يشكل التغيير الحاصل في مسؤولي قطاع التربية الوطنية والإضرابات العديدة التي شهدتها المؤسسات التربوية، أبزر ما شهدته سنة 2014 التي عرفت تعيين امرأة على رأس أهم قطاع في الجزائر، بعد إطاحة الاحتجاجات التي انطلقت مع بداية هذه السنة برأس عبد اللطيف بابا احمد، قبل مجيء نورية بن غبريط في الوقت بدل الضائع ومع اقتراب الموسم الدراسي2013 /2014، وهو الأمر الذي أجج الوضع وأدى الى خروج آلاف من مترشحي البكالوريا للاحتجاج بحجة قضية العتبة، في ظل الحملة الشرسة ضد أصول المسؤولة الأولى للقطاع. وهو ما سيتم التطرق إليه في ملف حصيلة 2014 الذي سيسلط الضوء على القرارات الجريئة للوزيرة، وأهم مكتسبات 700 ألف موظف، في ظل قرارات أخرى عديدة ارتجالية تعتبر وقودا لانطلاق احتجاجات في 2015، يكون التلميذ المتضرر الوحيد فيها، خاصة مع فتح إصلاحات بن زاغو التي طعنت فيها الوزيرة رغم أنها كانت طرفا فيها، وهذا في ندوة وطنية لم تراع فيها اقتراحات الشركاء الاجتماعيين. سنتان تمران على مغادرة الوزير الأسبق أبو بكر بن بوزيد الذي حمل لسنوات لقب عميد الوزراء بكل اقتدار، قبل أن يتم التخلي عنه ويغادر الطاقم الحكومي في 2012، ليفتح قطاع التربية الجزائرية عهدا جديدا في ظل غيابه، حسبما توقعته أطراف في قطاع التربية. غير أن برحيله ازدادت المشاكل وسار القطاع من سوء إلى أسوأ، بعد تداول عبد اللطيف بابا احمد ثم بالوزيرة الحالية نوريو بن غبريط، حيث لم يأت التغيير الحكومي الذي حصل في 2014، والذي عرف فيه تنصيب امرأة على راس أهم قطاع، بنتائج إيجابية على القطاع، وفق ما أجمع عليه الشركاء الاجتماعيين الذين اعتبروا أن التغييرات لم تسمح بإعادة الاستقرار للمؤسسات التربوية، وهذا بالنظر للكم الهائل من الاحتجاجات التي عرفتها سنة 2014 في عهد الوزير عبد اللطيف بابا احمد او الوزيرة نورية بن غبريط، وهذا مقارنة بالقطاعات الاخرى، وهذا بالرغم من الجهود التي بذلتها الوزيرة منذ مجيئها وفي مختلف المجالات البيداغوجية والمهنية، وهذا بداية بفتح ملف الإصلاحات وتقييم مرحلة التعليم الإلزامي الذي لم يأت بأي جديد، بعد عام من المناقشات على مستوى الولايات، حيث أقصيت عدة انشغالات خاصة بالشركاء الاجتماعيين والفاعليين الحقيقين بالقطاع، باستثناء القرار الجريء الخاص بإلغاء الدورة الاستدراكية لامتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي. وكذا إلغاء وبعد سنوات طوال “العتبة”، التي كانت السلاح الذي يعتمده طلبة البكالوريا لتقليص درور المقرر النهائي بعد كل إضراب يشنها الاساتذة. ويأتي هذا في ظل التراجع المستمر لمستوى التلاميذ والنتائج الكارثية التي لم تتحسن في 2014، ما يبقي قطاع التربية في 2014 على ذات المستوى الذي شهدته السنوات الماضية، بالنظر أن تغيير الطاقم الوزاري وحتى المسؤولين العاملين بالقطاع الذين غير أغلبيتهم بقرارات من الوزيرة الجديدة، لا يأت بجديد في قطاع يستدعي تدخل إرادة الحكومة والسلطات العليا التي بيدها مفاتيح الابواب الكفيلة لإعادة المستوى الحقيقي للمدرسة الجزائرية وإعادتها إلى عهدها، بدل فتح المجال لأطراف تستعمل أزيد من 8 ملايين ونصف فئران تجارب، عبر قرارات ارتجالية ومشاريع إصلاحات تغيير من سنة إلى