الموزعون قيدوا الذوق الموسيقي للجزائريين و الأنترنت حررته قال عنه الروائي واسيني الأعرج، « بأنه واحد من القلائل الذين استطاعوا التوليف بين الجاز بمفهومه الغربي و تصوره الشرقي، فموسيقاه بعيدة عن التقليد و تعد حالة تعبيرية لا تتحدث فقط عن الإنسان الغربي، بل عن الشرقي كذلك»،هو أنيس بن حلاق، عازف قيثار و مؤلف موسيقى الجاز الجزائري العالمي، يحقق النجاح في أمريكا و أوروبا هذه الأيام، التقته النصر، على هامش مشاركته في فعاليات مهرجان ديما جاز بقسنطينة، وسألته عن سبب نجاح موسيقاه في الخارج و انحصارها في الجزائر، كما عرفت منه سبب اختياره « مسرح القردة» كعنوان لألبومه الجديد. . النصر: « مسرح القردة» ؟ أنيس بن حلاق: مجرد تعبير مجازي، أردت من خلاله أن أصف العالم كما هو اليوم، العالم تحول إلى مسرح كبير يعمه الجنون، و فيه نحن تائهون نشبه دمى الماريونيت تحركنا خيوط فوقية. من شلغوم العيد بولاية ميلة إلى باريس و نيويورك ،حدثنا عن درب النجاح؟ ولدت و ترعرعت في مدينة شلغوم العيد، هناك أحببت الموسيقى و سني لا يتجاوز 11سنة، كما تعلمت العزف على القيثار، بعدها انتقلت للدراسة في جامعة قسنطينة، ومن هناك ذهبت مباشرة إلى فرنسا في سن 18 سنة، تعمقت أكثر في الموسيقى و تعاملت فنيا مع فرق عديدة تقدم الجاز الذي أحببته دائما، ثم بدأت التسجيل، و هكذا انتقلت إلى أمريكا و أتممت جزءا من ألبوماتي هناك، أصدرت أول ألبوم لي في سنة 2015، بعنوان « بارادوكسيكول بروجيكت»، أو مشروع متناقض، أما جديدي فهو «مسرح القردة» صدر هذه السنة. إلى أي حد خدمتك دراستك للموسيقى ؟ لا يمكن القول أنها قدمت لي الكثير، ما عدا أنني اختصرت الجهد و كسبت الوقت، فقد تعلمت بفضل دراستي في المعهد، لغة موسيقية سهلت تعاملي مع المؤلفين و العازفين، كما تعلمت قراءة و كتابة الموسيقى. موسيقاك عالمية بروح جزائرية، هل الغرض من توظيف التراث هو العصرنة؟ لا ليس تحديدا، فالتراث الموسيقي موجود، يكفي فقط أن لا ننساه، وهنا أتحدث عن دور القائمين على الثقافة، لكونهم مطالبون بتوثيق التراث و تسهيل عملية الوصول إليه، لأننا في الجزائر « ننسى كثيرا». كما أتحدث كذلك عن الأسرة، لأنها معنية بتربية الأذن الموسيقية لأبنائها. أقول أيضا أننا لا يجب أن ننسى من أين أتينا وهو ما أحرص على التعبير عنه من خلال موسيقاي، فألبومي الأول مزج بين الجاز و الروك و موسيقى الغرب الجزائري، كالراي و القناوة، وحقق مبيعات كبيرة في كندا و الولاياتالمتحدة و فرنسا، لكنه مع الأسف لم يباع في الجزائر «لم يعجبهم» كما علق ضاحكا. ألبومي الثاني، اخترت أن يكون باقة عطر أندلسية بنفحات الجاز العالمي، وقد تعاملت فيه مع أصوات جميلة على غرار كوثر مزيتي، أما عن سبب اختياري للموسيقى الأندلسية فلأنني أحبها منذ الصغر، هي موسيقى جميلة عزفها معقد و حالم. مشهور في الخارج و مغمور ببلادي تحقق أعمالك الانتشار والنجاح في أمريكا و أوروبا لكنك غير معروف محليا لماذا؟ المشكل له علاقة بدور التسجيل و الموزعين عموما، هؤلاء لا يدركون أن لهم دورا تربويا، لأنهم مسؤولون بطريقة غير مباشرة عن بلورة الذوق الموسيقي العام، صراحة ألبوماتي لم تعجبهم ، رغم نجاحها في الخارج، لأنهم مقيدون بألوان موسيقية معينة ، يعتقدون بأنها الأكثر طلبا، كالراي مثلا، لكن في الحقيقة أقول أنهم هم من قيدوا الذوق العام بثلاثة أو أربعة أنواع موسيقية دون غيرها،لأنهم ببساطة لا يقدمون غيرها. أصارحكم بأني اليوم خلال حفلي هنا في قسنطينة، قمت بتوزيع نسخ مجانية من ألبومي الأخير، حتى أنني كنت أعتزم توزيع 200 نسخة، على الجمهور الحاضر، لكن للأسف منعت من إدخال هذه الكمية إلى الجزائر من قبل مصالح الجمارك، مع ذلك أنا متفائل نوعا ما لأن الإنترنت حررت الجزائري وسمحت له باكتشاف موسيقى جديدة كموسيقاي، كما فتحت الباب أمام العديد من الفنانين الشباب لتقديم الجديد و المختلف وهو أمر إيجابي. تعاملت مؤخرا مع أحد أشهر الموسيقيين الأمريكيين وهو معروف بانتقائيته، لماذا اختارك تحديدا، أين تكمن خصوصية الجاز الجزائري؟ بالفعل هو ديفد إلينتن، وقد سجلت الألبوم الأخير في أستوديوهاته بنيويورك، أما عن السبب فيكمن، كما ذكرتم، في خصوصية الجاز الجزائري، فنحن نملك إيقاعات عديدة مختلفة، لدينا الشاوي و القبائلي و الأندلسي و غيرها من الطبوع الغنية موسيقيا، كما أن ألحاننا فريدة و ذات جمالية عالية.