كان هذا الحدث الثقافي والاقتصادي بمثابة جسر للتواصل بين العديد من الحرفين و الممتهنين لفنون الطبخ التقليدي و القادمين من 10 ولايات عبر الوطن إلى جانب المنطقة المنظمة تيزي وزوالتي شاركت بوفود من "عزازفة" و "بوغني" نجد ولايات البليدة، خنشلة، بومرداس، إلى جانب ورفلة و أم البواقي مع جيجل و البويرة. سبعة أصناف من الخضر و البقول لتحضير طبق الكسكسي العملاق حيث التقى زوار عاصمة جرجرة لمدة ثلاثة أيام كاملة في رحاب التعارف و تبادل التجارب حول كيفية إعداد طبق الكسكسي الضارب جذوره في تقاليد الجزائريين لا سيما سكان منطقة القبائل حيث يمثل الذاكرة التاريخية و الجماعية لأهل المنطقة كونه يحضر في كل المناسبات الرسمية منها الأفراح كالأعراس و حفلات الختان وغيرها والأحزان كالجنائز. كما يحضّر الكسكسي بولاية تيزي وزو عند حلول رأس السنة الأمازيغية المصادفة ل 12 جانفي من كل سنة والذي يتم مزجه بمختلف أنواع الخضروات و البقول الجافة شرط ألا يتعدى عددها 7 أصناف حسب الروايات القديمة التي تداولها أجدادنا. كما أن الشيء الذي فتح الشهية أكثر للوفود المشاركة الذين ذاقوا طبق الكسكسي العملاق المقام ببهو دار الثقافة "مولود معمري" هو حضور فرقة "اضبالن" المحلية التي كادت أن تُرقص العديد من هؤلاء كانوا قد جاؤوا لمشاهدة مختلف ما جادت به أنامل المرأة الجزائرية في مختلف الحرف التقليدية بما في ذالك الطبق الكسكسي الذي يعتبر ملك الأطباق في المناسبات الرسمية، أضف إلى ذالك اكتشافهم بالمناسبة التقنيات المستعملة في الألبسة التقليدية على شكل معرض متواصل احتضنه بهو دار الثقافة "مولود معمري". كما أثرت النقاش الآنسة "شايبي" من خلال المحاضرة التي ألقتها حول فنون الطبخ المختلفة والتي ركزت أكثر على تلك المنتشرة بمنطقة القبائل لما لها من مميزات خاصة مقارنة بالتقنيات المستعملة في مجال الطبخ عبر عدد من ولايات الوطن. بلدان شمال إفريقيا أول من عرف الكسكسي في القرن 19 وأسهبت بكثرة في موضوع الجذور و الأصل الحقيقي للكسكسي و الدول الأولى التي عرفت هذا الفن من الطبخ والذي تضاربت بشأنه الروايات، فمنهم من قال إن اصله الحقيقي من الصين لكن دراسات حديثة أثبت خطأ الفرضية عندما أرجع العديد من المختصين و الباحثين في هذا المجال أصل هذا الطبق العريق إلى إفريقيا الشمالية بالضبط في القرن التاسع عشر عندما تم العثور من طرف علماء الآثار على بقايا لأواني الطبخ تستعمل في تحضير الكسكسي الذي أخذ في الانتشارعبر البلدان العربية لتصل اليوم شهرته إلى غاية الدول الأوروبية. و كانت للمشاركين في هذا الصالون الوطني الأول من نوعه فرصة تنظيم خرجة ثقافية إلى بلدية تيفزيرت السياحية أين تم الوقوف عن قرب على أهم ما تزخر به هذه المنطقة التي تعاقبت عليها الحضارات آخرها الرومانية أين تلقوا شروحات و تفسيرات وافية عن المراحل التي ميزت تيفزيرت التي يستوجب اليوم حماية آثارها من أي وقت مضى كونها معرضة للنهب من طرف مجهولين و آخرين فضلوا استعمال حجارة الرومان في تشييد مساكنهم الخاصة، هذا في الوقت الذي تستعد السلطات المحلية لتيزي وزو لتنظيم الصالون الوطني الثاني للطبق التقليدي الكسكسي مطلع 2009 بمناسبة رأس السنة الأمازيغية. كما يسعى المجلس الشعبي الولائي لتخصيص مبلغ مالي من ميزانيته الخاصة لتنظيم معرض كبير على شكل فضاء موحد سيجمع كل الحرفيين على المستوى الولائي في مختلف المجالات للاحتكاك بينهم و دراسة آفاقهم المستقبلية كل في مجال تخصصه.