أخرى، بالنظر إلى عدم اللجوء إلى أسس علمية صحيحة كفيلة بإنجاح التغييرات الحاصلة. إضرابات المدارس حاضرة في 2014 و100 حوار مع الوزارة لم تطفئ نارها الحديث عن حصيلة 2014 في قطاع التربية يجبرنا التطرق إلى اضرابات النقابات وانشغالاتهم، وهذا بعد أن انطلقت هذه السنة باحتجاجات هزت القطاع لأسابيع شارك فيها الأساتذة في كل الأطوار بما فيها المساعدون التربويين وأسلاك عدة، قبل أن تعرف هدوء مع اقتراب الامتحانات الرسمية، لتعود إلى الواجهة في بداية الدخول المدرسي في سبتمبر الماضي، مع إضراب دام إلى غاية الايام الأخيرة لسنة 2014، أي بعد 100يوم من انطلاقه، والذي يتعلق الأمر بالإضراب الاسطوري للمقتصدين الذي اوقفته وزيرة التربية من خلال تمكنها من الظفر بقرار من الحكومة بتنصيب لجنة وزارية للنظر في مطالبهم، ما جعل أطرافا نقابية تعتبر هذه السنة الأسوأ، ما يوحي بأن القطاع سيعرف خلال الثلاثي الثاني اضطرابات واحتجاجات كبيرة، خاصة مع تراجع الوزارة عن المحاضر السابقة، والتضييق على الحريات النقابية، اعتماد الوزارة على سياسة الهروب إلى الأمام في ما يخص القضايا العالقة وخاصة منها قضية الأسلاك الآيلة للزوال، والقانون الخاص. وتخللت سنة 2014 حوارات ماراطونية قامت بها وزارة التربية الوطنية، والتي زادت من حدتها بقدوم نورية بن غبريط إلى القطاع، حيث جندت كل طاقمها بالتفاوض مع الشركاء الاجتماعيين، حيث وصل عدد اللقاءات مع التنظيمات التسعة الناشطة في القطاع الى قرابة 100اجتماع. لكن حسب تصريحات أغلب قادة هذه التنظيمات أن هذا الحوار عقيم، حيث شهدت عهدة الوزيرة - على حد قوله بعضهم - تراجع كبير عن مكتسبات تمت في عهد الوزير السابق بابا أحمد، خاصة مع صدور التعليمة 04 أجج الوضع وزاد توتر القطاع أكثر من السابق، حيث عبرت التعليمة 04 عن تراجع فضيع لمحتوى المحاضر المبرمة في عهد بابا احمد، في ظل أن الوزيرة اتخذت جملة من القرارات ولكن تراجعت عنها ومنها، على غرار القضية التي هزت قطاع التعليم العالي التي تتحدث عن قضية “حرمان أصحاب شهادة ليسانس من التوظيف في قطاع التربية”، واعتماد السؤال الواحد في شهادة البكالوريا. لكن خروج الطلبة أجبر الوزيرة عن التراجع، ما يؤكد - حسبهم - أنها تتخذ في قرارات ارتجالية غير مدروسة رغم أن الوزيرة أكدت أنها لم تتخذ أي اجراءت في هذا القبيل، وأن أطرافا تناقلت معلومات خاطئة عنها. ويأتي كل هذا في وقت عرف الدخول المدرسي 2014 /2015 مشاكل أكثر مقارنة بالسنوات الماضية، بعد أن ارتفعت معدلات الاكتظاظ إلى السقف، أين سجلت أقسام ب65 تلميذا، في ظل إجماع الكل أن الدخول لهذه السنة كان دخولا مدرسيا فاشلا باعتراف كل الهيئات، وأكبر مشكل واجهته الوزارة هو نقص التأطير البيداغوجي والإداري، وما زاد حدته بقاء تلاميذ بدون منحة 3 آلاف دج وبدون كتب، وحتى بدون تسجيل لأشهر طويلة بسبب اضراب المقصدين، وهذا في ظل ارتفاع معدلات العنف المدرسي التي وصلت إلى حد الابتدائي بعد الحادثة الخطيرة التي حدثت مع نهاية السنة، أين تورط طفل في قتل زميله بسبب لمجة، وقضية ثانوية سعيد حمدين أين تعرض تلميذ الى طعنات خنجر، وغيرها من الحوادث الخطيرة التي راح ضحيتها حتى أساتذة. إعداد: غنية توات
