عادت أزمة نقص حليب الأكياس مجددا من خلال الطوابير التي تتشكل يوميا أمام محلات بيع هذه المادة الغذائية الأساسية، بالعاصمة وعدد من الولايات الأخرى، لأسباب تتعلق حسب مسؤولين بمركب بئرخادم بتجديد العتاد والأجهزة التي تستعمل في إنتاج الحليب، وكذا نقص المادة البلاستيكية التي تصنع بها الأكياس. ويشتكي مواطنو العاصمة ومناطق مجاورة منذ أيام من ندرة مادة حليب الأكياس، بسبب قلة توزيعها على المحلات التجارية، ما اضطر العائلات إلى اللجوء لاستهلاك لحليب المعلب الذي يقارب ثمنه 100 دج للتر الواحد، في وقت أكد ممثل اتحاد التجار والحرفيين حاج طاهر بولنوار بأن الأزمة امتدت إلى حوالي 20 ولاية، وفق ما أكدته التقارير التي وصلت هذا التنظيم النقابي، مرجعا الأزمة إلى تحويل غبرة الحليب عن مسارها الفعلي، واستعمالها في إنتاج الأجبان و»الياؤورت» وغيرها من مشتقات الحليب، مقدرا نسبة العجز في تموين السوق بهذه المادة الأساسية بحوالي 30 في المائة، مؤكدا بأن ما تنتجه الجزائر سنويا من الحليب يبلغ حوالي 3 ملايير لتر، في حين أن الطلب الحقيقي في حدود 4 ملايير لتر سنويا، وأن نسبة معتبرة من غبرة الحليب المدعمة والتي تستوردها الدولة من الخارج بالعملة الصعبة، تحول لصنع مواد أخرى، بدليل وفرة كافة أنواع مشتقات الحليب على رفوف المحلات التجارية والمساحات الكبرى، في ظل الغياب شبه التام لحليب الأكياس، الذي يشكل أساس غذاء الجزائريين، في وقت لم تساعد الكميات الهامة التي يجمعها المربون من حليب الأبقار في تغطية النقص، لكونها لا تمثل سوى ثلث الإحتياجات فقط. في حين أوعز السيد محمد عودية وهو رئيس مصلحة بملبنة بئر خادم تذبذب تموين السوق بحليب الأكياس، إلى شروع إدارة المؤسسة في تجديد العتاد والآلات التي تجاوزها الزمن، ولم تعد تتناسب مع حجم الطلب على هذا المنتوج الغذائي، موضحا في اتصال مع النصر بأن الإجراء يشمل مركب بودواو التابع لولاية بومرداس، وكذا مصانع أخرى عبر الولايات، مبررا الأزمة أيضا بنقص إنتاج أكياس الحليب على مستوى المصنع الكائن بولاية المدية، متوقعا بأن تزول الندرة فور الإنتهاء من عملية استبدال الأجهزة القديمة بآلات حديثة، وكذا بشروع مصنع المدية في توفير الأكياس البلاستيكية، معتبرا بأن تزامن الظرف مع نهاية الأسبوع وموسم العطل عمق الإشكالية، فضلا عن فترة الصيف التي تتطلب توفير ظروف خاصة في انتاج وتوزيع حليب الأكياس، تجنبا لتعرضه للتلف، نافيا جملة وتفصيلا أن يكون سبب الندرة نقص المادة الأولية، وهو ما أكده أيضا رئيس جمعية منتجي الحليب السيد بن شكر. وشككت في المقابل مصادر نقابية في تصريح للنصر في صحة المبررات التي قدمها المسؤول بملبنة بئر خادم، موضحة بأن المشاكل الإدارية المعقدة التي يعيشها المصنع منذ فترة هي التي أّزّمت الوضع، بسبب استقالة المدير العام وتعويضه مؤقتا بالمدير العام لملبنة بودواو، وأكدت ذات المصادر بأن تذبذب توزيع مادة الحليب ظهر منذ 10 ماي الماضي، في ظل تلويح الموزعين بشن إضراب، احتجاجا على ظروف العمل والضغط اليومي الذي يعانون منه. ورجح من جانبه الحاج طاهر بولنوار بأن تستمر أزمة الحليب إلى غاية نهاية الصائفة، بعد أن يتقلص الطلب على هذه المادة، معتقدا بأن موسم الصيف هو الفترة التي تتسارع فيها وتيرة استهلاك غبرة الحليب بصفة عامة، والتي تستعمل بشكل مفرط في صنع المرطبات، ومواد أخرى، معربا عن تخوفه من أن تكون الأزمة مفتعلة بغرض دفع المستهلكين إلى الإقبال على الحليب غير المدعم، داعيا وزارة الفلاحة إلى التدخل لمعرفة المآل الحقيقي لحليب الأبقار الذي يجمعه المربون، إلى جانب ضرورة تدخل وزارة التجارة لضبط السوق.