أبصر العمل المسرحي الجديد الموسوم ب”صواعد”، للمخرج عبد القادر جريو، في أول تجربة إخراجية له، النور أول أمس، على ركح المسرح الجهوي لسيدي بلعباس، حيث قدّم عرضه الشرفي وسط حضور جمهور وعدد من الوجوه المسرحية الجزائرية. مسرحية ”صواعد”، الإنتاج الجديد للمسرح الجهوي لمدينة معسكر، كتب نصها المسرحي هارون كيلاني وأخرجها إلى الركح عبد القادر جريو الممثل التلفزيوني ومصمم البرنامج الفكاهي ”جورنان الڤوسطو”، في أول تجربة إخراج مسرحية له باعتبار اشتغاله في السينما والتلفزيون وفي الفن الرابع كممثل. حيث تم تقديم هذا العمل بطريقة مغايرة ومختلفة للمسرح الجزائري الكلاسيكي، سواء من حيث السينوغرافيا، أو الألوان والديكور بصفة عامة، أعربت عن لمسة مميزة لطاقم المسرحية التي تعالج موضوعا يعدّ طابوا في المجتمع الجزائري ألا وهو الرغبة في اغتصاب الأنثى في الجزائر، وكذا معاملتها بقسوة وكأنّها ليست بالإنسان، من خلال تطرقه إلى قصة مؤلمة بطلتها امرأة جزائرية تقع فريسة لثلاثة رجال علامات الحيلة بادية على محياهم. حيث تكشف أطوار المسرحية ملامح القصة انطلاقا من رغبة الرجل الأول الذي يريد منها الإنجاب، والثاني يريد شراءها بالمال، والثالث له رغبة جامحة في اغتصابها وتشريدها، دون رحمة أو شفقة، لكن قوة المرأة وتمردها على المجتمع تصنع لها شخصيّة أخرى تواجه بها الواقع المر. فيجسد العرض المسرحي تيهان هذه الأنثى التي لا تستطيع الفصل فيما تريد وفيما تبحث عنه بين هؤلاء الرجال، فينطلق الكاتب هارون الكيلاني في نصه من التفصيل في الأنثى الحقيقية والتي تقاوم من أجل العيش حتى لو في الظلام، لأن هناك لا يوجد بديل لاحتضان بطلة المسرحية والتي تبقى في صراع داخلي ملغم بتعقيدات الحياة وقساوتها. حيث من خلال مجموعة من المشاهد الجميلة والمتناسقة، برزت عدّة قصص لها قاسم مشترك واحد هي الأنثى ومعاناتها في ظل غياب الرأفة بالإنسانية أو التحلي بروح المسؤولية وتأنيب الضمير، فيستعرض كل واحد من هؤلاء قصة يتحكم في زمامها هؤلاء الرجال الثلاثة، لأن الأول يريدها للإنجاب، والثاني للتسلية والمتعة وتمضية الوقت، فيما يرغب الثالث في اغتصابها وانتهاك شرفها، لكن بالمقابل، تضم القصص الثلاث عنصر المفاجأة والتربية وركيزة الأخلاق والشرف التي لا تسمح لها بالخضوع لنزواتهم مهما كان الأمر والعاقبة، فيبرز إذن تمرد أنثى فوق العادة كما وصفها كاتب النص المبدع هارون الكيلاني، ليكسر العرض طابو طال السكوت عنه في المجتمع الجزائري والعربي. وفي السياق أكد المخرج الشاب عبد القادر جريو على هامش العرض بأنّ المسرحية تعتبر بمثابة رسالة واضحة موجهة للرجال الباحثين عن اغتصاب وقتل أنوثة المرأة الجزائريّة، رغم أنها هي الأم والصديقة والأخت والمناضلة، وعلينا احترامها وتقدير مقوماتها الأنثوية حتى لا تنجب مجتمعا عقيما. تجدر الإشارة أنّ مسرحية ”صواعد”، من أداء عدد من الفنانين الجزائريين وهم بلعابد أمينة، ودرعي فاطمة الزهراء، أبوبكر بن عيسى، محمد فري مهدي، مربوح عبد الإله، عبد المجيد بلخادم، فيما وقعّ السينوغرافيا حمزة جاب الله.