أرجع الخبير الاقتصادي كمال رزيق عدم قدرة المؤسسات العمومية على تسديد القروض الممنوحة من قبل الدولة إلى ضعف قدراتها التسويقية في ظل المنافسة الشرسة للبضائع المستوردة من الخارج، وهو الأمر الذي يجعل الوضع المالي صعبا جدا ويجعلها عاجزة عن تحقيق الفائض. شدد كمال رزيق، في تصريح خص به ”الفجر”، على ضرورة حماية المؤسسات وخلق جو تنافسي من خلال منع المؤسسات من الإفلاس، وهي القضية غير المطروحة بالنسبة للدولة، حيث أن هذه الأخيرة تتدخل وتعيد التوازن المالي وإعادته إلى نقطة الصفر فيما يخص الديون المفروضة عليها، وإما الحلول التي يمكن أن تقترحها الدولة لتفادي تسريح العمال في حال إفلاس المؤسسات العمومية هو فتح شراكة مع القطاع الخاص والأجنبي لتفادي هذه الأزمة. وأشار أستاذ المالية بجامعة الجزائر إلى أن هذا العامل المهم جدا في تحسين علاقات المواطنين بالمصارف، دفعهم إلى توجيه كتل نقدية مهمة إلى التداول من أجل خلق الثروة لتحريك دواليب الاقتصاد، باعتبار التمويل أحد أبرز الأسس لتطوير المشاريع الاقتصادية لاسيما تلك التي تحتاج إلى المال، على غرار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. من جهة أخرى، كشف نايت محند عبد العزيز، رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل، أن السياسة الاقتصادية الجزائرية تسير وفق نمط إقليمي يمنح الأولوية للولايات والبلديات، في مرافقة ومساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تعتبر أعمدة الاقتصاد الجواري في ظل اقتصاد الابتكار والمقاولة. دعا نايت محند عبد العزيز إلى ضرورة إعادة النظر في كثير من الأمور المتعلقة بالمؤسسة الجزائرية، تحسبا للمراحل القادمة وضرورة القيام بدراسات علمية تقوم بترتيب ولايات الوطن، حسب مستوى المقاولة بها ودرجة تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من أجل تحفيز هذه المؤسسات وتصنيفها ضمن الإطار الاقتصادي العام.وأوضح رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل أن ضخ ملايير من الدولارات لتطوير البنى التحتية للبلاد هو أحد المعالجات العقيمة، خاصة وأن البنى التحتية لتسيير الاقتصاد غير موجودة في البلاد. فاقتصادنا، يقول نفس المتحدث، يفتقر لحد الآن إلى مؤسسات وهيئات اقتصادية ضابطة ومسيرة بفاعلية، موضحا أن قيمة 150 مليار دولار لتطوير البنى التحتية مبالغ فيها جدا، إذ هي لا تحتاج أكثر من 30 إلى 40 مليارا، وينبغي استثمار هذه الأموال في تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتكريس ثقافتها عبر التكوين وتطوير العنصر البشري. كما ذكر رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل أن 45 بالمائة من تمويل البنوك الجزائرية يوجه لفائدة مؤسسات عمومية قدرتها على تسديد القروض ضعيفة أو غير قابلة لتسديدها، بمقابل نسبة 9 بالمائة من القروض التي توجه لفائدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهي النسبة التي يجب رفعها، إلى جانب غياب مكاتب الخبرة والاستشارة الجادة في إنشاء هذا النوع من المؤسسات. كما يجب الارتكاز على مؤسسات صغيرة ومتوسطة تقوم بإنتاج سلع نهائية، وليس سلعا وسيطة، لتفادي تداعيات الأزمة العالمية بفاعلية. كما دعا إلى جعل الدولة شريكا حقيقيا للقطاع الخاص، مؤكدا على ضرورة اغتنام الظرف الحالي للقيام بتطهير اقتصادي شامل، بما يقصي المتلاعبين ويسهل من الإجراءات الإدارية، والحصول على تمويل للمشاريع، وفي نظرنا، يضيف محدثنا، فإن الوضع الاقتصادي رغم أنه عرف تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة، إلا أن مطالبنا تجاه الحكومة ما زالت تنصب أساسا في رفع الحواجز البيروقراطية أمام المؤسسات حتى تتمكن من تحقيق ما تتطلع إليه البلاد من ازدهار وتقدم.