كشفت مصادر ليبية ل”الفجر”, أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تجري حوار مكثف مع حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج, من أجل أن يسمح بنشر من تسميهم ب”مستشارين عسكريين أمريكيين” للمساعدة في التصدي لتنظيم ”داعش” الإرهابي. وأكدت أن أعضاء حلف شمال الأطلسي أعربوا أيضا عن اهتمامهم بالمشاركة في أي مهمة عسكرية في ليبيا, والتي قد تكون طويلة الأمد, خاصة مع الإعلان عن إقامة مركز استخباراتي في تونس. وتتوجه أمريكا وأوروبا للتدخل بصورة أكبر في ليبيا بعد الكشف عن وجود قوات خاصة أمريكية وأوروبية تقوم بمهمات استطلاعية وأدوار تدريبية وتسليحية وتقدم خدمات لوجستية إلى قوات محلية, حيث أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاءها الأوروبيين يعلمون أن ليبيا ستكون القاعدة الكبرى والأساسية ل”داعش”, بعد الخروج من سورية والعراق, وهو الخروج الذي كان مقصودا ضمن أجندة الغرب إثر انتهاء مهام التنظيم الإرهابي في المنطقة التي تزداد اشتعالا بالطائفية, للانتقال إلى منطقة شمال إفريقيا, الهدف المقبل للغرب. وحسب التقديرات الأمريكية - الأوروبية, فإن التنظيم يوظف الصراع القبلي والجهوي والسياسي في ليبيا, وترى تلك الدول أن أجواء الفوضى وضعف السلطة المركزية تمثّل البيئة الملائمة لتمدد ”داعش”, كما هي الحال في سورية والعراق واليمن. واستنادا إلى تقرير قدم إلى مجلس الأمن, فإن زعيم ”داعش”, أبو بكر البغدادي, يحظى بنفوذ واسع لدى تنظيمه في ليبيا, وأنه يسعى لتوسيع حدود ”خلافته” في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل, الأمر الذي يقلق أوروبا التي لا تبعد شواطئها عن البحر الأبيض المتوسط عن ليبيا أكثر من 300 كم, خاصة مع تصاعد موجات الهجرة.
... في ليبيا يوجد فريقان من قوات المارينز يتمركزان حول مدينتي مصراتة وبنغازي وقوات بريطانية وفرنسية وإيطالية في الشرق ووفقا لتحركات القوات الأجنبية وتصريحات المسؤولين الغربيين, فإن التدخل في ليبيا سيكون أقل من مستواه في العراق وسورية, إذ يوجد في العراق اليوم 5 آلاف جندي أمريكي على الأرض, تسميهم واشنطن ”مستشارين عسكريين”, بالإضافة إلى الدعم الجوي الذي تقدمه إلى الحكومة العراقية والأكراد, في حين تشن القوات الأمريكية غارات جوية يومية, ضمن تحالف واسع في سورية, وقد رفعت قواتها من 50 إلى 300 عسكري, بهدف توسيع دائرة العمليات. أما في ليبيا, فيوجد فريقان من القوات الأمريكية الخاصة, بمعدل 25 جنديا لكل فريق, يتمركزان منذ أواخر عام 2015 حول مدينتي مصراتة وبنغازي, مهمتهم تحديد الحلفاء المحتملين ضمن الفصائل الليبية المسلحة استعدادا لحرب مرتقبة ضد ”داعش”, بالاضافة إلى جمع معلومات استخباراتية. وتحاط مسألة تواجد القوات الغربية في ليبيا بسرية وتكتم, سواء فيما يتعلق بحجم تلك القوات أو أماكن تواجدها, حيث أبرز قائد القوات الأمريكية في إفريقيا ”أفريكوم”, دايفيد رودريغز, أن عدد الأمريكيين المتواجدين في ليبيا يكفي في الوقت الحاضر. ووفق تسريبات فإنه تحتفظ الولاياتالمتحدةالأمريكية بفرق خاصة في ليبيا, منذ إسقاط معمر القذافي 2011 , وتتواجد في غرب البلاد بين طرابلس والقاعدة الوطنية الجوية, وقدرت أطراف عدد العسكريين الأمريكيين ب500 عنصر حتى نهاية 2015, لكن بعد ذلك تم رفع عددهم ومضاعفة عناصر المخابرات. في المقابل, أبرز خبراء روس أن تنقلات مسؤولين أمريكيين خلال الأيام الفارطة, توحي وتؤشر لاقتراب موعد تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية عسكريا في ليبيا, تحت غطاء محاربة تنظيم ”داعش” الارهابي, حيث تعكف القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا ”افريكوم”, على تحديد عشرات الأهداف في مختلف أنحاء ليبيا, استعدادا لقرار حلف الناتو بدء ضربات جوية, كما يعمل البنتاغون على تحسين التنسيق بين قوات العمليات الخاصة الأمريكية وبين نظيرتيها الفرنسية والبريطانية اللتين لديهما قوات خاصة على الأرض أيضا, من أجل تعريف الحلفاء والأعداء المحتملين في ليبيا.
... إيطاليا لقيادة عمليات تنسيق الحرب على ”داعش” وتدريب القوات الليبية التي سيجري اختيارها لهذه المهمة وتوجيهها وتراهن واشنطن على إيطاليا, القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا, لقيادة عمليات تنسيق الحرب على ”داعش”, وتدريب القوات الليبية التي سيجري اختيارها لهذه المهمة وتوجيهها, وقد تعهدت إيطاليا بالقيام بهذا الدور, وبتخصيص نصف الإمكانات المطلوبة. وحسب قائد العمليات العسكرية الأمريكية في أفريقيا, الجنرال ديفيد رودريغيز, فإن أغلب ما تحتاجه القوات الليبية هو الذخائر والأسلحة الصغيرة, لا الأسلحة الثقيلة, ولكن الأمر يتطلب أولا تحديد الجماعات التي تقبل العمل مع حكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج. ويبدو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية, ومعها حلفاءها الأوروبيين, قد حسموا الأمر باتجاه التدخل في ليبيا, خاصة مع الكشف عن إنشاء مركز استخباراتي للناتو على الأراضي التونسية, فإدارة أوباما لا تريد أن تترك ليبيا ساحة يلجأ إليها التنظيم في حال هزيمته في العراق وسورية, حيث قال وزير الخارجية الأمريكي, جون كيري, في مؤتمر فيينا, المنعقد في 16 ماي الماضي, وشاركت فيه 25 دولة ومنظمة دولية, إنه ”يتحتم على المجتمع الدولي أن يدعم حكومة السراج التي هي الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا, وأضاف أنه ”جميعنا هنا ندعم حقيقة أنه إذا كانت هناك حكومة شرعية وكانت تلك الحكومة الشرعية تواجه صعوبة في مكافحة الإرهاب, فينبغي عدم جعل هذه الحكومة رهينة لتحركات الأممالمتحدة”, وهي إشارة واضحة إلى أن واشنطن وحلفاءها فصلوا في أمر التدخل العسكري في ليبيا, وأن التحضير له يجري منذ مدة في انتظار موعده فقط.