رحب سينمائيون في ندوة النصر بالرقابة التي أقرتها وزارة الثقافة على الأفلام التي تتناول ثورة التحرير وفيهم من رأى بأن الرقابة ضرورية، لتجنب ما أسموه بالفوضى كما دعا آخرون الى تشديد الرقابة على الأجانب الذين يتناولون في أعمالهم مادة تاريخية جزائرية. للاشارة فإن النصر أجرت هذه الندوة على هامش الأيام السينمائية التي شهدتها قسنطينة مؤخرا وبالتالي فإن العينة المشاركة في الندوة لا تمثل بالضرورة كل أطياف السينمائيين الجزائريين أجرت الندوة: الهام ط - مريم ب المخرج والمنتج بشير بلحاج طبقوها بصرامة على الأجانب تأسف المخرج والمنتج بشير بلحاج لأن لا أحد من المكلفين بدراسة ومناقشة وإثراء قانون السينما الجديد فكر في الاتصال به واستشارته ولو على سبيل التقدير لخربته المهنية الممتدة عبر أكثر من أربعة عقود من الزمن، وقال بخصوص المادة الخامسة: "أوافق وأؤيد هذه المادة ولا أوافق عليها في نفس الوقت.. أوافق لأن كل من هب ودب وخاصة من الأجانب يأتي لانجاز فيلم ثوري، بينما أهل "مكة" أدرى بشعابها وتاريخها وثورتها. اشدد بأن الرقابة يجب أن تكون صارمة ودقيقة على كل سيناريو يتقدم به مخرج او منتج أجنبي سواء تعلق بالثورة أو غيرها. والمادية الخامسة يجب أن تطبق على الأجانب، لأن أصحاب المهنة المحترفين من الجزائريين يعرفون جيدا عملهم وكيفية التعامل مع ثورتهم ورموزها وثوابتهم الوطنية. وبالتالي لا أوافق على تطبيق هذه المادة على هؤلاء .. أنا مثلا لدي علاقة وطيدة مع الأعمال الثورية التي بدأت انجازها منذ سنوات طويلة وقبل أن انطلق في أي عمل هناك خطوات وإجراءات أقوم بها دون أن يمليها عليّ أحد، أقدم السيناريو لوزارة المجاهدين وأطلب من بعض المجاهدين الاطلاع عليه لتقديم ملاحظاتهم كما استثمر معلوماتي الخاصة وتجربتي في تحليله ودراسته، وكل ذلك لتجنب الأخطاء والمغالطات التاريخية والابتعاد عن الأهداف المسطرة.. ولا أتصور أن يتقدم مجاهد بسيناريو لانجاز عمل حول مجاهد آخر ويرفض أود أن أشير بأننا نعتمد في الكثير من الأعمال الثورية على مقالات وشهادات حية، في غياب مرجعية تاريخية مكتوبة ورسمية.. وقد آن الأوان للالتفات لهذه النقطة والتركيز على التاريخ قبل أن تضيع الكثير من فصوله .. كما أعتقد بأنه آن الأوان أيضا لتغيير نمطية الأعمال الثورية وإخراجها إلى الفن وإضفاء لمسات خيالية عليها لتصبح أكثر جاذبية وتأثيرا خاصة وأنها موجهة للأجيال الصاعدة أكثر من غيرها..". المخرج موسى حداد السينمائي ليس مختصا في التاريخ والمادة الخامسة مشروع مثيري المشاكل قال المخرج موسى حداد: "اذا تعلق الأمر بإنجاز فيلم يقدم أحداثا واقعية مرتبطة بتاريخ الثورة التحريرية أو بعض الشخصيات التي شاركت في الثورة، يمكن عرض العمل على مختصين ليتأكدوا من صحة هذه الأحداث ومدى مطابقتها للواقع والتاريخ، ولما لا يتم ذلك بطريقة رسمية تشير اليها المادة الخامسة من قانون السينما الجديد، فالسينمائي ليس مختصا في تاريخ الثورة، ومن الأفضل أن يمنح حق إلقاء نظرة متخصصة على عمله لأشخاص مؤهلين لذلك، ليستطيع إنجازه ويقربه أكثر من الواقع بثقة وطمأنينة. عموما انتاج هذا النوع من الأفلام قليل، وهناك أشخاص يسعون للبروز واستقطاب الأضواء والشهرة ولو عن طريق إثارة المشاكل والصراعات وتزييف الحقائق وبالتالي