دوفيلبان يدعو إلى مصالحة تاريخية مع الجزائر كما حدث مع ألمانيا دعا دومينيك دو فيلبان رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق إلى مصالحة تاريخية مع الجزائر واعتبرها مفتاح السياسة الفرنسية الجديدة اتجاه المنطقة العربية، بينما أكد الكي دورسي أن وزير الشؤون الخارجية لوران فابيوس سيقوم بزيارة قصيرة ومحددة للجزائر قريبا. تدفع فرنسا الرسمية الجديدة في عهد الرئيس فرانسوا هولاند نحو علاقات مميزة مع الجزائر، وهي تريد قلب الصفحة واستغلال الفرصة لتمتين علاقاتها مع المنطقة العربية المتحركة برياح ما يعرف بالربيع العربي، وعليه تتزايد من يوم لآخر تصريحات المسؤولين الفرنسيين الرسميين والسابقين المثفقين مع الرئيس الحالي من أجل الدفع بالعلاقات الفرنسية الجزائرية نحو أفق جديدة، بعدما مرت بفترات فتور وتشنج في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. الدعوة إلى هذا الاتجاه جاءت هذه المرة من عند رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق والوزير دومينيك دوفيلبان ، حيث دعا في مساهمة له ستصدر في عدد اليوم من جريدة “ لوموند" إلى مصالحة تاريخية مع الجزائر واعتبرها مفتاحا للسياسة الفرنسية الجديدة اتجاه المنطقة العربية، وحسب ما نقلته وسائل إعلام عن مضمون مقالة دوفيلبان فإن هذا الأخير قال" لدي القناعة بأن المفتاح لسياسة عربية جديدة لفرنسا هو علاقة جديدة بين فرنساوالجزائر تبنى على مصالحة تاريخية كما فعلنا مع ألمانيا". ويضيف رئيس حكومة جاك شيراك في هذا السياق قائلا" الجزائر تبدو ثابتة، إنها في نقاش مع نفسها حول ذاكرة ماضيها، واستقلالها...لنكون في الموعد مع المصالحة" وبالنسبة للمتحدث فإن هذه المصالحة “لابد أن تمر عبر مؤشرات قوية خاصة زيارة رئيس الدولة إلى شركائنا في المنطقة ليبين أننا نقف مع الشعوب"، مذكرا في هذا الصدد بالاستقبال الشعبي الحار الذي لقيه الرئيس الأسبق جاك شيراك عند زيارته الجزائر سنة 2003. وإذا كان دومينيك دو فيلبان يرافع على العموم من أجل سياسة عربية جديدة لفرنسا في ظل الظروف الإقليمية التي يعرفها الجميع، فإنه يقر بأنها لا يمكن أن تمر سوى عبر الجزائر، منبها في ذات الوقت للظروف التي تمر بها المنطقة العربية عموما، حيث قال بهذا الخصوص هناك خطيرين يجب علينا تجنبهما، الأول يتلخص في احتمال توجه الثورات العربية نحو راديكالية وتطرف في الهوية، فالسلفية تلعب هذا الوتر لأنها تحمل حلا راديكاليا في مواجهة اليأس الاجتماعي الحالي، والخطر الثاني يتمثل في بلقنة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بما يحمله من امكانية بروز النزاعات الانفصالية في ظل دول ضعيفة. ويعتبر دومينيك دوفيلبان من منظري السياسة الخارجية الفرنسية وقد عمل وزيرا للشؤون الخارجية في عهد الرئيس جاك شيراك، وهو من السياسيين المثقفين القلائل في فرنسا، وتتقاطع أفكار دوفيلبان مع الأطروحات التي بدأ الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند يكشف عنها منذ دخوله قصر الإليزي، خاصة ما تعلق بالعلاقة بين الجزائر وباريس التي مرت في السنوات الأخيرة في عهد نيكولا ساركوزي بحالات جمود وتوتر. وإذا كان دوفيلبان لم يحدد سقف المصالحة التاريخية التي يتحدث عنها مع الجزائر فإن دعوته هذه تأتي على بعد أيام فقط من الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، الجزائر التي تمسكت بمطالب الذاكرة، وهي اعتراف فرنسا الرسمية بالجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في حق الشعب الجزائري على مدى أكثر من قرن، والاعتذار له وتعويضه، ثم الذهاب في المرحلة التي تلي ذلك نحو علاقات سياسية واقتصادية متميزة بين البلدين. ومن المؤشرات الأخرى التي تؤكد أن فرنسا فرانسوا هولاند تريد الدفع بالعلاقات مع الجزائر نحو آفاق أحسن تأكيد الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن وزير الشؤون الخارجية لوران فابيوس سيقوم في وقت لاحق بزيارة محددة وقصيرة إلى الجزائر، وإن كان الناطق الرسمي لم يحدد تاريخ الزيارة إلا أن الكثير من المصادر قالت أنها ستكون خلال الأسبوعين القادمين. وأشار الناطق باسم الكي دورسي إلى طبيعة العلاقات بين البلدين، فقال أنها متميزة بتاريخ مشترك وعلاقات إنسانية كثيفة، وأن الوقت الحالي مناسب للدفع بها نحو آفاق جديدة كما يرغب في ذلك رئيسا البلدين.