ منطقة العمليات كانت محرمة على المهاجمين، فإما الكرة أو اللاعب هذا ما كنت أردده، الأمر الذي يجعل المهاجمين يخافون مواجهتي، إلا أنني أصراحك وأقول لك بأني كنت لا أريد مواجهة حاج عدلان مهاجم اتحاد العاصمة ومحمد راحم لاعب اتحاد الحراش وعلي موسى هداف شباب بلوزداد، هذه حقيقة لا يمكنني إخفاؤها. من يتحدث عن لعزيزي يتذكر حادثة تدخلك العنيف على صانع ألعاب اتحاد العاصمة ومدلل المسامعية السابق عز الدين راحم، لدرجة أن البعض يتهمك بتعمدك في التدخل على اللاعب، فهلا عدت بنا قليلا إلى هذه الحادثة وهل تعرضت للضغط أو التهديد ؟ عز الدين صديقي، لكنني وفي تلك المباراة بالضبط، خاصة وأنك تواجه فريقا غريما مثل سوسطارة، كان علي إيقاف رحيم بشتى الطرق، لأنه كان سيسجل لو لم أعترض طريقه في مباراة كانت هامة لكلا الفريقين، ليحدث ما حدث، تأسفت كثيرا وقدمت اعتذاراتي للاعب، حتى أنني طلبت العفو أيضا من والده، وغير ذلك فكله إشاعات لا تسمن ولا تغني من جوع، كما أن أحدا لم يهددني ولم أعش أي ضغط بعد الحادثة، حتى أنني في تونس اتهمت أيضا بتعمد تدخلاتي في الدفاع لما حملت ألوان الملعب التونسي، لدرجة أنني اتهت بتعمد الاعتداء على لاعب الترجي المرحوم الهادي بالرخيسة في وقت سابق، هذه طريقة لعبي فما عساني أن ألعب بدون حرارة فوق الميدان، طبعا لأعود إلى المولودية مجددا بطلب من الرئيس جواد، ومن حسن حظي أني عشت أفضل موسم لي مع المولودية لما توجت بلقب البطولة في 99. نتحدث عن المولودية قليلا، سوناطراك عادت وأنصار العميد متفائلون بموسم حافل بالألقاب، أما النقطة السوداء فتبقى فضيحة الميداليات، نريد أن نعرف رأيك بخصوص ذلك بصفتك مدربا ولاعبا سابقا ومناصرا وفيا للمولودية؟ مع عودة سوناطراك، كلنا متفائلون بأن ”الخير” سيأتي معها على المولودية، نحن ننتظر مشاهدة فريق كبير يتنافس على الألقاب ويلعب على المراتب الأولى وكذا تشريف الراية الوطنية في المنافسة القارية، فلحد الآن نعلم أن الفريق جلب عناصر مميزة بإمكانها منح الإضافة لباقي المجموعة على غرار يحي شريف، الحارس فابر، غربي وزغدان، أما عن حادثة الميداليات فألوم المسؤولين، حيث أن كل من تعرض للعقوبة هو مسؤول عما قام به، أما بالنسبة للقائد بابوش والحارس شاوشي، فأتمنى تخفيف عقويتهم ولملا العفو عنهم، لأن إقصاء أي لاعب لمدة عامين، يعني القضاء على مشواره الكروي. لعزيزي لقد حملت ألوان المنتخب الوطني، فهل أعطيت لنا الفرق بين فترتكم والحاضر الذي يعيشه الخضر؟ أمور كثيرة تغيرت، حتى أن عقلية اللاعب تغيرت، ففي الماضي كنا نحرث الميدان من أجل التفاتة الناخب الوطني، أما الآن فاللاعب يتلقى الدعوة بحكم أنه يلعب في أوروبا، فضلا عن المزايا التي يظفرون بها، وكذلك الإمكانيات التي توفرها الاتحادية للاعبي المنتخب الوطني من طائرة خاصة ومراكز للتدريب من الطراز العالي وفنادق 5 نجوم و”زيد وزيد” لذلك أرى أن النتائج المتحصل عليها حاليا ورغم أنها إيجابية إلا أنها لا تعكس ما يعيشه اللاعبون في المنتخب الحالي. عديد من زملائك في المنتخب الوطني تألقوا في التسعينيات إلا أنهم سرعان من انطفأ نجمهم، ما سر ذلك؟ كنا نملك لاعبين جيدين أمثال مفتاح، صايب، تاسفاوت، راحم، وغيرهم، إلا أننا اصطدمنا بالعشرية السوداء، الأمر الذي أخلط أوراقنا، فضلا عن الخدمة الوطنية، التي حالت دون احتراف الكثيرين، خصوصا وأنهم كانوا مطلوبين من عديد الأندية في الخارج، وهذا باستثناء تاسفاوت الذي غادر إلى فرنسا بعد إنهائه للخدمة الوطنية. المدافع بلكالام تنقل مؤخرا إلى أودينيزي الإيطالي، فكيف ترى هذا اللاعب وهو يدخل عالم الاحتراف لأول مرة؟ بلكالم مدافع قوي وذكي، ويمتلك مواصفات لا توجد عند كثير من المدافعين، إضافة إلى أنه لاعب منضبط وخلوق، وهذا ما سيساعده على البروز، رغم أنه سيعار إلى واتفورد الإنجليزي، فهذا لن يمنعه من سرقة الأضواء والعودة في وقت قريب إلى أودينيزي واكتشاف الكالتشيو الذي طالما حلم باللعب فيه. كلمة أخيرة؟ أشكركم على هذا الحوار وبالتوفيق.
”أفطرت في تركيا، وهدفي في مرمى البافانا بافانا وأنا صائم أحسن ذكرى لي مع المنتخب”
”العشرية السوداء والخدمة الوطنية حالتا دون احتراف عديد اللاعبين من بني جيلي”
”هذه قصتي مع رحيم، لم أتعرض للتهديد وكنت أخاف مواجهة علي موسى، راحم الحراشي وحاج عدلان”