قال إن الصراع في 2014 لم يكن صراع نقابة ووزارة وإنما صراع نقابي - نقابي بحاري:”بن غبريط لم تجد الأيادي الممدودة للنهوض بالقطاع”
أكد رئيس نقابة الأسلاك المشتركة والعمال المهنيين لقطاع التربية، بحاري علي، في ما يخص المكاسب المحققة في 2014، أنه “بالنسبة لنا طرحنا كل انشغالات هذه الفئة على الوزارة الوصية بدءا بالسيد بن بوزيد الوزير السابق، ثم الوزير الذي جاء من بعده السيد بابا أحمد، الذي كذلك سلمنا له أرضية المطالب المتكونة من عشر صفحات، وهذا بطلب منه، إلى وصول السيدة نورية بن غبريط الوزيرة الحالية التي طرحنا عليها كذلك انشغالات فئة الأسلاك المشتركة والعمال المهنيين وأعوان الوقاية والأمن، إلا ودار لقمان على حالها، معدا المكاسب التي حققت لفئة التربويين الآيلين للزوال والمنصوص عليهم بالتعليمة 004 والمتممة لها، والتي هي في حقيقة الأمر وثيقة مزورة، لأن تم إسقاط عمدا منها فئة المخبريين التي هي فئة من فئات التربويين وتنتسب فعلا للآيلين للزوال من هذه الوثيقة، والتي تم إعدادها من قبل مدير الموارد البشرية بوزارة التربية الوطنية الذي، لا يستشير أولي الأمر، والمسؤولة الأولى عن القطاع لا تعرف أصلا خبايا ومشاكل القطاع في الوقت الراهن، ولهذه الأسباب هناك من يصطاد السمك في الماء العكر”. واضاف بحاري:”نحن كشريك اجتماعي نعلم جيدا أن التربية يشارك فيها الجميع ويبنيها الجميع، إلا أن الرداءة بسطت يدها على القطاع، وعملت كل ما في وسعها لتهميش الكفاءات التي تريد أن تبنيا مدرسة فعلية وفعالة مثلما أرادها الشهداء، ولكن الوصوليين الانتهازيين الذين نصبوا أنفسهم أولياء على القطاع سيدفعون الثمن آجلا أم عاجلا، لأن المدرسة هي العمود الفقري لكل أمة، وما نورية بن غبريط إلا واحدة من أبناء الجزائر التي جاءت بعزيمة وإرادة قوية لإصلاح ما أفسدته العقول الضيقة التي لا تقبل التفتح على العالم بدفع المدرسة إلى مصاف الأمم، وللأسف الشديد هذه الوزيرة لم تجد الأيادي الممدودة للنهوض بالقطاع، وجدت من يقول نحن ومن بعدنا الطوفان، غاب فعلا الضمير المهني وغابت المسؤولية في حق المدرسة”. أما الحوارات التي قامت بها الوزيرة نورية بن غبريط مع تنظيم النقابي:”هي ثلاثة مرات، نؤكد أن لها العزيمة المطلقة لحل مشاكل فئة الأسلاك المشتركة والعمال المهنيين وخاصة على نطاقها، وكما وعدت أن تسعى مع رئيس الحكومة لحل المشاكل من ناحية الأجور وخاصة القانون الأساسي والنظام التعويضي الخاص بهذه الفئة التي تراكمت مشاكلها، بسبب أولئك الذين أوكلنا إليهم الدفاع عن حقوقنا المادية المهنية الاجتماعية والمعنوية، إلا أن هؤلاء كانوا يمثلون بنا وعلينا”. واضاف المتحدث أنه في حقيقة الأمر الصراع الموجود حاليا ليس بصراع نقابة ووزارة، وإنما صراع نقابي نقابي من أجل التخندق، والإضرابات في سنة 2014 كلها من أجل الإضراب فقط، إذا خرج تنظيم نقابي عن صمته وبدأ يهدد أو الشروع في الاحتجاجات إلا ويقوم تنظيم نقابي آخر بجمع أعضائه ويقوم بما يقوم به الأول. من خلال هذا ندرك أن الثقافة النقابية بقطاع التربية منعدمة تماما، والسبب في ذلك لا توجد نقابة بناءة تقدم للمصلحة العامة إلا من تريد أن تطالب، ولهذه الأسباب المدرسة من سوء إلى أسوأ من ناحية الشكل ومن ناحية المضمون”.
