أثبتت قمة العشرين عمق الشرخ الموجود في الموقف الدولي بشأن القضية السورية وأظهرت العلاقات المتوترة بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا التي تعززها الاتهامات المتبادلة بين الجانبين، أمام إصرار واشنطن على ضرب سوريا مدعومة بكل من فرنسا، بريطانيا، تركيا وكندا ورفض موسكو لخطة باراك أوباما التي يعتبرها فلادمير بوتين اختراقا صارخا لمجلس الأمن، في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أن نتائج التحقيق في الهجوم الكيميائي ستعلن بمراعاة كل المعايير العلمية. فشل إجماع العشرين في سان بترسبرغ في لمّ شمل كبرى الدول على قرار مشترك بخصوص التدخل العسكري المرتقب في سوريا والذي يعرف انقساما في المواقف بين مؤيد ورافض للفكرة وعلى الرغم من أن الرئيس السوري فلادمير بوتين رفض مناقشة الشأن السوري ضمن جدول أعمال القمة وإرجأها إلى مأدبة العشاء الذي جمع الشركاء الفرقاء ليلا إلا أن الأمور بقيت على حالها والانشقاق ذاته خيّم على الجلسة التي استمرت إلى غاية الساعات الأولى من صباح أمس، ولم يستطع المجتمعون تخطي خلافاتهم حيال تدخل عسكري محتمل في دمشق الذي يعززه التباعد الكبير بين الرئيسين الأميركي والروسي بخصوص القضية، بدليل غياب اللقاءات الثنائية بين أوباما وبوتين التي اعتاد الجانبان مناقشة أهم القضايا من خلالها، بالإضافة إلى إعلان التراجع عن المشاورات التي كانت منتظرة بين البرلمانيين الروس والأمريكان وكشف رئيس الدوما الروسي سيرغي ناريشكين أن البرلمان الروسي تراجع عن خطة إرسال وفد إلى الكونغرس الأميركي لبحث الأزمة السورية، ونقلت وسائل إعلام روسية عن ناريشكين قوله أن رفض ممثلي الكونغرس لقاء نظرائهم الروس لبحث القضية دليل واضح على أن الجانب الأمريكي يدرك ضعف موقفه ويؤكد استهانة واشنطن بالقانون الدولي والفجوة الكبيرة الموجودة بين روسيا وأمريكا وغيرهما من الدول وهو التباعد الذي أكده مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أمس معترفا في السياق ذاته أن الأزمة السورية وصلت إلى مرحلة جد حرجة تتطلب ضرورة إيجاد حل سياسي لها وشدد الإبراهيمي في تصريح لتلفزيون الأممالمتحدة على ضرورة دفع الجهود الدولية لإيجاد تسوية دبلوماسية مجددا دعوته لقادة قمة مجموعة العشرين المجتمعين في سان بترسبرغ لوضع حد لإراقة الدماء في سوريا، كما حذر المتحدث باسم الوفد الصيني في قمة مجموعة العشرين من أن أي عمل عسكري خارج إطار مجلس الأمن الدولي سيقود إلى تداعيات خطيرة للأوضاع في سوريا والمنطقة بأكملها وناشد المتحدث تشين غانغ في مؤتمر صحفي أمس الدول المعنية بتوخي الحذر من الخيار العسكري دون موافقة مجلس الأمن. وفيما تتواصل المشاورات الدولية بين الزعماء بشأن الضربة العسكرية التي تثير الكثير من الجدل تحاك على أرض الواقع العديد من السيناريوهات المرتبطة بالحرب التي يراها البعض وشيكة وتقترب رويدا رويدا من أبواب الشام، حيث تجهز واشنطن العتاد والعدّة لتنفيذ وعيدها وأشارت مصادر إعلامية نقلا عن جهات أمنية إلى وجود ألف و500 خبير عسكري أجنبي داخل سوريا يتعاملون مع الإدارة والاستخبارات الأمريكية لتنسيق بعض الضربات على الأراضي السورية وتهيئة الأجواء الملائمة لتقدُّم المجموعات المقاتلة المعارضة باتجاه العاصمة أو بعض المراكز العسكرية التي قد تلعب دورا مهما في حال ضربت سوريا.