اثبتت المعارضة السياسية في الجزائر لمرة جديدة بأنها معارضة مناسباتية بامتياز، فبعد طول غياب عن التفاعل مع مستجدات الساحة الوطنية منذ انقضاء محليات 2017، سجل زعماءها بمناسبة مختلف المؤتمرات التي عقدتها الاحزاب المحسوبة على هذا التيار حضورهم وابوا إلا ان يستنسخوا خلال خطاباتهم في هذه المهرجانات السياسية مصطلحات الانتقال الديمقراطي و الجمهورية الجديدة في رسائلهم السياسية مع اقتراب موعد رئاسيات 2019، هذه الادعاءات سرعان ما سقطت في الماء عندما كرست نتائج المؤتمرات الاخيرة لأقطاب المعارضة سياسة حزب الرجل الواحد، ضاربة عرض الحائط قيم الديمقراطية والتداول على السلطة التي تتغنى بها هذه الاحزاب. شكلت مؤتمرات كل من جبهة العدالة والتنمية والتجمع من اجل الثقافة والديمقراطية وجبهة المستقبل المنعقدة مؤخرا فرصة لظهور عدد من شتات المعارضة السياسية في الجزائر على غرار رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، وزعيم حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، ورئيس حركة النهضة، محمد ذويبي، ورئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري. واستغل هؤلاء اهمية الزمان والمكان لإعادة اسطوانة الانتقال الديمقراطي و الجمهورية الجديدة ، هذه المبادئ التي يسوقونها قبيل كل موعد انتخابي، لكنهم لا يطبقونها في الواقع حتى داخل احزابهم. هذه الحقيقية تأكدت مجددا بمناسبة المؤتمر الاول لجبهة العدالة والتنمية، والذي جرى بموجبه اعادة انتخاب الشيخ عبد الله جاب الله رئيسا للحزب المحسوب على المعارضة لعهدة جديدة تدوم خمس سنوات. وفضل المؤتمرون تجديد الثقة في الشيخ جاب الله رغم اعلانه من قبل أنه لن يترشح لعهدة جديدة في الحزب المحسوب على التيار الاسلامي، ولم تحرم النتائج السلبية التي حققتها الجبهة في محليات وتشريعيات 2017 جاب الله من التربع على كرسي الزعامة مجددا، وهو ما دفع مراقبين للتساؤل حول المعايير التي تعتمدها مثل هذه الاحزاب في اختيار رؤساءها. وسار حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية على خطى رفيقه في تنسيقية المعارضة، بحيث تم اعادة انتخاب محسن بلعباس مساء يوم الجمعة على رأس الحزب لعهدة جديدة تدوم خمس سنوات وذلك في اليوم الثاني من اشغال المؤتمر الخامس لهذه التشكيلة السياسية الجارية بالجزائر العاصمة منذ الخميس. وقد تحصل بلعباس على اغلبية الاصوات (755 صوت) من مجموع (895) مصوت امام مرشحين اخرين عقب الاقتراع السري. اما في حركة مجتمع السلم المقبلة على مؤتمر مفصلي خلال ربيع 2018، فكل المؤشرات تؤكد تجديد الرئيس الحالي عبد الرزاق مقري الذي يسابق الزمن في الفترة الحالية للظفر بتزكية اعضاء مجلس الشورى خلال المؤتمر المقبل الذي يفصل في الرئيس المقبل لحمس للخمس سنوات المقبلة، بعدما تم اقتسام الرئاسة بين مقري ومناصرة في اطار اتفاق الاندماج بين حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير.