الحزب الاشتراكي الحاكم يمنى بهزيمة ساحقة في الانتخابات البلدية تلقى الحزب الاشتراكي الحاكم في اسبانيا هزيمة نكراء في الانتخابات البلدية التي جرت أول أمس بحصوله على 27,81بالمائة من الأصوات مقابل 37,58بالمائة لغريمه الحزب الشعبي اليميني المحافظ، هذا الأخير الذي وشح المدن الإسبانية بألوانه الزرقاء. ويعتبر هذا الفارق بنحو عشر نقاط مائوية بمثابة عقاب انزله الناخبون بالاشتراكيين الحاكمين في اسبانيا بزعامة خوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو منذ 2004، في ظل حركة احتجاج اجتماعية غير مسبوقة تجتاح المدن الاسبانية ضد معدلات البطالة القياسية والأزمة الاجتماعية الحادة التي تعصف بالبلاد. وتأتي هذه الهزيمة قبل أقل من عام من موعد الانتخابات التشريعية وفي وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية خانقة غذت الغضب الشعبي ودفعت بآلاف الشبان للخروج الى الشارع للتعبير عن غضبهم. وفي أول تعليق له على هزيمة حزبه قال ثاباتيرو "أعلم أن الكثير من الإسبان يعانون من مصاعب جمة وأن العديد من الشبان ينظرون الى مستقبلهم بقلق، لقد عبروا اليوم عن معاناتهم". وأضاف "كان منطقيا أن يتوقع المرء تعرض الحزب الاشتراكي لعقاب في صناديق الاقتراع، نحن نتحمله ونتفهمه". وكانت الانتخابات البلدية السابقة التي جرت في 2007 شهدت بدورها خسارة الحزب الاشتراكي، ولكنها كانت خسارة بسيطة أمام الحزب الشعبي الذي حصل وقتها على 35,6بالمائة من الأصوات مقابل 34,9بالمائة للحزب الاشتراكي. وفي وسط مدريد تتجمع حشود كبيرة منذ مطلع الأسبوع في ميدان بويرتا دل صول حيث نصبت الخيم في الموقع الذي تحول الى قلب حركة الاحتجاج الشعبي. و قرر المعتصمون أول أمس الاستمرار في اعتصامهم لمدة أسبوع على الأقل. وانطلقت هذه الحركة الاحتجاجية في 15 ماي الجاري من خلال شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت وسرعان ما امتدت الى مختلف أنحاء البلاد وهي تندد بانعدام العدالة الاجتماعية وانحرافات الرأسمالية و"فساد رجال السياسة". ورغم أن المطالب متعددة، تبقى البطالة التي بلغت مستوى قياسيا 21,19بالمائة وتطال تقريبا نصف الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة، الهاجس الأكبر للمتظاهرين. وكانت الاستطلاعات توقعت أن يتكبد الحزب الاشتراكي هزيمة قاسية في الانتخابات الإقليمية والبلدية في وجه خصمه التقليدي الحزب الشعبي اليميني وقبل عشرة اشهر من الانتخابات التشريعية المقررة في مارس 2012، يواجه الاشتراكيون بزعامة ثاباتيرو حالة من التخبط و الارتباك بسبب سياستهم التقشفية التي أقروها لمواجهة الأزمة. ويبدو أن إعلان ثاباتيرو في الثاني من أفريل عدم ترشحه لولاية ثالثة السنة المقبلة، لم يؤثر على التدني المتواصل لشعبية الاشتراكيين. وخسر الاشتراكيون برشلونة، ثاني كبرى مدن البلاد والمعقل الذي كانوا يسيطرون عليه من دون منازع منذ 1979 تاريخ إجراء أول انتخابات بعد عهد الجنرال فرانكو، وقد أطاح بهم التحالف القومي-المحافظ. كما خسروا أيضا اشبيلية، رابع مدن البلاد. ومن بين المناطق التي خسروها أيضا معقلهم التاريخي كاستيلا لا مانتشا. وبنتيجة هذه الانتخابات لم يعد الاشتراكيون يحكمون لوحدهم إلا إقليما واحدا من اصل 17 إقليما تتمتع بالحكم الذاتي، هو الأندلس. بالمقابل وكما كان متوقعا احتفظ اليمين بمدريد وفالنسيا ثالث كبرى مدن البلاد. و يرى مراقبون أن الهزيمة الموجعة التي هزت أركان الحزب الإشتراكي لن تزيد فقط من تدني شعبية ثاباتيرو، و إنما سترهن أيضا حظوظ حزبه في التشريعيات القادمة، بما يمهد لعودة متوقعة للمحافظين اليمينيين إلى سدة الحكم.