تفتقد صيدليات ولايات الوطن منذ فترة لعدة أنواع من الأدوية، وهو الوضع الذي وقفت عليه صيدليات العاصمة وضواحيها، وتفاقمت الأمور أكثر مع الظروف الصعبة التي يعاني منها المواطن والناجمة عن الإضطرابات الجوية الأخيرة، التي ميزت الفترة الشتوية الباردة، إذ يعاني وبالدرجة الأولى أصحاب الأمراض المزمنة جراء ندرة عدة أنواع من الأدوية التي أصبح اقتناؤها من قبل المرضى أحد المستحيلات، نظرا لندرتها وأسعارها المرتفعة، مما جعل أقارب المرضى وذويهم في رحلة غير منتهية بحثا عنها. ندرة الأدوية أرّقت أصحاب الأمراض المزمنة وفي جولة قادت «السياسي» إلى بعض المراكز الصحية المتواجدة بالعاصمة، أبدى العديد من المرضى استياءهم من نقص وندرة بعض الأدوية التي لم تقتصر على مرض معين فقط، بل شملت جميع أنواع الأمراض خصوصا تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة، والتي لا يستطيع مصابوها المقاومة وتحمل الآلام والأعراض الجانبية التي تنجم جراء عدم تناول المرضى لأدويتهم الخاصة وفي الأوقات المحدّدة، حيث أكدت المواطنة «خديجة»، البالغة من العمر 24 سنة وهي مصابة بداء السكري، أنها تقوم بوضع حقنة الأنسولين بمعدل ثلاث جرعات في اليوم، الأمر الذي يجعل دواءها ينفد بسرعة وأفصحت أنها في بعض الأحيان تتوجه مباشرة إلى أحد الصيادلة لطلب عبوة أنسولين قبل أن تنتهي الأولى، وأبدت ذات المواطنة تخوفها من عدم توفرالأنسولين خاصة أثناء الإضطرابات الجوية، هو ما يسبب لها قلقا شديدا بما أنه أحد الأدوية الرئيسية لتخفيض معدل السكري في الدم، أما عن ثمنه، فيفوق ال1250 دج، وفي ذات الجانب، أكدت المواطنة «سليمة»، التي تبلغ من العمر 45 سنة، أنها تعاني من مرض ضغط الدم الذي أجبرها على تناول دواء «ديدغاكس» وكشفت أن بحثها عن هذا الدواء زاد من شدة قلقها، خصوصا أنه يعمل على خفض نسبة الضغط، مشيرة إلى أنها يوميا تتجه إلى العديد من الصيدليات بحثا عنه ولكن دون جدوى، كما أضافت سليمة أنها تقوم بإعطاء «ماركة» الدواء للعديد من أقاربها من أجل البحث عنه في مناطق أخرى.
الصيادلة يؤكدون: «الأمر خارج عن نطاقنا والطلب فاق العرض»
أما الصيادلة من جهتهم، فقد أكدوا أن الأمر خارج عن نطاقهم باعتبار أنهم لم يتلقوا أي تفسير عن أسباب المشكلة من موزعي الأدوية، حيث أكد «مصطفى»، صيدلي بالعاصمة، أن نقص الأدوية هي أزمة مسّت جميع ولايات الوطن وهذه الأزمة لا يعاني منها المريض فقط بل الصيادلة أيضا، كون أن الطلب على الأدوية غير المتواجدة على مستوى الصيدليات عرفا تزايدا كبيرا وهذا ما يخلّف نوعا من عدم ثقة المريض بالصيدلي، وأضاف نفس الصيدلي أن الأدوية التي تتوفر وبشكل كبير لدى أغلب الصيدليات تتعلق بالفيتامينات وأدوية الكالسيوم التي لاتعرف إقبالا كبيرا عليها، ومن جانبه، كشف الصيدلي «فاتح»، أن الفترة الحالية التي تميزت بالبرد والثلوج التي غطت معظم ولايات الوطن وغلقت معظم الطرق الرئيسية، ساهمت كذلك في ندرة الأدوية خصوصا بالمناطق النائية التي تواجه صعوبات كبيرة، إذ أكد أن معظم الصيادلة ومن مختلف الولايات يتصلون بموزعي الأدوية من أجل الحصول على كميات من الأدوية، لكن بعض الموزعين وجدوا صعوبات في التنقل إذ أكد أن توجه معظم الموزعين يكون بإتجاه الولايات الأخرى لكن مع التقلبات الجوية لا يستطيعون الوصول إلى بعض المناطق التي غطتها الثلوج، حيث أبرز المتحدث أن مرضى السكري هم الأكثر تضررا جراء ندرة الأدوية إلى جانب مرضى الربو، كما كشف عن أهم الأدوية التي شهدت ندرة هذه الأيام منها «فولتولين» الخاص بأمراض الربو، «بريكورتيل» وهو نوع من ال«كورتيكوويد» يتناوله مرضى السرطان والربو وبعض الأمراض الأخرى، وكذلك «ديدغاكس» الخاص بمرضى ضغط الدم، وحتى «هيبتاجيل» المخصص للحساسية شهد ندرة هذه الأيام.
عابد: «هذه المشكلة يجب أن تعالج بصرامة»
أكد عابد فيصل، رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، أن هناك الكثير من الأدوية عرفت ندرة خصوصا خلال هذه الأيام التي يصعب فيها توزيع الأدوية، وحسب رئيس النقابة، فإن هذه الندرة لم تنحصر على المناطق النائية فقط، بل طالت حتى الصيدليات المتواجدة على مستوى العاصمة وضواحيها، حيث شهدت هي الأخرى هذه الندرة، وأبدى عابد حيرته من كيفية تغطية الطلب المتزايد يوميا، حيث أشار رئيس النقابة الوطنية للصيادلة إلى أن الصيادلة يلجؤون في غالب الأحيان وبصفة خاصة خلال هذه الفترة إلى إرسال وجلب الأدوية عن طريق سيارات الأجرة التي تعمل خارج الولاية، وأبدى تساؤلاته المتعلقة بمن وراء ندرة الأدوية التي مسّت جميع ولايات الوطن؟ في انتظار جواب صريح لهذه المشكلة.