انتظم من 26 أفريل إلى 3 ماي 2017 المعرض الشخصي الثالث للفنان التشكيلي الدكتور سلمان الحجري تحت عنوان ”ضفاف الحُلم”، بمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية الرقة في دبي، حيث شارك بحوالي أربعين عملا. يقدم الفنان الحجري في هذا المعرض زهاء الأربعين عملا فنيا يمكن تصنيفها جميعا على أنها أعمال ذات طابع تجريدي أو رمزي وذات صياغات بصرية ممتعة تقدم رؤى جمالية ذات علاقات مكانية وزمانية متباينة. فالمكان لدى الفنان الحجري متغير وغير ثابت فهو لا يرسم بيئة المحلية التي يعيش فيها فقط – مسقط/ ولاية بدية- إنما يستدعي عديد الأمكنة من ذاكرته. فهناك لوحات تعكس بيئة غير عربية، ويغلب على ألوانها اللون الأخضر وهنا رمزية عالية للفترة التي عاشها الفنان في مدينة سيدني / أستراليا (2003-2005) ومدينة لافبره/ المملكة المتحدة (2008-2012). لدى الفنان الحجري قدرة كبيرة على التعبير على أمكنة مختلفة وأزمنة متباينة سواء بشكل افتراضي أو بشكل واقعي. قد ينبع ذلك من مفهومه الشمولي لهذا العالم، فهو يرى أن الكرة الأرضية بكل تفاصيلها هي بيته، وجميع البشر القاطنين بها هم إخوته، يستنشقون نفس الهواء ويتشاركون نفس السماء، وذلك رغم كل شي. ولقد دللت الأشكال والألوان التي استخدمها الفنان على هذا المفهوم بشكل واضح. فهناك لوحات ذات أشكال وألوان مختلفة عن ما هو متوفر في محيط وبيئة الفنان الحجري. فاللون الأخضر انعكاس لما علق في الذاكرة من أشجار مدينة سيدني المعمرة والمنتصبة على حواف طرق وضواحي هذه المدينة الساحرة، حين كان مكوث الفنان وسط هذه الطبيعة طويلا وممتعا في ذات الوقت. هذا ينسحب على الأشجار التي يجلس تحتها الفنان أوقات طويلة وهو في مدينة لافبره البريطانية. أما على مستوى الأشكال فكثير منها أشكال هندسية كالدوائر والمعينات والمربعات وبعض المثلثات قد تكون متداخلة مع بعضها في عمل فني واحد وقد يطغى شكل هندسي واحد على مستوى عمل معين. تؤسس الخطوط المتموجة كثيرا من هذه الأعمال، وفي ذلك دلالات على الحس الموسيقى لدى الفنان الحجري، وهو ما يعكس شغفه بالموسيقى التي تتحول تلقائيا من مدرك سماعي إلى مدرك بصري. الخطوط المنحنية دلالة على انحناءات كثبان الرمال في بيئة ولاية بدية وأمواج البحر في شواطئ العاصمة مسقط. جاء عنوان معرض ”ضفاف الحُلم” للدكتور سلمان الحجري للدلالة على المكان الذي يرتبط به الفنان الحجري، فهو من ولاية بدية بمحافظة شمال الشرقية بسلطنة عُمان. هذه الولاية المشهورة بالكثبان الرملية والتي تحيط بها واحات النخيل وأشجار المانجو من كل جانب. هي الولاية الغنية بتراثها وثقافتها الزراعية والبدوية مما أهلها أن تكون مكانا سياحيا في السلطنة. ”ضفاف الحُلم” هو محاولة تشكيلية جادة لإعادة تعريف ”المكان” بكل تجلياته من فنان تشكيلي يسعى دائما لتقديم رؤية بصرية جديدة ذات صياغات معاصرة قادرة على تقديم تفسيرات فلسفية وجمالية قد تكون مختلفة مما لدى العامة حول ”المكان” وعلاقة الإنسان به، المكان لدى الفنان ليس مجرد رقعة جغرافية معينة بملامح وخصائص محددة، إنما هو فكرة فلسفية مجردة قد تحتل حيزا كبيرا في ذهنية وذاكرة المبدع، ”المكان” فعل متحرك -وليس ثابت - يؤثر دائما في تحديد نوع التعاطي بين هذا الإنسان ونفسه وبينه وبين هذا الكون بكل ما فيه. المكان في مخيلة الفنان هو المشهد الحاضر دائما في الفعل التشكيلي الذي يمارسه، فهو الحاضن لذكرياته بكل متناقضاتها وتفاصيلها، وهو الدلالة الدائمة على وجوده على هذه الأرض. فالرسم فعل يستلزم استدعاء مشاعر وأحاسيس كلية - قديمة كانت أو معاصرة- شعورية كانت أو لاشعورية. هذا الاستدعاء يحتم الإشارة للمكان والتدليل على ملامحه الرمزية وأهميته في فكر ومشاعر الفنان في لحظة الإبداع. المكان الذي ولد فيه الفنان قد يكون مختلفا عن المكان الذي عاش فيه أو سافر له يوما، أو تألم به ساعة أو استمتع به لحظة معينة. كل هذه الأمكنة تعيش في ذهنية الفنان الحجري وهو يرسم ملامح أحلامه على تلك الضفاف البعيدة. قد يكون بعض هذه الضفاف مرتعا للطفولة وبعضها الآخر مرتعا لمرحلة الشباب الصاخب، وبعضها مكانا لنحت الذات في مرحلة الدراسات العليا. الدكتور سلمان الحجري فنان تشكيلي ومصمم جرافيكي وباحث في مجال الفنون البصرية. أكاديمي هو أستاذ التصميم الجرافيكي المساعد بقسم التربية الفنية بجامعة السلطان قابوس. في عام 2014 حاصل على الجائزة البرونزية في التصميم في أكبر مسابقة عالمية للتصميم بإيطاليا A'Design Award & Competition. للحجري مشاركات بمعارض محلية ودولية كثيرة وقد شارك بالعديد من المعارض بالسلطنة، محاضراته في مؤتمرات الفنون في كل من شيكاجو، لندن، جلاسكو، وكوبي باليابان، كرواتيا، روما، عمَّان، الكويت، البحرين، وغيرها. يقدم تجربته الحروفية برؤية معاصرة وبخطاب تشكيلي متجدد يتميز بالبساطة والقدرة على التأثير. تتميز أعماله بالتنوع في الإتجاهات التشكيلية كالتجريدية والتعبيرية، والفنون الرقمية المعاصرة. الحجري عضو بالجمعية العُمانية للفنون التشكيلية ومرسم الشباب والكثير من المؤسسات الفنية والعلمية. يسعى الحجري لإزدهار التصميم الجرافيكي في السلطنة.