يبدو أننا في زمن الصرعات بكل شيئ وفي زمن الموضة فيما لا موضة فيه وكما يقولون ويقال فالزمن رديء حقا وإلا لما كانت المفاهيم قد انقلبت على الشكل الذي نراه، والمصطلحات قد انحرفت عما وضعت له أصلا وما دمنا نتحدث عن الجهاد والمجاهدين والنضال والمناضلين والإيمان والمؤمنين فلماذا لا نصحح المسيرة ونضع الأمور في نصابها ؟ نعم نحن اليوم بحاجة لأن نعلن الجهاد وبالأمس القريب أعلن الجزائريون الجهاد وقبل ذلك أعلن الليبيون الجهاد وكذلك صنع المراكشيون وفي زمن الصليبيين أعلن أجدادنا الجهاد وكذلك صنعوا أيام المغول إذن فنحن كما كنا قديما بحاجة لإعلان الجهاد نحن اليوم بحاجة إلى مثل ذلك ولكن لنصد عدوانا ونوقف زحفا استهدف عزتنا وكرامتنا وأرزاقنا فضلا عن ثقافتنا، فالجزائريون جاهدوا ضد الاحتلال الفرنسي والليبيون جاهدوا ضد الاحتلال الإيطالي والمراكشيون انتفضوا على الاحتلال الإسباني وكذلك صنع أجدادنا عندما جاهدوا الصليبيين والمغول وفي كل هذه الحالات كان جهادنا حقيقيا لأنه ضد عدو قد أجمعنا على عداوته وأجمعنا على ضرورة درء خطره دون أن يكون الأمر مجرد شبهة فكان الجهاد مشروعا واجبا من الواجبات التي حث عليه الشرع والجهاد في فلسطين هو من هذا القبيل والمتمعن جيدا يدرك أنه من أكثر الأمور الجهادية عدالة وأكثرها إجماعا ووجوبا ولم يختلف اثنان في تاريخنا المعاصر على صحة ما ذهبنا إليه أما الجهاد في سوريا الذي أعلنه البعض فإنه جهاد على الأقل هو موضع خلاف وتدور حوله الشبهات من عدة وجوه ومن هذه الوجوه أن الإجماع لم ينعقد على ضرورته وأحقيته ووجوبه ومن جهة أخرى فإن الكثيرين ممن دعوا إليه قد تحقق الإجماع على مقاتلتهم : فرنسا والجزائر، أمريكا وكل المسلمين وأفغانستان والعراق شاهدان إسلاميان والفيتنام شاهد غير إسلامي، بريطانيا وكان لنا معها صراع استوجب الجهاد وكذلك إسرائيل التي دعمت ما تم وصفه بالجهاد في سوريا والغريب في الأمر أن القاعدة التي ادعت أنها قاتلت الأمريكان في أفغانستان والعراق تحالفت معهم في سوريا فهل بعد ذلك من تناقض كهذا ؟ أم إن في الأمر حيلة بحيث يعلن المرء عداءه لفريق وغير ذلك يضمر ؟ كما صنع يهود الدونما في تركيا في أيام أمبراطوريتها الأخيرة، وباختصار فإننا نصل إلى القول بدون مواربة أو مداهنة أن هذا الجهاد ماهو إلا جهادا مزورا مشبوها تحيط به الشبهات من جميع وجوه ولامجال لعد مجالاتها الآن والذي يؤسفنا ويؤلمنا أكثر أن العشرات ممن تطوعوا للجهاد في سوريا قدموا من إسرائيل عبر تركيا حتى وصلوا إلى سوريا وكان الجهاد في فلسطين هو المشروع والأقرب والأسهل بالنسبة لهؤلاء ولكنهم لما لم يفعلوا هذا فقد خسروا خسرانا مبينا وجزاؤهم جهنم وساءت مصيرا أما القاعدة فقد عرف القاصي والداني والعدو والصديق أن هذا التنظيم لم يستهدف إسرائيل ولا أمريكا يوما من الأيام فباء هو الآخر بغضب من الله ورسوله وجزاؤه جهنم وساءت مصيرا.