"من أين لك هذا؟".. تساؤل ردده الكثير من المسؤولين وصارت جملة متداولة حتى على ألسنة العامة من الناس في السنوات القليلة الماضية في أعقاب بروز أثرياء جدد فيهم من يحوز على أموال جاوز أحيانا ما يتعامل به بنك ما، كما أن السلطة أخرجت حينها قرارا لسنا ندري إن طبق أم لا، يلزم كبار المسؤولين بالتصريح بممتلكاتهم، غير أن الواقع يقر أن الثراء الجديد اتسعت دائرته وصار أصحاب الملايير لا يقدر عددهم بالعشرات أو بالمئات، بل بالآلاف وربما أكثر.. ودخلت بلادنا بقوة معركة تبييض الأموال... "من أين لك هذا؟" اختفت وظهرت بقوة "كم معك؟" ومن ثمة "ماذا تساوي؟" وصار أرباب الأموال الضخمة يتحكمون في زمام أمور المال والاقتصاد وحتى السياسة فظهر أثرياء جدد وأسماء تدير مئات أو آلاف الملايير أو قل الله وحده يعلم كم قيمة رأسمالهم؟ رئيس خلية الاستعلام المالي، السيد أمغار، أشار أول أمس إلى أن تحقيقات فتحت بشأن الأثرياء الجدد وبارونات الاستيراد وأن قرابة 140 قضية هي حاليا قيد التحقيق وأن عدد التصريحات المتأتية من البنوك العمومية بشبهة تبييض الأموال في ارتفاع مستمر وقد تم تحويل قضيتين على العدالة .. ويبدو جليا من خلال تصريحات أمغار أن العقار المنقول وغير المنقول يشكل المصدر الأساسي لتبييض الأموال وأنه باستثناء البنوك فإن لا أحد من المعنيين على غرار الموثقين والمحامين والوكلاء العقاريين ومحافظي الجمارك وكافة المهن الحرة يفضلون التهرب وعدم الإبلاغ عن شبهات تبييض الأموال وهو ما يعني أن هناك ضعفا من قبل أجهزة الدولة الخاصة بمكافحة مثل هذه الجرائم وإما هناك تواطؤ ؟ المؤكد أن الأثرياء الجدد عندنا في تزايد مستمر وأن أجهزة الرقابة غير مجدية خاصة عندما يتعلق الأمر بأشباه مستوردين ومستثمرين قليلا ما تستفاد من أموالهم خزينة الدولة أو المواطن، فهم غالبا ما يدفعون ضرائب بعيدة عن التقديرات الحقيقية لأسباب مختلفة، كما أن مناصب الشغل التي كثيرا ما يتحدثون عن خلقها بعيدة عن الأرقام المقدمة وهو ما يجعل الثراء سلبيا على المجتمع فالمطلوب اليوم إعادة بجد طرح سؤال من أين لك هذا؟ ومحاسبة تبنى على واقعية وحقائق لمحاصرة أشكال تبييض الأموال والنهب وضرب الاقتصاد الوطني.