المادة الخامسة المذكورة تحذرهم من ذلك، فلثورتنا تاريخ عظيم والكثير من المجاهدين لا يزالوا على قيد الحياة ويمكن أن يتدخلوا اذا شاهدوا عملا يمس بالثورة أو رموزها.. فلما إذن التزييف والتحريف !? أنا شخصيا لم أحظ بشرف اخراج فيلم ثوري حتى الآن، وأتمنى حقا أن تتاح لي الفرصة في المستقبل، أود أن أشير فقط بأن معظم أعمالي تلفزيونية ولم يحدث أن استعمل أحدهم مقص الرقابة مع هذه الأعمال. أحيانا كان يتصل بي زملاء لأنني كنت محخرجا تلفزيونيا، ويقترحون علي القيام بتعديلات على بعض المشاهد حتى لا تحرج المشاهدين أو تمس بعاداتنا وأخلاقنا، فأقوم بذلك حتى يتم بث العمل في التلفزيون". المخرج عمار العسكري السينما لا تحتاج إلى قانون والأعمال الثورية لا تخص الحكومة قال مخرج "دورية نحو الشرق" و "زهرة اللوتس" والعديد من الأفلام الثورية: "القضية لا تتعلق بالقوانين، ولا داعي لتغطية الشمس بالغربال، فحتى بدون أية مادة قانونية يمكن تسيير قطاع الثقافة والإعلام والفن، الأهم هو ترسيخ الذاكرة الجماعية وحب الفن والإبداع والإخلاص والوفاء للوطن...إننا نعاني من مشكل إتصال على كافة المستويات من خلية الأسرة بين الآباء والأبناء إلى أعلى هرم في السلطة، شبابنا لا يعاني من البطالة وأزمة السكن إنه يعاني من حياة لا تطاق من مختلف الجوانب ومجتمعنا يتكون من 70% من الشباب ولا توجد به أكثر من 10 قاعات سينما...أن السينما تكاد تكون غير موجودة في يومياتهم..وحتى من تجاوزوا مرحلة الشباب إلا يتذكروا آخر مرة ذهبوا فيما لمشاهدة فيلم. بعد أن أفل العصر الذهبي للسينما الجزائرية في السبعينات أننا نملك ثورة عظيمة ونموذجية، أكبر ثورة في العالم ويمكن استغلالها سينمائيا وثقافيا، لتعليم الشباب وكسر عزلتهم وترسيخ الذاكرة الجماعية..دون أن نحتاج إلى قانون فببلادنا توجد حرية التعبير والإبداع ويمكن للسينمائي إذا وجد الظروف المواتية أن يعمل ويبدع ويتألق المهم ألا يمس بالحياة الخاصة للآخرين، والقضية ليست قضية حكومة إذا تعلق الأمر بعمل ثوري، فمن المفروض أن يحافظ السينمائي تلقائيا على الأشياء الإيجابية الجميلة ويطلع عليها الأجيال القادمة دون أن يعتم على فكر الشعب...بدل أن نترك السينما مهمشة بعد أن فقدت سنوات طويلة في مسارها بسبب قرارات سياسية أدت إلى غلق العديد من مؤسساتها، فلنفتح الأبواب للسينمائيين الأكفاء ليحملوا عاليا أحلام الشباب وتطلعاتهم ويجعلوهم يتشبعون بروح الثورة والوطنية ولنرتقي بالثقافة ونجعل التلفزيون يؤدي دورا أكثر فعالية في الإستجابة لإحتياجات الملحة وإذا حققنا ذلك فلا بد أن نتطور إجتماعيا واقتصاديا وسياسيا..." الممثل محمد عجايمي الرقابة ضرورية! وصف الممثل محمد عجايمي المادة الخامسة ب "الممتازة"، مستشهدا بالمثل الشعبي المعروف "لا يحك جلدك إلا ظفرك"... في اشارة إلى اقحام أجانب في كتابة سيناريوهات وانجاز أعمال حول ثورتنا ورموزها وتاريخنا عموما تحت غطاء الأعمال المشتركة، والأدهى –حسبه- تسليط الضوء على العشرية السوداء الدامية التي عاشها الجزائريون من طرف أجانب بطريقتهم الخاصة..." حتى وان لم تكن مباشرة وواضحة، فهذه الطريقة يمكن أن تزيف الحقائق عن طريق تمرير صور ولقطات أو حوارات تقرأ رسائلها بين السطور" قال الممثل مضيفا: "الرقابة وكل الاجراءات التي