خالتي « الزهرة بن سودة» ، المسنة البالغة من العمر 90 حولا ، خير مثال للمرأة الأرملة التي تتكفل بأحفادها الثلاثة اليتامى الذين فقدوا والديهم قبل سنوات ، وآلت على نفسها أن تضعهم تحت جناحيها الدافئين ، فلم يشعروا في حضنها بمرارة اليتم ،بل يشعرون بحلاوة الحياة مع جدتهم الزهرة ، التي ابتلاها الله بفقدان زوجها ، وحرمانها من نعمة الأبناء ، ولكنه عوضها عنهم بأحفادها ، الذين يحبونها حبا جنونيا ، ويسعون إلى إسعادها كما تسعى هي لإدخال السرور عليهم ، وتلبية مطالبهم حسب ظروفها ، التي لا تخفى على أحد بمنطقة الونزة ،حيث تقيم . تسكن خالتي الزهرة في حي مكرسي بمدينة الونزة ، عاصمة الحديد ،منذ سنوات طويلة ، ولم يسعفها الحظ للحصول على سكن تأوي إليه مع أحفادها ، فاضطرت إلى السكن في محلين من محلات رئيس الجهورية بالمدينة ، لتقي نفسها عاديات الزمان ، وتحفظ كرامة أحفادها اليتامى . هذه العجوز الصامدة ليس لها مورد مالي ،سوى المنحة الجزافية للشيخوخة قدرها 3 آلاف دينار جزائري شهريا، تحاول أن تستغلها في توفير بعض ضروريات العيش ، حتى تجنب نفسها ذل السؤال ، دون أن تنكر مساعدات أهل الخير والإحسان من جيرانها ، الذين يبرون بها ويساعدونها من حين لآخر. وأنت تنظر إليها تدرك أن هذه العجوز الصابرة ، المحتسبة ، تريد أن تقول أشياء كثيرة ، ولكنها في النهاية تحتفظ بها لنفسها ، ربما خجلا ، أو لعزة نفس تربت عليها ، ولعل ما يخيف خالتي الزهرة ، بعد أن استبد بها المرض ، أن تموت وتترك أحفادها دون معيل ومعين ، وهم قرة عينيها. تأمل محدثتنا أن يلتفت المسؤولون بالبلدية والولاية إلى وضعيتها و يبادرون للتكفل بها وبأحفادها ، لتعيش معهم ما بقي من العمر بكرامة و هناء . الجدير بالذكر أن جمعية أحباب ونزة الخيرية ، قامت بزيارة لهذه العجوز ، وقدمت لها بعض المساعدات ، وتسعى حاليا لتسوية وضعيتها المتعلقة ببطاقة الشفاء حتى تتمكن من الحصول على الأدوية مجانا. و يلتمس رئيس الجمعية مصباح مازوز من السلطات المحلية أن تتكفل بمثل هذه الحالات الاجتماعية الصعبة و أن تولى لها عناية خاصة لأنها في أشد الحاجة للمساعدة ، مضيفا بأن هناك حالات عديدة مشابهة أو أشد عوزا، سوف تقوم الجمعية بإحصائها، و ترفع تقريرا إلى الهيئات المعنية كالبلدية و مديرية النشاط الاجتماعي و التضامن لوضعها في الصورة، و لكي تهب لنجدتها من واقع مزر و معاناة طويلة و قاسية.