السجن المؤبد لشقيقين قتلا شابا في حفل زفاف صاخب بقالمة أصدرت محكمة الجنايات بمجلس قضاء قالمة أمس حكما بالسجن المؤبد في حق أخوين شقيقين تمت إدانتهما بقتل شاب في حفل زفاف بعين مخلوف في ولاية قالمة، و نطقت المحكمة في ذات القضية ببراءة أخوين آخرين توبعا بنفس التهمة، و كان ممثل النيابة العامة قد التمس معاقبة الإخوة الأربعة بعقوبة الإعدام. المتهمون تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 سنة تمت محاكمتهم عن جريمة قتل بشعة في حفل زفاف بمدينة عين مخلوف الواقعة جنوبقالمة في شهر مارس سنة 2012، و هي الواقعة التي أودت بحياة شاب عمره نحو 30 سنة، في معركة ساخنة استعملت فيها السكاكين و الحجارة و العصي و شارك فيها عدة أشخاص، أصيب البعض منهم بجروح و كدمات في واحدة من أعنف معارك حفلات الزفاف، التي تشهدها مناطق الولاية بين فترة و أخرى، بسبب التهور و المخدرات و الكحول الذي يعتقد بأنه السبب الرئيسي الذي أشعل نار الفتنة بين عائلتين، فقدت واحدة شابا منها بينما دفعت الأخرى بخمسة أشقاء إلى غياهب السجن، حيث يوجد من بين الإخوة المتهمين قاصر في يوم الوقائع حكم عليه في وقت سابق و حضر المحاكمة أمس كشاهد على سبيل الاستدلال. و حسب ما دار في الجلسة التي استمرت لساعات فقد كان الضحية و الأشقاء الخمسة في حفل زفاف صاخب أغلب الشباب الحاضرين فيه سكارى كما قال صاحب العرس للقضاة، مؤكدا بأن حالة الفوضى و الاحتقان التي كانت سائدة في حفل زفاف ابنه دفعته إلى وقف السهرة في حدود العاشرة ليلا، و تفرق الجميع و خلت ساحة العرس من المدعوين بسرعة لكن حالة الاحتقان بين الشباب المخمورين، أشعلت معارك متفرقة بشوارع عين مخلوف بدأت بالحجارة و السب و الشتم. و قد تمكن بعض المواطنين في البداية من فض النزاع و إرغام الضحية على دخول محله التجاري، و أجبروا الإخوة على الدخول إلى منزلهم العائلي، لكن الشجار تجدد مرة أخرى و كانت المعركة هذه المرة أعنف، حيث استعمل الضحية و شقيقه أسلحة بيضاء و هراوات و الأشقاء الخمسة، كانوا هم الآخرين مدججين بالسيوف و العصي و دارت اشتباكات عنيفة في شوارع المدينة، و التحم الفريقان و تقاتلا بعنف وجها لوجه وسط الظلام و طعنت الأجساد و سالت منها الدماء، و سقط الضحية أرضا متأثرا بإصابات قاتلة في الظهر و الصدر و البطن و الأطراف، و قد فارق الحياة على الفور و أصيب عدد من الأشقاء الخمسة بجروح في أنحاء مختلفة من اجسامهم، استدعت نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج. و قد هرب بعض المصابين من الفريقين المتقاتلين إلى مركز للشرطة و انتشر خبر الجريمة بعين مخلوف و كادت نار الفتنة المدمرة أن تشتعل بالمدينة لولا تدخل العقلاء و كذا الشرطة، التي سيطرت على الوضع و قبضت على الإخوة المشتبه بهم و بدأت التحقيقات المكثفة معهم بعد أن تلقى الجرحى منهم العلاج. خلال جلسة المحاكمة أنكر الأشقاء الأربعة قتلهم للضحية و قالوا للهيئة الجنائية إن أخيهم الصغير القاصر هو من قتله، بعد أن دارت بينهما معركة ساخنة تحت جنح الظلام، بعيدا عن موقع معركة أخرى كانت تدور بينهم و بين شقيق الضحية. الإخوة الأربعة صرحوا بأن الضحية هو من بدأ بالاعتداء على شقيقهم و أصابه بطعنة في الفخذ مما دفعهم إلى التدخل لنجدة المصاب و فض النزاع لكن الطفل القاصر انفرد بالضحية، و دارت بينهما معركة ساخنة بالسيوف و كان كل واحد يحاول النيل من الآخر في موقع مظلم و لم ينتبه لهما الناس إلا بعد فوات الأوان. أغلب شهود الواقعة المأساوية غابوا عن الجلسة و القليل منهم الذين حضروا أكدوا بأن الأشقاء الخمسة كانوا حاضرين بمسرح الجريمة لكن لا أحد من الشهود رأى القاتل و لا تفاصيل المعركة الدامية التي دارت بينه و بين غريمه. النيابة العامة أكدت على خطورة الوقائع و أثرها على المجتمع الذي يواجه إجراما متناميا و قالت بأن كل الدلائل الجنائية الواردة في ملف القضية تورط الأشقاء الأربعة و تدينهم بالجرم المنسوب إليهم، ملتمسة تسليط عقوبة الإعدام في حقهم لارتكابهم جناية القتل العمدي مع سبق الإصرار إضرارا بالضحية الذي فارق الحياة و عائلته الجريحة، و في مقدمتها أم مسنة لم تتوقف عن البكاء داخل القاعة و هي تستمع لقصة مقتل ابنها بسبب سوء تفاهم و مناوشات تافهة في حفل زفاف تحول إلى مأتم في ليلة من ليالي ربيع 2012. محامو الأشقاء الأربعة استماتوا في الدفاع عنهم بقوة مستندين إلى الملف التقني للقضية و خبرة الطبيب الشرعي، التي رجحت بأن سبب الوفاة كان عنيفا و بطعنات آلة حادة واحدة أو آلتين حادتين بنفس الحجم، و هو ما اعتبره الدفاع دليلا ثابتا على أن الضحية قتله شخص واحد فقط من بين الأشقاء الخمسة و هو الطفل القاصر، و قد كان ذلك وسط الظلام و لم يتمكن أي من الشهود تحديد هوية القاتل. و شكك المحامون في تورط بقية الإخوة في جريمة القتل، و قالوا أن الشك يفسر دائما لصالح المتهم في القضايا الجنائية، لكن هيئة المحكمة بعد المداولات السرية حكمت على أخوين من بين الأربعة بالسجن المؤبد و برأت ساحة اثنين.