السكان يخرجون إلى الساحات و يتجمعون أمام مدرسة التهذيب و منزل الفقيد عبد الحميد مهري لم يسأل يوما عن ممتلكاته بوادى الزناتي عاشت مدينة وادي الزناتي بقالمة ليلة الاثنين الى الثلاثاء لحظات حزن وأسى بعد وفاة المجاهد عبد الحميد مهري ابن المدينة التاريخية العريقة التي قضى بها أيام الطفولة طالبا للعلم و مناضلا من أجل القضية الوطنية. فقد خرج المئات من السكان الى الساحات العامة و المقاهي وسط أجواء ماطرة و شديدة البرودة معبرين عن حزنهم لفقدان أحد عظماء الجزائر كما قالوا في تصريح للنصر التي انتقلت الى وادي الزناتي و رصدت أجواء الحزن التي خيمت على المدينة بعد انتشار خبر الوفاة بين السكان. دخلنا المدينة و توجهنا الى الساحة المقابلة لمبنى البلدية التقينا بعض الشباب هناك و سألناهم عن أهل الفقيد و أصدقائه فابدوا استعدادهم لمساعدتنا و قادونا الى شارع عمار غيبة و بالتحديد الى المنزل رقم 3 أين نشأ عبد الحميد مهري و في هذه الأثناء كان العديد من سكان وادي الزناتي يمرون أمام المنزل المغطى بالقرميد الاحمر يلقون نضرة سريعة عليه ثم يغادرون في صمت و كأنهم يلقون نظرة أخيرة على مهد النضال و الحركة الوطنية بالمدينة. هذا هو منزل الفقيد يقول قدور سايحي أحد سكان مدينة وادي الزناتي المتتبعين لمسيرة الرجل و تاريخه منزل كان يقيم به المعمر الفرنسي "أنطوان زارا" ثم سكنته عائلة مهري عندما قدمت من مدينة الخروب سنة 1920 تقريبا و قد تحول المنزل الصغير الى مكان شاغر بعد أن غادرت عائلة مهري الى العاصمة و قسنطينة بعد انتفاضة 8 ماي 45 و تقيم به اليوم عائلة أخرى، و أضاف قدور سايحي بأن الفقيد عبد الحميد مهري لم يسأل يوما عن ممتلكات العائلة بوادي الزناتي حيث غادر المدينة طالبا للعلم و مناضلا من اجل الجزائر لم يكن يريد من الدنيا متاعا و لا جاها. غادرنا شارع عمار غيبة الى ساحة البلدية مرة أخرى كانت مجموعات من المواطنين بالمقاهي و المحال التجارية تتداول خبر وفاة المناضل و المجاهد عبد الحميد مهري قال صاحب مطعم كان يعد قطع اللحم لليوم الموالي "لقد رحل أحد أعمدة مدينة وادي الزناتي سمعنا هذا منذ ساعة تقريبا إنها خسارة للجزائر لكنه القدر المحتوم رحم الله الرجل". بعدها انتقلنا الى مدرسة التهذيب المقابلة لمسجد العلامة عمار مهري والد الفقيد عبد الحميد مهري كانت مجموعة من المواطنين عند باب المدرسة التاريخية العريقة التي تحولت اليوم إلى محال تجارية يعرف أصحابها بان المكان مقدس و يمثل رمز الثقافة و الفكر و النضال ضد الاستعمار و تمنى احدهم أن يتحول المكان الى معلم تاريخي يخلد رجالات الحركة الوطنية قائلا "لقد رحل عبد الحميد مهري و على جيل الشباب أن يقتدي به لما كان يتميز به من صدق و إخلاص و حب للوطن". و بالجهة المقابلة لمدرسة التهذيب كان بعض المواطنين منهمكين في كتابة بيانات التعازي التي سترسل إلى عائلة الفقيد بالعاصمة و يعتزم بعض سكان المدينة التوجه الى هناك لتقديم واجب العزاء كما قالوا. بعدها قادنا مرافقنا قدور سايحي الى منزل سي أحمد الهادي طيروش صديق عبد الحميد مهري وجدناه في غاية الحزن و التأثر يكاد المرض أن يقعده بعد أن تقدمت سنوات العمر لكنه قاوم المطر و البرد و خرج إلينا مؤكدا بأنه عرف رجلا مخلصا متواضعا و عظيما لن يخلفه الزمان كما قال تحدث عن جوانب من حياة الفقيد ثم غادرنا باكيا على رحيل صديق الطفولة و النضال. كان المطر يتساقط بغزارة و بلغت درجات الحرارة مستويات متدنية لكن المدينة العريقة لم تخلو من الحركة على غير العادة لقد مات عبد الحميد مهري و طويت معه صفحة من تاريخ الجزائر التي كافح من أجلها و غادرها في صمت.