أصبح كبش العيد الهاجس الكبير الذي يلاحق جميع الجزائريين هذه الأيام، بعد تسجيل ارتفاع جنوني في الأسعار التي وصلت إلى 11 مليون دينار، وهو ما لم يعد يصدقه العقل، حيث أرجع العديد من أهل الاختصاص ذلك إلى وجود نقص فادح في منتوج المواشي، موجهين أصابع الاتهام إلى المضاربين والوسطاء الذين عملوا على إيجاد هذه الندرة للتلاعب بالأسعار. أرقام مغلوطة تخفي النقص المستمر في إنتاج المواشي كشف مصدر مسؤول من غرفة الفلاحة ل«السياسي»، بأن هناك نقص فادح في الإنتاج الوطني للحوم بصفة عامة وخاصة ما يتعلق بالكباش والأبقار، مضيفا بأن هذا النقص في الإنتاج هو الذي فتح الباب أمام المشاكل الأخرى التي تعمل على رفع أسعار المواشي من مضاربة وظهور الوسطاء الذين يسيطرون على السوق. وأشار هذا المسؤول إلى أنه لا يوجد علف ومزارعين حقيقيين يهتمون بتربية المواشي، ويشير المتحدث إلى تهرب الموالين من الاهتمام بتربية المواشي في الهضاب العليا وفي المناطق الرعوية، حيث أكد أن الآلاف من الكيلومترات في هذه الأماكن شبه خالية من المواشي عكس ما كان عليه الوضع سابقا. وأوضح ذات المصدر بأن هذا النقص الموجود في إنتاج المواشي في زيادة مستمرة ولا يعكس الأرقام المعلن عنها، خاصة عندما أصبح العديد من الأشخاص يذبحون النعاج، مما سيؤثر سلبا على التكاثر، مضيفا بأن بهذه الطريقة التي تهدّد الثروة الحيوانية فسحت المجال أمام المضاربين للتلاعب بالأسعار خاصة عند اقتراب موعد عيد الأضحى، وبيّن ذات المصدر بأن نقص الرقابة في هذا القطاع أدى إلى ارتفاع أسعار الأضاحي. اتحاد التجار: «وسطاء لا علاقة لهم بتربية المواشي يتلاعبون بأسعارها» أكد الحاج الطاهر بولنوار، الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، في اتصال ل«السياسي» بأن هناك أشخاصا لا علاقة لهم ببيع المواشي ولا يملكون أي وثيقة تسمح لهم ببيع المواشي، مما تركهم يتلاعبون بالأسعار، مضيفا أن سوق المواشي صعب أن تتحكم فيه أسبوعين قبل عيد الأضحى، فهذه العملية يجب التخطيط لها أشهرا قبل هذا الموعد الهام. وأبرز يولنوار بأن الإنتاج الوطني للمواشي يشهد نقصا واضحا، حيث لم يتغير عدد المواشي منذ عدة سنوات ما بين 20 و22 مليون رأس مما يبين بأن الإنتاج جد قليل، مضيفا في نفس السياق بأن هذا النقص هو الذي يشجّع على المضاربة ودخول الوسطاء الذين لا علاقة لهم بالقطاع، لكنهم استغلوا نقص المراقبة وتلاعبوا بأسعار المواشي. وأشار الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفين الجزائريين إلى ان قضية الموالين الذين يقومون بتخزين المواشي ثم عرضها للبيع في المدة الأخيرة عملة ذات وجهين، فكما تعمل على رفع الأسعار، تقوم بخفضها أيضا، ويضيف المتحدث بأن المشكلة هي قضية الوسطاء والمضاربين الذين يتلاعبون بأسعار المواشي. وقال بولنوار بأن استيراد اللحوم هو السبب وراء تحطم المنتوج الوطني لأن الاستيراد لم يعمل على خفض الأسعار. وفي سياق ذي صلة، يضيف بأن المنتج المحلي عندما أصبح يسمع بتواجد المستوردين خفّض من نسبة الإنتاج وهذا ما يساهم في النقص. حريزي: «غياب التنظيم والمراقبة سبب ظهور المضاربين» أوضح حريزي زكي، رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك في اتصال ل«السياسي»، بأنه يوجد أناس يوجدون الندرة كي يتلاعبوا بأسعار المواشي، مضيفا بأن كل ذلك راجع لغياب التنظيم والمراقبة وبأن المنتوج الوطني أيضا لا يزال يعاني وبشكل كبير لأنه لازال يعتمد على الطرق التقليدية في الرعي وتربية المواشي. وأشار حريزي إلى أن مشكلة غلاء أسعار المواشي لها عدة عوامل أهمها الوساطة التي أهلكت القطاع بصفة عامة والمواطن على وجه الخصوص، فلا تجد أي منتج يقوم ببيع سلعه للمستهلك مباشرة إلا بعد دخول الوسيط يبنهما، ويضيف رئيس فيدرالية المستهلكين الجزائريين بأن المشكلة الثانية هي التهريب الذي يهدد الثروة الحيوانية في الجزائر بالإضافة إلى عدم توفر الجزائر على أسواق كبيرة ومخصّصة للبيع حيث يلتقي المنتج مع المستهلك مباشرة، ناهيك عن الوساطة الموجودة أيضا في الحصول على العلف الذي يباع ب1900 دينار من طرف المنتج، حيث يقوم الوسيط ببيعه ب3000 دينار وهذا ما يزيد حتما في رفع الأسعار. وبخصوص الحلول المناسبة لهذه المشاكل، قال حريزي بأنه يجب تنظيم أسواق المواشي والتركيز على الرقابة ومتابعة الموالين في جميع الخطوات، خاصة ما يتعلق بالوثائق، مضيفا بأنه على المستثمرين والمنتجين التخلص من الطرق التقليدية في الإنتاج والبحث عن تقنيات جديدة تقرب المستهلك من المنتج. وزارة الفلاحة والتجارة تتبادلان التهم من جهتها، تبرأت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية من مشكلة الانتشار الكبير للوسطاء وتفشي المضاربة عن طريق تخزين رؤوس المواشي أياما قبل عيد الأضحى المبارك، وكشف المكلف بالإعلام في وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في اتصال ل«السياسي» بأن ردع المضاربين والوسطاء ليس من مهمة وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، وأشار جمال برشيش إلى أن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية تقوم بتسيير المنتوج بصفة عامة، بالإضافة إلى مساعدة الفلاحين لتقديم المنتوج في ظروف جيّدة، مضيفا بأنها تقوم بمراقبة الفلاحين وليس المضاربين والوسطاء، لان هذا العمل يدخل ضمن أولويات جهات معنية أخرى لها دورها في مراقبة السوق. فيما ردت وزارة التجارة عن مشكلة المضاربة والوسطاء بأن أسعار اللحوم لا تخضع لقانون معين، حيث أكد فاروق تيفور، المكلف بالإعلام في وزارة التجارة في اتصال ل«السياسي»، بأن الأسعار دائما ما تتعرض لمنطق العرض والطلب وأن وزارة التجارة لا تملك مؤسسات لبيع المواشي، مضيفا بأن كل الإجراءات التي تتعلق بالمواشي من مسؤولية وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، فهي التي تملك الديوان المختص في بيع اللحوم، وأشار تيفور إلى أن وزارة التجارة تقوم بمراقبة أشياء أخرى بعيدة عن أسعار اللحوم التي لا تخضع أسعارها لقانون معين، ويضيف المتحدث بأن وزارة الفلاحة هي المسؤول الأول عن وفرة المواشي.