تجري، الجزائر، خلال الفترة الحالية مفاوضات، مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف استعادة أكثر من 50 مليون وثيقة تاريخية تخص تعذيب الجزائريين داخل السجون والمعتقلات من طرف فرنسا الاستعمارية إبان الثورة التحريرية. قال المدير العام للأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي، أول أمس، خلال أشغال اليوم الدراسي الذي احتضنته دار الثقافة هواري بومدين، بسطيف، احتفالا بالذكرى ال150، لتأسيس الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بأن المديرية العامة للأرشيف الوطني تعمل على قدم وساق مع ذات الحركة الدولية للصليب الأحمر، لرقمنة الرصيد والكم الهائل من الوثائق الموجودة لديها ما بين المصورة والمكتوبة مما يقدم نتائج جديدة تنير البحث التاريخي في الجزائر، خاصة ما تعلق بآلام الشعب الجزائري إبان الاحتلال الفرنسي. وأكدّ شيخي في السياق بأنّ العمل حاليا يتم من اجل استرجاع أكثر من 50 مليون وثيقة تاريخية تتعلق بتعذيب الجزائريين داخل السجون والمعتقلات من طرف الاستعمار الفرنسي خلال حرب التحرير في خمسينيات القرن الماضي، غير أنّه لم يخف بأنّ عملية استعادتها قد تأخذ بعضا من الوقت، لكن أشار بأنّها ستكشف لا محالة عن صور آلام ومعاناة الشعب الجزائري من وحشية المستعمر الفرنسي التي كانت تمارس عليه في تلك الحقبة. وكشف شيخي في معرض حديثه بأنّ الأمر يتم عبر إبرام اتفاقية بين المديرية العامة للأرشيف الوطني والحركة الدولية للصليب الأحمر،بحيث توفر كل هذه الوثائق وتقديمها للجزائر بغرض وضعها في متناول الباحثين والمؤرخين من أجل تدارسها، كما ستمكن هذه الوثائق من وضع النضال إبان الثورة التحريرية في الصورة والتعريف به للعالم باعتباره لا يزال مجهولا، وذلك من خلال تسليط الضوء على كفاح المعتقلين والمسجونين داخل المعتقلات والسجون وعلاقاتهم الكفاحية مع المناضلين خارج أسوار السجن. وأشاد شيخي بدور الحركة الدولية للصليب الأحمر خلال حرب التحرير المجيدة قائلا ”هي من عرّفت العالم بأسره في بداية 1955 بما يجري في قضية تعذيب الجزائريين داخل السجون والزنزانات الفرنسية، وذلك بتسريب تقرير مفصل عن ذلك إلى جريدة ”لوموند” الفرنسية”. كما عملت منذ الأشهر الأولى لحرب التحرير الجزائرية على محور واحد هو التعريف بما يجري في السجون الجزائرية وكشف المعاملات اللاإنسانية التي عومل بها الجزائريون آنذاك، فكان لها الفضل في تحرير بعض المعتقلين”. ويؤكد في السياق ذاته بأنّ للحركة علاقة وطيدة بجبهة التحرير الوطني، باعتبارها منظمة تحريرية. بدوره وافق الأمين العام للهلال الأحمر الجزائري فوضيل محرس قول شيخي قائلا ”الحركة ارتبطت بمرحلة الكفاح والنضال بالنسبة للقضية الجزائرية أثناء ثورة التحرير الوطنية وتحديدا ابتداء من 1955.”. وأكدّ بأنّها ساهمت بشكل كبير في إطلاق سراح بعض المحبوسين الجزائريين والمحكوم عليهم داخل السجون والمعتقلات الفرنسية. وأشارت السيدة ياسمين ديسيموز، خلال افتتاح أشغال هذا اللقاء،أن الحركة الدولية للصليب الأحمر أقحمت نفسها في الثورة الجزائرية حيث قامت منذ سنة 1955 بزيارات للملايين من المسجونين الجزائريين من طرف الاستعمار الفرنسي، وساهمت في تحرير العديد منهم ممن كانوا موجودين خاصة على مستوى معتقل قصر الطير جنوبي سطيف.