كشفت الأمطار المتساقطة خلال الأيام الأخيرة من الأسبوع، سوء تسيير ملايير الدينارات على أضخم المشاريع دون التفكير في برمجة إعادة توسيع أنابيب البالوعات التي طالما أخدت عليها دراسات كبرى ومخططات على الورق، قبل أن يتم تجسيدها على أرض الواقع منذ حدوث كارثة باب الوادي سنة 2001، دون الحديث عن غياب مخطط استباقي أثناء تهاطل الأمطار بنسب معتبرة رغم نشريات الأرصاد الجوية الخاصة. أدت الأمطار المتساقطة ”صلاحة النوادر” خلال الأيام الأخيرة، إلى فضح عيوب أكبر المشاريع وأضخمها، رغم ملايير الدينارات التي صرفت عليها بشراكات أجنبية، منها الترامواي والطرق الرئيسية الجديدة لربط الأحياء السكنية وغيرها من المشاريع، مقابل مخططات وهمية لأكثر من 10 سنوات بعد كارثة باب الوادي المؤلمة دون أن تفكر لا حكومة سلال ولا مصالح زوخ في إعادة إنجاز البنى التحتية، إلا الاكتفاء بإصلاحها رغم مرور حقبات زمنية متفاوتة منذ عهد الاستعمار. وتحولت العديد من الشوارع الرئيسية وكذا الأحياء السكنية إلى مسابح مفتوحة بعد الأمطار التي تهاطلت عليها مؤخرا، ما أدى لشل حركة المرور عبر عدة محاور وتوقف جميع وسائل النقل الحضري، لاسيما الأكثر استعمالا منها على غرار الترامواي والميترو وحتى الحافلات، فيما وجد المسافرون وأصحاب السيارات أنفسهم محاصرين وعالقين لأزيد من ثلاث ساعات في طوابير طويلة، حيث شهد الطريق الوطني رقم 38 الرابط بين حي مقنوش والسمار اختناقا مروريا بسبب ارتفاع منسوب المياه في الطريق، جراء انسداد البالوعات ومجاري المياه التي لم يكلف رؤساء البلديات مصالحهم بتنقيتها وتطهيرها، مثلما هو معمول به في مثل هذه المواسم استعدادا للأمطار الموسمية، دون الحديث عن الأحياء الشعبية كالحراش والديار الخمس وأحياء بلدية باب الزوار، التي تعرف بطبيعة أرضيتها المشيدة فوق المروج وغيرها، والتي شكل تجمع المياه بها إلى سيول جارفة وصلت إلى نصف متر أحيانا، حيث وجد أصحاب السيارات صعوبة كبيرة بفتح بابها دون الحديث عن هروب ركاب الترامواي. وأبدى المتنقلون وبعض المواطنين سخطهم وتذمرهم الشديدين من غياب مخطط استباقي لمواجهة مثل هذه الظروف، مستغربين لحجم الملايير التي أنفقت في عمليات التهيئة وإعادة تجديد البالوعات على مستوى الأحياء والشوارع لمنع تجمع المياه وتشكل السيول الجارفة، دون التفكير في إعادة توسيع الأنابيب التي تعود للحقبة الاستعمارية، وبلا الحديث عن برنامج خاص لإعادة بناء البنى التحتية. وتساءل أغلب المتحدثين ل”الفجر” عن المصالح الولائية والبلدية التي لم تكلف نفسها عناء تخصيص فرق استعجالية لمجابهة الخطر، الذي كاد يعيد بكارثة باب الوادي 2 للأذهان لولا تفطن مصالح الحماية المدنية التي أدت الواجب بامتصاص المياه عن طريق الوسائل الخاصة بذلك.