بينما ثمنته الجمعيات الشارع ينتقد إنشاء صندوق الطلاق بمجرد إعلان الرئيس بوتفليقة في رسالته للجزائريات في عيدهن العالمي عزم الحكومة على ”التفكير” في إنشاء صندوق للمطلقات حتى انطلقت التأويلات عبر المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والهجوم على هكذا قرار. فقد وصفته أغلب التعليقات برغبة الحكومة في نشر”الرذيلة والفساد والحث على الطلاق ونشر ثقافة خراب البيوت”. الجمعيات النسائية وصفت هذه التفسيرات بغير الواقعية ولا المنطقية داعية إلى النظر بواقعية إلى مشاكل المرأة المطلقة في الجزائر، حيث قالت المحامية نادية ايت زاي أن هذا الإجراء مازال مجرد فكرة واقتراح لم تتباه الحكومة بصورة رسمية. و هو يعد ثمرة نضال طويل وقاسي للنساء الجزائريات منذ الثمانينات، حيث طلبن بتغيير مواد قانون الأسرة بالشكل الذي يتماشى مع كرامة المرأة ومكانتها في المجتمع وما وصلت إليه من انجازات وهو النضال الذي لم يتوقف حتى في أحلك الظروف التي عاشتها الجزائر، حيث كانت المحامية ايت زاي ورئيسة مركز ”سيداف” احد الأعضاء البارزين في اللجنة التي رفعت عام 1994 مقترحات قانون لتعديل قانون الأسرة الذي وضع نصب عينيه إنشاء صندوق دعم المطلقات وهو المطلب الذي تجدد في عام 2005 لتأتي ”نية” بوتفليقة في بعث هذا الصندوق وتعيد النقاش حول وضعية النساء المطلقات إلى واجهة الأحداث. في هذا الصدد، قالت ايت زاي ”لا أفهم كيف يرى البعض في بعث صندوق للتكفل بضحايا الطلاق دعوة للتفكك الأسرى بينما لا يرون في الطلاق الفردي الذي يمارسه الرجال يوميا ورميهم لأطفالهم ونسائهم في الشوارع مع ما يترتب عن كل ذلك من مشاكل اجتماعية من الانحراف ودعارة وتجارة مخدرات وتسول.. أليست كل هذه الظواهر خطيرة وتهدد الأسر بالتفكك؟ تقول ايت زاي خاصة وأن المجتمع الجزائري لا ينمح للمرأة الخيارات التي تجعل منها سيدة نفسها وممارسة مواطنتها فأغلب النساء المطلقات يجدن أنفسهن في الشوارع. حتى لو كن حاضنات للأطفال لان الأسر عادة ترفض استقبال البنت المطلقة خاصة إذا كان لها أولاد، فالمشاكل الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية فرضت الكثير من التغيرات في العقليات والوضعيات يجب اليوم أن نتكيف معها ونجد لها الحلول” تقول ايت زاي. عبد الرحمان عرعار رئيس شبكة ندى، من جهته يرى في إنشاء صندوق لرعاية المطلقات إجراءا قد لا يغير الكثير من نظرة المجتمع للمطلقات لكنه ربما سيخفف من عبئ الإجراءات المادية التي تتحملها المطلقات خاصة الحاضنات للأطفال. وهنا ذكّر بما تعانيه المطلقات من صعوبات الإجراءات الإدارية والقضائية التي تمكن النساء من تحصيل حقوقهن. وذكّر عرعار أيضا بأهمية تثمين هذا الإجراء كوسيلة لحماية الأطفال وضمان حقوقهم في العيش الكريم والكرامة وضمان تنشئتهم في ظروف حسنة، لهذا دعا إلى وجوب فتح الصندوق وتوسيعه للأمهات العازيات الحاضنات لأطفالهن وكذا حالات الانفصال الناتجة عن الخلع والتطليق لان هذا من شأنه أن يوفر للنساء والأطفال ظروف عيش كريمة وما يمكن أن ينتج عنها من مشاكل اجتماعية لا تؤدي في النهاية إلا إلى إعادة إنتاج نفس الظروف ونفس الظواهر. والطلاق يقول عرعار موجود في المجتمع ويبقى موجودا بدليل 15 ألف حالة سنويا وما ينتج عنها من عدد الأطفال المعرضين لكافة أنواع الصدمات والمشاكل الاجتماعية والنفسية والذين يتحولون إلى قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة. من جهتها السيدة سمية صالحي، رئيسة جمعية تحرر المرأة ورئيسة لجنة المرأة في الاتحاد العام للعمال الجزائريين، قالت أن إيجاد إجراءات تطبيق أحكام الصندوق ليست صعبة ويمكن دراستها في إطار القوانين الإدارية