تنص عليها المادة المذكورة في قانون السينما الجديد أكثر من ضرورية في كل عمل ثوري أو يتعلق بواقعنا الراهن يحمل بصمة أجنبية، أو يقترحه أجانب... والروح الوطنية هي التي تدفعني للتركيز على ذلك..." واستطرد قائلا: "ان الجزائريين هم الذين عاشوا الثورة، واجتازوا مرحلة الارهاب، ولا يستطيع غيرهم معالجة مآسيهم سينمائيا ودراميا دون أن يقع في أخطاء أو يحرّف أو يزيف... ان الأمر يتعلق بالتاريخ.. والتاريخ لا يرحم.. لا تتركوا من هب ودّب يكتبه أو يحوّل فصوله إلى أعمال سينمائية، تذبحه!" الممثل حسان بن زراري الرقابة طبيعية ومنطقية قال الممثل حسان بن زراري: "ما تنص عليه المادة الخامسة من الأمور الطبيعية والمنطقية المعروفة، ومن المفروض حسب رأيي ألا يتم تقنينها بمادة، لكل وزارة مهامها والسينما من مهام وزارة الثقافة وبالتالي يرتبط انجاز أي فيلم بموافقتها حتى لا تعم الفوضى، بالنسبة للأفلام الثورية هناك مشكل فوزارة المجاهدين اذا دعمت بعض الأعمال يمكن أن تشترط أن تكون الجهة المنتجة لتتكفل بتسويقها وتوزيعها واستغلالها ويمكن ان تقدمها لمنتج منفذ... وقد واجهنا انا وطاقم الفيلم الثوري الجديد "سويقة 58" وعلى رأسهم المخرج عمار محسن" مشكلا من هذا النوع آخر انطلاق التحضيرات والتصوير لأكثر من أربعة أشهر لقد قدمنا السيناريو لوزارة الثقافة وحصلنا على موافقتها ودعمها وترخيص للانطلاق في التصوير كما حصلنا على ترخيص من وزارة الدفاع ودعم من وزارة الطاقة والمناجم لكن وزارة المجاهدين هي القادرة على توفير %80 من الدعم المادي لقد وافقت على مضمون الفيلم بعد أن أرفقنا الملف برأي مختص في التاريخ ورأي منظمة المجاهدين لكنها اشترطت أن تكون هي الجهة المنتجة للعمل.. وهنا تدخلت وزارة الثقافة لتقول لنا بأنها موافقة على دعم وزارة المجاهدين بشرط ألا تكون هي الجهة المنتجة للعمل. نحن بانتظار اتخاذ قرار نهائي بهذا الخصوص لازالة سوء الفهم وتجسيد مشروعنا". الممثل أحمد بن عيسى مناقشة قانون السينما خطوة إيجابية كنت من ضمن الفنانين الذين سطروا النقاط التي لا بد من إعادة النظر فيها، ومن بين هذه المواد المادة الخامسة التي تتحدث عن إنتاج الأفلام الثورية، و التي اعتبرتها غير واضحة ونحن نتساءل هل يقصد بها الفترة الممتدة من 1954 إلى غاية الاستقلال أم ما قبل اندلاع ثورة نوفمبر الغنية هي أيضا بالبطولات و الأحداث المهمة. و أنا شخصيا لست ضد تشكيل لجنة مراقبة متكونة من مؤرخين و مجاهدين لكن بشرط عدم الإبقاء على نفس الأعضاء مدة طويلة، بل يجب تغييرها سنويا. كما تساءلنا عن الجهة المؤهلة لتصنيف ومنح بطاقة الفنان. و مناقشة قانون السينما بالنسبة إلي خطوة إيجابية مهما كانت نتائجها. المخرج مؤنس خمار أستغرب كل هذه الضجة ستغرب كل هذه الضجة التي أحاطت التعديلات الطارئة على قانون السينما و في رأيي أن مجّرد الوصول إلى مرحلة مناقشة قانون السينما هو في حد ذاته مكسبا للفنانين و اعتبره شيئا إيجابيا مائة بالمائة، و تعديل المواد من حين إلى آخر ليس بالأمر المستحيل و الممنوع بل يفرضه تغيّر الظروف و تطور الأوضاع. و لا يجب أن نترك الجدل يبعدنا عن هدفنا الرئيسي و هو قانون الفنان والصناعة السينمائية... عندما نحسّن ظروف الإنتاج عندها فقط يمكننا التحدث عن قانون السينما و تعديل مواده.