الاتحادية الوطنية لعمال التربية: “2014 هي سنة الحوارات وتلبية المطالب”
أكد رئيس الاتحادية الوطنية لعمال التربية المنضوية تحت لواء المركزية النقابية، فرحات شابخ، أن سنة 2014 عرفت تحقيق مكاسب عدة لعمال القطاع من خلال عدة ترقيات مست أكبر من 242 ألف موظف، مؤكدا أن المكسب الأول يخص ترقية الآيلين للزوال من كل الاصناف، ومخبريين، وعمال إدارة، وموظفين في هيئات التدريس، والمكسب الثاني هو تغيير رزنامة الامتحانات، وبداية تنصيب المجلس الأعلى للتربية. وأشار المتحدث إلى المكتسبات المهمة المحققة لفائدة المقتصدين من خلال منحة تعوض منحة البيداغوجية ومسابقة ثانية للترقيات، قائلا:”بالنسبة الى مطالبنا تقريبا تحققت كلها، بقي الأثر المالي الرجعي للأساتذة المدمجين، والإسراع في إنشاء مناصب لمساعدين تربويين في المدارس الابتدائية”، معتبرا أن الحوار مازال مفتوحا، ما جعل المتحدث يصف سنة 2014 بأنها سنة الحوارات مع الوزيرة والابواب المفتوحة، خاصة بعد تنظيم 12 لقاء مع الوزارة، منها 8 لقاءت مع الوزيرة شخصيا، وهذا في ظل القرارات الايجابية الخاصة ب التوقف بالعمل بالعتبة لرفع المستوى الخاص بالتلاميذ، مؤكدا أن الوزارة لبت عدة مطالب في ظرف قياسي لم يتجاوز 3 أشهر، وهي المهلة التي اعطتها الاتحادية لها، في انتظار تحقيق انشغالات أخرى، منها تفعيل الشراكة الوزارية الثقافة والرياضة والشباب من اجل النشاطات الصيفية في الابتدائي.
ولو أنها لم تكن نهايتها سعيدة بعد التراجع عن الأثر الرجعي للمدمجين “الإنباف”: “عدة مكاسب تحققت في 2014“
اعتبر رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين “الانباف”، الصادق دزيري، 2014 سنة تحقيق جزء كبير من المكاسب، على غرار الادماج والترقيات، لكن كانت نهاية السنة غير سعيدة بسبب تراجع الحكومة عن الأثر الرجعي الخاص ب3 جوان 2012 وحق المعلمين في ربتة أستاذ مكون، والرد السلبي حول منحة البيداغوجية بالنسبة المقتصدين، معتبرا أن الاشكالية ليس في تغيير شخصية الوزير بل في طبيعة المطالب التي تتحجج الوزارة دائما أنها من اختصاص الجهات العليا، رغم انه من المفترض - حسب قول الصادق دزيري - أن تتحول الوزارة إلى نقابة مع الحكومة لافتكاك مطالب القطاع، علما - حسبه - أنه ولو تحققت كل الانشغالات المرفوعة لضمنت الوزارة استقرارا في القطاع لسنوات عدة.