والقضائية المهم تقول صالحي وضع مسألة حماية النساء والأطفال في قائمة الأولويات وأكدت أن من يقول أن الصندوق يشجع الطلاق لايعرف الواقع الجزائري لان الطلاق موجود وأرقامه ترتفع من سنة إلى أخرى ليس لان النساء تمردن بل لان هناك واقع جديد في الجزائر بكل مشاكله وصعوباته الاجتماعية والاقتصادية التي تفرض علينا جميعا اليوم التعامل معه كمواطنين رجال ونساء لإيجاد الحلول التي تمكننا من معالجة المشاكل بدل لعنها. وهنا ركزت المتحدثة على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وترقية فرصها كمواطنة لان النساء اليوم يشكلن أغلبية في عدة قطاعات ومنحن فرصة المواطنة الكاملة من شانه أن يحل أعباء عدة. والجدير بالذكر، أن المجتمع الجزائري يحمل نظرة سيئة جدا عن المرأة المطلقة التي تبقى عرضة لكل أنواع الابتزاز والاستغلال المادي والمعنوي فهي مجتمعنا عنوان لفساد الأخلاق وخراب البيوت كما يعني أنها امرأة فاقدة للصلاحية الاجتماعية لأنه وحسب التحليلات الاجتماعية التي تقدم في هذا السياق ما يزال الزواج كمؤسسة اجتماعية في الجزائر هي الإطار الواحد الذي يقاس عليه نجاح المرأة ولا تهم النجاحات الأخرى مهما كانت كبيرة ومثمرة. زهية منصر
قالوا إنه يشجع النساء ”المحڤورات” على التحرر من كوابل الأزواج، خبراء: ”منحة المطلقات الحاضنات.. داء وليس دواء” حذّر عددٌ من الخبراء والمواطنين من إمكانية مساهمة القرار القاضي باستحداث صندوق للمطلقات الحاضنات من حالات الطلاق ببلادنا والتي تعرف منحنى خطير في السنوات الخمس الأخيرة، هذا في الوقت الذي ثمّن فيه بعض الحقوقيون القرار ووصفوه ب”الإنساني والعقلاني” لانتشال شريحة واسعة من المطلقات من أحضان الرذيلة. أكّدت نبيلة حاجي خبيرة علم اجتماع وأستاذة بجامعة الجزائر 2 ل”الفجر”، أن قرار الرئيس المتضمن تأسيس صندوق للمطلّقات الحاضنات لأطفال قصر والذي جاء باقتراح من المجلس الوطني للأسرة وقضايا المرأة، يعد قرار سلبي بالرغم من إيجابياته المتعددة، في إشارة منها إلى إمكانية مساهمته في رفع عدد حالات الطلاق في الأسر الجزائرية، خاصة وأن ربات بيوت كثيرات هن عرضة للعنف الأسري، والحرمان العاطفي والمادي، ومجبورات على تحمل أوضاعهن المعيشية خوفا من التشرد والضياع رفقة فلذات أكبادهن، وأكدت محدثتنا أن عدم التزام الأزواج بدفع النفقات بعد الطلاق والظروف المعيشية الصعبة تجبر عدد كبير من النساء على التفكير ألف مرة قبل الإقدام على اتخاذ قرار الطلاق خوفا من التشرد واللجوء إلى الرذيلة لإطعام أولادهن خاصة وأن أكثر من 50 ألف مطلقة تعيش حياة التشرد وأجبرت على حياة ”البغاء” لتأمين لقمة العيش، إلا أن مثل هذا القرار سيكون محفز لمثل هذه الشريحة للطلاق عوض محاولة إصلاح الأسرة وإعادة خلق روابط بداخلها، محذرة من خطورته على المجتمع الجزائري الذي أحصى 55 ألف حالة طلاق خلال العام الفارط بالإضافة إلى 20 ألف حالة خلع وهي أرقام مخيفة مقارنة بالأرقام المسجلة بباقي الدول العربية. وأضافت محدثتنا أن واقع المجتمع الجزائري أضحى يستدعي دراسة جدية لمحاولة الحد من ظاهرة الطلاق لا إصدار قرارات غير مدروسة من شأنها من رفع الظاهرة، وقالت أنه كان من الأجدر رفع أجور أرباب العائلات الذين لا يتعدى راتبهم 18 ألف دينار لكفالة أسرهم، سيما وأن نسبة كبيرة من حالات الطلاق تكون بسبب المشاكل المادية التي يتخبط فيها الجزائريون كانعدام المأوى وارتفاع تكاليف إيجار الشقق. كما طالبت السيدة حاجي بضرورة مراجعة قانون الأسرة الحالي الذي اعتبرت أنه يحتاج إلى تعديل لمواكبة المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ومحاولة سن مواد جديدة للحد من حالات الطلاق.