عاش جمهور و ضيوف دارالثقافة هواري بومدين على وقع احتفالات ولاية سطيف بالخمسينية بعرض مسرحي ضخم / رحلة حب / عن نص للشاعر المرحوم عمر البرناوي و اخراج مسعود بلباز و من انتاج المسرح الجهوي العلمة . و هذا بحضور عائلة المرحوم البرناوي و كذلك كوكبة من الفنانين و على رأسهم الملحن محمد بوليفة الذي أبدع في الكثير من مشاهد العرض بصوته و عوده ما أعطى الكثير من المستوى و القيمة الفنية للعرض الذي أراده المخرج مسعود بلباز أن يكون أحد أهم و أكبر محطات الاحتفال بالخمسينية بالوطن بما أعطاه للعمل من جهد كبير توج بفرجة وجمال كبيرين لم تشهدهما و لاية سطيف منذ مدة . و قد شد الانتباه و منذ البداية الممثل منير بومرداس خريج مدرسة برج الكيفان بآدائه الراقي و المتميز في دور الكاتب الذي تجد زوجته إحراجا كبيرا لإفراطه في القراءة و الكتابة وحب الوطن بمستوى جنوني كما عبر عنه في الكثير من المشاهد التي تفاعل معها الجمهور. و بين حالة و أخرى ومشهد و آخر استطاع المخرج بلباز أن يؤثث مواقف بطله بتناقضات كبيرة و كثيرة أدت لفقدان الكاتب لصوابه أمام الخيانات المتكررة و المتعددة الأشكال وفشل الخير في تجاوز الشر وتحول القتل إلى ممارسة ولعبة فيها الكثير من اللذة و التي وظفها المخرج بطريقة فنية تفتح مجال تعدد الرؤية و القراءات ،وهذا نتيجة تنامي فوضى التعبير عن الحب كونه حالة إنسانية خاصة مانعة للشر بكل أشكاله لتحقيق خصوصية الانتماء بالدرجة الأولى بالابتعاد عن ممارسة الزيف و كل ما هو مصنع و مصطنع و غير حسي ووجداني . ما ولد حالة صراع وحرب غير قابلة للسلم من خلال مشاهد آداءات كوريغرافية راقية صممتها السيدة الفنانة حورية ايدامي التي أبدعت هي الأخرى مع مجموعة من الشباب الموهوبين في صناعة لوحات تعبيرية راقية عن حالتي الحب و اللا حب ،ما أثار فضول المتابعة و المتعة الكبيرتين بتجدد الصراع الذي كان يجسده الكاتب في المواقف غير الثابتة و حالة اللااستقرار التي يعيشها الكاتب الرافض للاستسلام و الهزيمة بقابلية أكبر لمعايشة الآخر زمنيا و مكانيا رغم تعدد و تنوع العدو . وهي المهمة التي كلفه بها المخرج لإبراز الإنسان المثالي الذي باستطاعته أن يؤسس طريقة جديدة في الحب من شأنها أن تعيد الإنسان لطبيعته الأولى ليخلص المخرج مسعود بلباز في النهاية إلى القول بأنه من الكفر أن نحب شيئا آخر غير الله و الوطن .