استعاد أول أمس بقسنطينة منشطو المائدة المستديرة المنظمة ضمن فعاليات معرض «من الأصوات إلى النوبة»، ذاكرة فحول الزجل بالمنطقة،هذا اللون الغنائي الذي تنفرد به مدرسة قسنطينة دون غيرها من مدارس الموسيقى الأندلسية الأخرى،ومن الأسماء المكرمة في هذا اللقاء الشيخ عمر بوحوالة ،المكنى فرد الطابية،و الشيخ معمر بن الراشي،إلى جانب الموسيقيين الفذين عبد القادر تومي سياف، و خوجة بن جلول. المائدة المستديرة الرابعة في عمر المعرض التي شملت تكريم أربع قامات من مشايخ الزجل و المالوف القسنطيني ،حضرها تلاميذ و عائلات و أحفاد الشيوخ المكرمين الذين ساهموا ،كل على طريقته، في الحفاظ على هذا الموروث الأصيل بمهاراتهم العالية في الحفظ و التجديد، حيث قدم المشاركون في التظاهرة شهادات حية و استرجع البعض ذكريات و مواقف عاشوها أو سمعوها عن تلك الشخصيات الفنية المعطاءة و مامنحته للساحة الموسيقية القسنطينية و عشاق هذا اللون . من تلك الأسماء الشيخ عمر بوحوالة، المكنى بفرد الطابية، نظرا لانفراده في فن الزجل و الذي أكد المتحدثون بخصوصه ميله للعزلة و براعته في العزف على آلة الدربوكة و حفظ الأزجال ،هذا اللون الذي راج بشكل منفرد بقسنطينة و الذي حافظ على شكله و أصالته دون التأثر باليهود و الأتراك،حسبهم، مشيدين بالكم الكبير من الأزجال التي كان يحفظها الفنان بوحوالة والتي فاقت 850 زجلا. للتذكير ،ولد الشيخ عمر بوحوالة سنة 1889 وعمل كاسكافي مطوق للنعل التقليدي المعروف محليا ب»الشربيلة»و الذي تعلم عنه الكثير من الفنانين أبجديات الزجل منهم معمر بن الراشي و حسونة و علي خوجة.توفي بوحوالة عام 1978 تاركا وراءه عدة تسجيلات ،اعتمد عليها الكثيرون في تعلم هذا الطابع . من جهتهم، اختار أهل و تلاميذ معمر بن الراشي ذكر خصال هذا الفنان و الحرفي البارع ،كاشفين بأنه أول مبدع للدربوكة النحاسية .و أشاروا في السياق ذاته إلى سعة معرفته في الموسيقى و قصائد الزجل ،حيث كان يحفظ منها المئات على ظهر قلب .كما تطرق المشاركون إلى نقاط الاختلاف بين الموشح و الزجل، موضحين بأن الأخير عبارة عن طرب برفع الصوت ،يعتمد على الإيقاع و البعد الرباعي الأسفل و الأعلى سواء من حيث الموسيقى أو عدد المواضيع المغناة. المشاركون في الندوة ،استعادوا كذلك آثار و سيرة و ذاكرة الموسيقي و شيخ المالوف تومي سياف عبد القادر الذي نهل منه جل الموسيقيين و الفنانين المعروفين بقسنطينة . حياة الشيخ الخوجة بن جلول كانت أيضا محور نقاش مطول ضمن الندوة التي نشطها عبد المالك مروان ،الباحث و الموسيقي المعروف . بعد ختام الندوة قدم الفنان مراد العايب حفلا فنيا تخلله تكريم عائلات الشيوخ الأربعة.