قال وزير الثقافة، عزالدين ميهوبي، خلال حوار أجرته معه بوابة الأهرام ، ان ما يسمى ب الربيع العربي لم يؤثر على الجزائر، كما اعتبره المسؤول عبارة عن حمل كاذب، مؤكدا ان الربيع العربي الحقيقي هو الثورة الجزائرية، والذي يجسد مشروع التحرر الكبير من استعمار ظل جاثما على صدور الجزائريين أكثر من 130 سنة. قال وزير الثقافة، عزالدين ميهوبي، ان ما يسمى ب الربيع العربي هو مجرد احتجاجات، ومطالبات، لها مسميات عديدة، لم تحقق شيئًا، والدليل النتيجة التي وصلت إليها العديد من الدول العربية. وفي إجابته عن سؤال عدم قدرة الادباء العرب عن الحصول على جائزة الادب، منذ نجيب محفوظ، قال الوزير، أن هناك يد خفية تتدخل دائمًا، في اللحظات الأخيرة، لتحرم الاديب العربي من الفوز بها، واعتراف العالم بامتيازك، وهذا ما يحدث للعرب عادة في الامتيازات الكبرى، في أي مجال، وسأستشهد ب3 مواقف حدثت في السنوات الأخيرة، الأول عندما ترشحت مصر في العام 2004 لاحتضان مونديال الكرة 2010، لتخرج أصوات تقول: كيف تنظمون المونديال في بلد به إرهابيون ومتعصبون؟ فتدخلت السياسة في الرياضة، لتأخذها جنوب إفريقيا، وكان صفر المونديال المشهور، في عهد الصديق العزيز الدكتور علي الدين هلال وزير الرياضة المصري وقتها. والموقف الثاني، كان عندما ترشح الفيلم الفلسطيني الجنة الآن للفوز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، والجميع مجمعون عليه، فإذا باليد الخفية تتدخل لتمنع عنه الجائزة، بحجة أنه من بلد ثلاثة أرباعه يدعمون العنف والإرهاب وتفوز بها جنوب إفريقيا. والثالث والأخير في الأدب، فمنذ 3 أو 4 سنوات، كان هناك إجماع على أن أدونيس سيفوز ب نوبل ، حتى أن الفضائيات والقنوات التلفزيونية أجرت تحقيقات مصورة عن حياته، طفولته، عائلته، وفي آخر لحظة، تتدخل اليد الخفية لتخرج من جعبتها قصيدة قديمة كتبها في 1971، بعنوان قبر من أجل نيويورك ، وتقول: كيف تمنحون الجائزة لشاعر تنبأ بضرب نيويورك وتدميرها؟ ، لتذهب الجائزة لجنوب إفريقيا أيضًا، التي فازت بها نحو 3 مرات، رغم أن القصيدة قديمة جدا، مضى عليها أكثر من نصف قرن! . علينا أن نعيد قراءة الفكر الإسلامي السهل وعن الحلول من اجل القضاء على مفهوم الإسلاموفوبيا في الغرب وتصحيح الصورة السوداوية عن المجتمعات العربية والإسلامية، قال المسؤول الاول عن قطاع الثقافة في الجزائر، ان الامر يكون بمعالجة النموذج الناجح، بمعنى أن نعالج أنفسنا أولًا، ثم نعتمد أسباب القوة في مجتمعاتنا، لنصل إلى الآخر، ولكن كيف نحقق ذلك؟ الغرب دائمًا يعيش في هذا الخوف، وهناك تقرير قرأته في العام 2007، يتحدث عن تحول أوروبا، يقول: إن الإسلام ينتشر بسرعة في أوروبا، وبعض بلدانها ستصير مسلمة تمامًا في 2050 ، لذا، كلما ظهرت تلك الأصوات والدراسات والإحصاءات، يظهر بالمقابل، اليمين المتطرف، باعتبار الإسلام خطرًا محدقًا بهم، جاء من الشرق ليغزو أوروبا، وتلك ردة فعل طبيعية لظهور المتطرفين في هولندا، كمثال، وغيرها من بلدان القارة العجوز، لأنهم نتاج انتشار هذا الفكر، لذا علينا أن نعيد قراءة الفكر الإسلامي السهل، الذي يملك قابلية الانتشار في الغرب . وفي إجابته عن سؤال متى يغزو الأدب العربي جميع الأقطار العربية؟ اوضح مهيوبي ان المسألة في الأساس عملية تجارية بحتة، فالكتاب ينظر له في قانون التجارة على أنه سلعة تنتقل بين البلدين، تخضع للعرض والطلب، مثلها مثل أي سلعة، كالدواء، أو الملابس.. إلخ، ولكي نصل للانتشار، يجب أن تتوافر لدينا مؤسسات توزيع قوية، قادرة على أن تصل لكل البلدان، وقوانين محفزة على التجارة، وهناك بعض الأقطار المرنة في هذا الأمر، في حين تحتاج أخرى لوضع قوانين تسهل من عملية تمرير الكتاب منها وإليها . منذ سقوط الأندلس.. عاجزون عن فك شفرة المستقبل وفي سياق آخر، تحدث الوزير عن المستقبل الثقافي للدول العربية، موضحا انه ومنذ سقوط الأندلس، عاجزون عن فك شفرة المستقبل، ولكن يجب أن ندرك أننا نعيش في عالم متغير، فيه يأكل الذئب من الغنم القاصية، فَلَو كل واحد فكر بمنطقه المحدود، فإنه لن يحقق المأمول، لذا فلا مفر من الاتحاد في كل شيء، ومنها الثقافة، وسيكون لنا شأن عظيم ، لأننا، كما يقول المفكر الإسلامي الكبير الدكتور علي الشلش، صاحب نظرية القلبانية: إن العرب هم قلب العالم، تجمعهم لغة واحدة، وجغرافيا واحدة، وهم قادرون على أن يحققوا الطفرة المطلوبة في الحضارة والنهضة ، وأكد في نفس السياق، ان المستقبل لا يكون إلا بنهضة، وكل المحاولات التي تمت في زمن المفكرين، والنهضويين الرواد، أمثال محمد علي، ومحمد عبده، ورفاعة الطهطاوي، وغيرهما، لم نستطع من خلالها أن نطرق أبواب المستقبل، ما سبب إحباطًا للأجيال الجديدة، ثم نسأل أنفسنا: لماذا الإحباط؟ إن الإحباط الذي بلغته أجيال من المحيط للخليج سببه عجزنا كل تلك القرون عن إيجاد مفاتيح لولوج المستقبل، والوصول إلى ما وصل إليه الغرب من تطور، وما بلغه الشرق من حداثة، ما جعل الأجيال الجديدة تعود للماضي للبحث عن مفاتيح المستقبل . الخلل في التعليم ولمعالجة الخلل الذي تعيشه الامة العربية، قال مهيوبي، ان الخلل يكمن في التعليم، فعلينا أن نراجع منظومات التعليم في بلادنا، وقلتها وأكررها أكثر من مرة: لقد تمنيت لو أن هذه المليونيات التي تخرج للشوارع، لها مطالب سياسية، واجتماعية، أن تخرج مليونية واحدة تطالب بتحسين التعليم في بلاد العرب، لأن رهان المستقبل يمر عبر التعليم، والمدرسة، وتطوير مناهجنا الحالية، التي ما زالت مغرقة في الماضي، فالماضي نعتز به، ولا يمكننا القفز عليه، لأنه صنيعة رجال نفخر بهم، لكن نحن كأجيال ما الذي حققناه؟ . واضاف الوزير انه علينا دراسة تجارب ناجحة في الغرب والشرق، ونخرج بالمناهج الأنجح، وسأتحدث عن سنغافورة كنموذج، هي مجرد جزيرة، تعدادها 5 ملايين نسمة فقط، ولكنها تخصص سنويًّا لتحسين التعليم ومناهجه ما بين 7 و8 مليارات دولار، وتطور بالذات المواد التقنية، والتطبيقية كالرياضيات، والفيزياء، وغيرهما، لذا فلا غرابة في أن تكون سادس بلد للتجارة العالمية، وهي جزيرة معزولة في المحيط، وذلك لأنها نجحت في إيجاد المفاتيح المطلوبة للتقدم، وعدم الانغماس في الماضي . قمة عربية للتعليم مستعجلة وحول إمكانية وضع مناهج عربية مشتركة، قال الوزير، انه في العام 2009، لما كان وقتها وزيرًا للإعلام في الجزائر، وشارك في اجتماع لوزراء الإعلام العرب، وكانت الفكرة المطروحة على مائدة الاجتماع وقتها، هي إنشاء قناة تليفزيونية عربية، فقال ميهوبي للوزراء المشاركين: لن نتفق على نشرة أخبار واحدة، فمن سيقبل بأن يكون خبره الثاني أو الثالث؟ ، لذا أعتقد أننا لن نتفق في هذا، لأن لكل بلد خصوصية في التاريخ، والثقافة، لكن هناك عوامل مشتركة، بلا شك، بين الدول العربية، وعلينا أن نحافظ عليها ، موضحا من جهة اخرى، ان مناهج التعليم تحتاج لقمة تربوية، تعليمية، في أقرب وقت، كي نحافظ على التقاطعات المشتركة بيننا كثوابت في التدريس، وخلافه، مع احترام خصوصية كل بلد . وعن الانفتاح حول العالم، قال الوزير: إن أفضل رد للدفاع عن الشخصية العربية المتهمة بالتحجر، والتطرف والانغلاق، والتكفير، أن نتعامل مع العالم بلغة أرقى وأنقى وأكثر تأثيرًا، لأننا إذا انغلقنا، فسنظل هكذا في عيونهم، وليس أرقى من أن نخاطبهم بالأدب العابر للقارات، بالأعمال الناجحة الجيدة، التي تمكنا من الحصول على جوائز كبرى، فالجائزة، في النهاية، لها ظلالها السياسية، ولها، أيضًا، محمولها الآخر، وهو النبوغ والتفوق، وأنها منتج مجتمع حداثي مستنير . وفيما يخص انتشار الكتاب الإلكتروني على حساب الورقي، قال ميهوبي: لكلٍّ منهما ميزة، بعض الإحصاءات تكشف عن أن العالم ، في غضون 500 سنة، أنتج قرابة ال50 مليون عنوان، منذ نشوء مطبعة غوتنبرغ ، أول مطبعة في التاريخ، وحتى الآن، وهذا يعني أن البشرية أنتجت كمًّا هائلًا من المعارف والفنون، كلها عبارة عن كتاب ورقي، وجاءت الثورة الرقمية فحررت الفكر من قبضة الورق، بمعنى أنني الآن ككاتب لو وجدت صعوبة في طبع عملي، فيمكنني في ثوانٍ وضعه على الأنترنت، بدون أن يكلفني شيئًا، بل وأجد التفاعل الذي انتظره، ومن أقصى منطقة بالعالم. أما من ناحية غلبة أحدهما على الآخر في وطننا العربي، فأعتقد أن الكتاب الإلكتروني مازال أمامه سنوات وسنوات ليكون قادرًا على منافسة نظيره الورقي، تقريبًا من 10 إلى 15 سنة، ففي السوق الاقتصادي للكتاب العربي، نجد الإقبال على طباعة الإبداعات ورقيًا، وتسويقها، وبيعها للناس بهدف الربح والانتشار، أكبر من الإلكتروني، الذي ما زال عليه محاذير كبيرة عندنا