قدم صباح يوم الاثنين بالجزائر العاصمة أمام الصحافة العرض الأول للفيلم الطويل البئر لمخرجه لطفي بوشوشي، الذي يروي وقائع محاصرة جنود الاستعمار الفرنسي لسكان قرية نائية بمنطقة الجنوب إبان الحرب التحريرية. يطرح هذا الفيلم الروائي الأول لبوشوشي، المعروف أكثر كمنتج، على مدى 90 دقيقة معاناة سكان قرية صغيرة معظمهم نساء وأطفال في الحصول على الماء لهم ولحيواناتهم بعد أن طوقتهم قوات الاستعمار واستحال عليهم استغلال البئر الوحيدة التي ألقيت بها جثث جنود. بحركات بطيئة، عمدت كاميرا المخرج التمادي في تجسيد تلك المعاناة في أبسط مظاهر الحياة اليومية لهذا المجتمع النسوي الذي غاب عنه الرجال إما لالتحاقهم بجيش التحرير الوطني أو لاستشهادهم، مبرزا حدة المسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة من حماية بيتها وأطفالها الذين أثّر فيهم العطش والتواجد المهدّد لعساكر الاحتلال. وأمام استمرار الحصار ونفاد الماء المخزن لدى الأسر وموت الماشية وظهور علامات جفاف على أجساد الصغار، تعتزم النساء وفي مقدمتهن فريحة وخديجة التي فقدت ابنتها خلال الحصار على رفع التحدي ومواجهة رصاص قناصي الكتيبة الفرنسية المحاصرة للقرية. وتمكّنت تلك النساء من رفع التحدي والخروج من القرية تتقدمهن الثنائي فريحة وخديجة اللتين أرغمهما الشيخان بلقاسم وبن عودة على الالتحاق بالركب. ورغم استشهاد الأربعة، إلا أن إصرار البقية على المرور أفشل الجانب الآخر (جنود الاستعمار). وفي نقاش مع الصحافة عقب العرض، أوضح المخرج بخصوص عدم ذكر اسم هذه القرية الصحراوية، مسرح الأحداث، إضافة إلى طغيان اللهجة العاصمية في الحوار، أن ذلك جاء بفعل إرادي لأنه أراد أن تكون هذه القرية المناضلة رمزا لكفاح وتضحيات كل قرى الجزائر. وبشأن تاريخ نزول الفيلم إلى القاعات، اكتفى بالرد انه قد يكون في الثلاثي الأول أو الثاني لسنة 2015 مضيفا أن الفيلم تنتظره مسيرة المشاركة في المهرجانات. وكشفت نادية قاسي التي تألقت في دور فريحة، أن هذه الأم الشهمة استمدت قساوتها من قساوة الطبيعة وهول الأحداث خاصة في تعاملها مع خطأ ابنها الصغير عن مشاريع جديدة مثل مشاركتها في فيلم طويل جديد لنذير مقناش وفي الفيلمين الطويلين الأولين لكل من مونيا مدور وصوفيا جمعة. وساهم في إنتاج فيلم البئر المنجز في إطار الاحتفال بخمسينية الاستقلال كل من الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي والمركز الوطني للسينما والفداتيك. واقتبس سيناريو الفيلم الذي وقّعه ياسين محمد بن الحاج عن قصة لمراد بوشاشي، عم المخرج وضابط في جيش التحرير الوطني. وشارك في الأدوار الرئيسية كل من ليلى مات سيستان وزهير بوزرار واورايس عاشور ومحمد ادرار، إلى جانب مشاركة أجنبية حيث قام بدور الضابط الفرنسي الممثل لوران مورال.