يقال أن سقراط الفيلسوف الحكيم، خرج يوما في وضح النهار حاملا بيده شمعة، سأله الناس عن الجدوى من ذلك، فأجابهم أنه يبحث عن صديق. مع الأسف هوالحال الذي نعيشه اليوم، حين يتعلق الأمر بالبحث عن مسؤول نظيف، فالنبش في قضايا الفساد فجر تلك الروائح النتنة من أغلب المصالح لدينا، فكلما فتحت مصالح الأمن تحقيقا في مصلحة معينة إلا وظهر منها ما لم يكن يتوقع، فسلسلة المتهمين داخل مختلف المسؤوليات وحجم الفساد، يجعلك تتخيل أن الأمر لا يتعلق بخطأ مسؤولين وإنما أمام عصابات تدرجت في عالم الاختلاس، ربما لهذا صارت الكثير من المصالح تسير بدون مسؤول لها، ربما لصعوبة إيجاد مسؤول نزيه يزهد في العسل، أومسؤول على الأقل " يلحس " أصبعه فقط حين يغمسه في العسل ولا يأخذ العسل كله، كما هوحاصل الآن، وربما مصيبتنا في تجاوزنا على الذين " لحسوا " وتذوقوا بعضا من العسل، فوجدوا أنفسهم يسبحون فيه بسبب الصمت واللامبالاة ، وعقلية " تخطي راسي " حتى وقعت الفأس فوق رؤوسنا كلنا، وها نحن أمام خزينة مليئة بالأموال لكن الكل معلق قلبه بها وقليلون جدا يقبضون على قلوبهم خوفا عليها، وأغلبهم يجهز نفسه للعوم في العسل، حتى لسعات النحل ما عادت تهم مع بشر جلودهم كأنها جلود تماسيح، والأغرب أنه رغم فتح قضايا الفساد، زاد انتشاره، ولسنا ندري إن كان الأمر فسادا قديما، أوهوسباق مع الزمن لتهريب أكبر قدر من خيرات البلاد، ولا يهم بعدها السجن إن كان بعض سنون تمر في النوم في "الخير والخمير".