تشهد أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعا جنونيا، حيث استقرت منذ الأشهر الأخيرة في سقف يصل الى 1000دج للكيلوغرام الواحد، مما انعكس على الاستهلاك و جعل المواطنين يتوجهون الى اقتناء اللحوم المجمدة التي تعد أقل سعرا مقارنة باللحوم التي تعرضها القصابات. تشير أرقام واردة من وزارة الفلاحة والتنمية الريفية أن منتوج الثروة الحيوانية في الجزائر يحقق فائضا ب 4 مليون رأسا ماشية سنويا، إلا أن ذلك لم ينعكس على أسعار اللحوم الحمراء التي ما تزال ملتهبة تتجاوز حاليا 900 دج للكيلوغرام الواحد من لحم الغنم. لم ترافق وفرة إنتاج الحبوب توقعات مستهلكي اللحوم الحمراء، فعلى الرغم من أن أسعار المواد العلفية المتمثلة في الشعير قد حظيت بدعم من طرف الديوان الجزائري للحبوب لصالح الفلاحين والموالين، بالاضافة الى ما جادت به السماء من أمطار مكنت من توفير الكلأ، إلا أن أسعار اللحوم تعرف التهابا غير مسبوق منذ عدة أشهر. وحسب التطلعات، فإن الموسم الفلاحي الحالي سيكون أحسن من سابقيه، خاصة و أن سعر القنطار الواحد من الشعير نزل من 1600 دج للقنطار، في حين يقتنيه الديوان الوطني للحبوب من منتجين ب 2500 دج للقنطار، فمن المتسبب في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالنحو التي هي عليه حاليا؟ يرجع المهنيون أسباب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء الى التجار والمضاربين الذين رفعوا هامش الربح حسب ما يريدون تحقيقه، وبالطبع يتم ذلك في غياب الرقابة. وفي خطوة تدعيمية جديدة رصدت الجزائر 24 مليار دج لحماية ثروتها من المواشي المقدرة ب 20 مليون رأس، وجاء الإجراء بعدما شهدت السوق الوطنية أزمة حادة في الأعلاف السنة الماضية، جعل الدولة تتخذ قرار استيراد 3 ملايين طن من الشعير كعلف للمواشي. تستورد الجزائر مئات الاطنان من اللحوم الحمراء المجمدة شهريا، في حين أن الانتاج الحيواني يكفي حسب المختصين الاستهلاك المحلي، وبالتالي ممكن أن تنخفض هذه الكمية المستوردة، وكذا فاتورة الاستيراد، وهي مقارنة تداركتها السلطات العمومية بشكل سيعين تسويق الماشية وجعلها في منأى عن لعنة الفوائض غير المستغلة. وقد كشف وزير التجارة الهاشمي جعبوب مؤخرا عن إمكانية استيراد وشراء قطعان من الغنم و ذبحها واستغلالها في حالة اختلال العرض، مذكرا بأن الوزارة الآن تتدخل في تحديد الاسعار، لأن التوقعات تشير الى إمكانية ارتفاع أسعار الكباش، خاصة و نحن على مقربة من عيد الأضحى المبارك. وللتذكير فالجزائر تزخر بثروة هائلة من المواشي، وهو ما يجعل بلادنا في غنى عن اللجوء لأي استيراد و يبعد شبح الندرة، غير أن حمى التهريب والمضاربة التي تشهدها في الأعياد والمناسبات جعلت الوفرة لا تصنع للود قضية، علما أن عيد الأضحى الذي يقترب موعده يشهد استهلاك 2,5 مليون خروف.