بعيدا عن ارتفاع الواردات الجزائرية من السلع، سواء من المواد الغذائية أو المنتجات الصناعية، تشكل واردات الجزائر من الخدمات جانبا جديدا يعكس النزيف الكبير الذي تعانيه الجزائر في مجال تحويل الأموال؛ إذ يتوقع أن تتجاوز فاتورة واردات الخدمات 11 مليار دولار هذه السنة، مقابل 5.56 مليار دولار خلال السداسي الأول من السنة الحالية. الخدمات التي تشمل عمل مكاتب الخبرة والدراسات وما يتم توفره لقطاعات النقل البحري والجوي وخدمات البناء والأشغال العمومية، فضلا عن البنوك والتأمينات تشكل عبئا كبيرا، بالنظر لنقص الخبرة الجزائرية من جهة واللجوء المكثف لمكاتب الدراسات والخبرة الأجنبية ومكاتب التدقيق الحسابي وغيرها من المكاتب الدولية التي تعتبر السوق الجزائري خزانا يتضمن فرصا كبيرة لجني الأرباح. ورغم فتح عدد من المكاتب الدولية مثل "كا بي أم جي" و"جيد لويات نويل" فروع لها بالجزائر، فإن أكبر المكاتب الدولية مثلما يعرف حاليا بالأربع الكبار "دولويت، أرنست أند يونغ، كا بي أم جي، برايس ووتر هاوس كوبر"، تجني الملايين في الجزائر جراء عمليات الخبرة والدراسات التي يقوم بها خبراؤها بمتوسط أجر يومي يتراوح ما بين 700 دولار و2000 دولار لليوم، حسب درجة الخبير وطبيعة الدراسة والخبرة التي يتم القيام بها. وقد أسندت لهذه المكاتب أكبر الدراسات وعمليات التدقيق الحسابي والدراسات القطاعية التي تخص أكبر الوزارات والهيئات، بما في ذلك الاستراتيجية الصناعية الجزائرية التي قامت بها "أرسنت أند يونغ" وعمليات التدقيق الخاصة التي خصت القرض الشعبي الجزائري والتي قامت بها "كابي أم جي" والدراسات الخاصة التي استفاد منها البنك الخارجي الجزائري لعصرنة أنظمة التسيير والرقابة والدفع بفضل مكتب فرنسي متخصص. وقد لوحظ خلال السنوات الماضية لجوء كبير للخبرة الأجنبية فضلا عن تبعية الجزائر في مجال الخدمات بما في ذلك مجال إعادة التأمين لدى أكبر الشركات العالمية للتأمينات مثل "أكسا" و"لويد" و"أمريكان للتأمينات العامة" بما في ذلك كافة منشآت سوناطراك وسونالغاز. وقد عرفت قيمة واردات الخدمات في الجزائر ارتفاعا محسوسا خلال السنوات الماضية؛ حيث قدرت ب 6.93 مليار دولار عام 2007 بينما قدرت ب 5.56 مليار ما بين جانفي 2008 ونهاية أوت 2008 وبأكثر من 7.5 ملايير دولار خلال الأشهر التسعة الماضية. وتبقى الخدمات الخاصة بالنقل الجوي والبحري والخدمات التقنية وقطاعات التأمينات والمصارف والأشغال العمومية والبناء من أهم القطاعات التي تمثل أكثر من 76 بالمائة من إجمالي قيمة الواردات في هذا المجال.