ستقع الجزائر في ورطة حقيقة وستعصف بها أزمة حادة في حال صدقت توقعات المحلل الاقتصادي، بول ستيفنز، بانهيار سعر برميل النفط إلى 40 دولارا في الفترة المقبلة، ما سينجر عنه انكماش المداخيل وعجز الميزانية والخزينة العمومية والذي سينعكس بدوره على النفقات ويهدد وتيرة تمويل المشاريع المبرمجة في إطار البرنامج الخماسي. ودعا المحلل الاقتصادي في معهد تشاتم هاوس ”المعهد الملكي للشؤون الدولية” في لندن، البروفيسور بول ستيفنز، أمس، دول أوبك ومن بينها الجزائر إلى تنويع مصادر دخلها وعدم الاعتماد على الريع البترولي بالكامل لكي لا تحدث الكارثة في حال انخفاض أسعار النفط إلى ما دون الأربعين دولارا في الفترة المقبلة. مرجعا ذلك لقرار أوبك الأخير بالحفاظ على سقف الإنتاج، وبالمنافسة التى خلفتها تكنولوجيا البترول والغاز الصخرى في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأكد ستيفنز، في حوار خاص ل”الشرق”، أن التكنولوجيا الجديدة لاستخراج النفط الصخري مكنت الولاياتالمتحدة من زيادة إنتاجها من النفط إلى مستويات لم يكن بالإمكان تخيلها قبل خمس سنوات، معتبرا أن أوبك قد أخطأت بافتراضها بأن تخفيض أسعار النفط قد يمكنها من القضاء على صناعة النفط الصخرى في الولاياتالمتحدة. لكن البروفيسور ستيفنز اعتبر أن لدى أوبك ما يبرر مخاوفها التى تدفعها للابقاء على سقف الإنتاج، إذ أنها لا تريد تكرار تجربة الثمانينيات عندما خفضت إنتاجها لرفع الأسعار، في حين رفعت الدول خارج أوبك إنتاجها، محذرا من قرار أوبك الأخير الذي قد يضع دولها في وضع مالي وسياسي خطير. واستبعد ستيفنز المؤامرات السياسية فيما يحدث في سوق الإمدادات البترولية، معتبرا أن الموضوع اقتصادي بحت ولا يتعلق بابتزاز روسيا أو إيران أو الولاياتالمتحدة، لكن الخبير النفطي أكد أيضا أن روسيا في حالة خطر كبير من الجهة الاقتصادية وأن أمريكا وأوروبا تستفيدان من الوضع. ونصح البروفيسور ستيفنز دول مجلس التعاون المنتجة للنفط بالعمل جديا على تنويع اقتصادها وليس مجرد الحديث عن ذلك، واستبعد ستيفنز إمكانية إنشاء محطات الطاقة الشمسية في دول مجلس التعاون لأن المناخ لا يساعد لنصب اللوحات في ظل مناخ عالي الرطوبة ومغبر. أسعار النفط في هبوط حر إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل وعن تقلبات أسعار النفط، قالت ”رويترز” أن أسواق النفط شهدت تعاملات متقلبة في آسيا أمس، حيث هبطت أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت بداية إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات ونصف السنة، بعدما خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لترتفع بعد ذلك أملا في تحسن بيانات الصناعات التحويلية. وفي أوائل التعاملات تراجعت العقود الآجلة لبرنت إلى قرب 60 دولارا للبرميل. على صعيد متصل، أكد خبراء أميركيون أن انخفاض الأسعار يعتبر أكبر داعم للاقتصاد الأميركي، ففي الوقت الذي تراهن فيه دول نفطية على حشر النفط الصخري، يؤكد كبير الاقتصاديين في ”موديز” مارك زاندي أن تراجع الأسعار إضافة كبيرة لاقتصاد الولاياتالمتحدة، فالمكاسب حتى الآن 100 مليار دولار ستنعكس إيجاباً على ميزانية الأسر، فضلا عن انخفاض تكاليف الشحن. أما أوبك فقالت أمس أن نمو الطلب سيتراجع في 2015، علماً بأن فائض المعروض الآن يزيد على المليون برميل. يمكن القول أنه في الولاياتالمتحدةالأمريكية هناك ارتياح بانخفاض أسعار النفط، فيما أن دول أوبك تتخبط في ما بينها في حروب أسعار وحروب حصص تهوي بالنفط إلى مستويات أدنى.