الحرب في مالي ستدور حول معركة كيدال لا تزال العمليات العسكرية الفرنسية لمساعدة الجيش المالي منذ 12 يوما منحصرة في مناطق وسط البلاد قريبة بمعايير الصحراء الشاسعة من العاصمة باماكو. كان التقدم الكبير شمالا للطيران الفرنسي قد مس مدينة تمبكتو الواقعة وسط البلاد بخلاف الغارات الخاطفة التي شنتها الطائرات الحربية على معقل جماعة التوحيد و الجهاد في مدينة غاو القريبة من النيجر في أقصى الشمال الشرقي لمالي و البعيدة عن باماكو بألف و 800 كيلومتر. المسلحون الإسلاميون الذين توعدوا فرنسا بحرب طويلة و منهكة اعتمدوا دون مفاجأة أسلوب حرب العصابات في المدن التي كانوا يسيطرون عليها و قد نقلوا مختلف سلاحهم الثقيل و عتادهم الحربي إلى مناطقهم الآمنة في محيط مدينة كيدال التي لم تمسسها صواريخ الطائرات بسبب وعورة تضاريسها و عزلتها و إمكانية استهداف الطائرات نفسها بصواريخ مضادة للطيران محمولة على الأكتاف يملك منها المقاتلون الإسلاميون عددا وافرا. التوغل الفرنسي في مالي بدأ حماسيا و قويا لكن إسقاط المتمردين التوارق لطائرتين في معركة ديابالي قرب نيونو و موبتي فرض على العسكريين الفرنسيين إعادة حساباتهم و التقدم ببطء و هو ما مكن المقاتلين من جماعات انصار الدين و تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من نقل عتادهم الحربي بسهولة إلى مناطق مناسبة للقيام بالرد الميداني على الجنود الفرنسيين و قوات "إيكواس" المنتظر دعمها لهم في ما يوصف بتحرير شمال مالي و بسط سيطرة الجيش النظامي في منطقة "أزواد". تشير التقارير أن التحركات الكثيفة للسكان هربا من القصف تتجه نحو مدينة كيدال و تفعل الجماعات المسلحة نفس الشيء للتماهي مع المدنيين العزل و لكي تحشد دعمهم وولاءهم لها من خلال ما تناقلته الأخبار من انتهاكات قام بها جنود ماليون في المدن التي استولوا عليها بحق السكان من ذوي البشرة الفاتحة التوارق و غيرهم من ابناء القبائل العربية. النزوح الكبير لآلاف التوارق و العرب شمالا ما زال بعيدا عن الحدود الجزائرية المغلقة، كما أن النيجر التي يريد البعض اللجوء إليها أغلقت حدودها حذر انتقال المسلحين اليها و خوضهم المعركة ضد فرنسا من أراضيها، و تتجمع قوات كبيرة للمتمردين التوارق في كيدال و معها عشرات آلاف الهاربين من جحيم قصف الطائرات الفرنسية، و يرى متابعون للوضع من أقصى الجنوب الجزائري أن مجريات الحرب في منطقة كيدال ستكون الحاسمة و حينها فقط ينجلي غبار الحرب الفرنسية في مالي عن خريطة جديدة لموازين القوة، لكن السؤال الذي لا يزال الكثيرون يخشون طرحه هو متى تصل فرنسا بجنودها الى كيدال؟ و ما هي النتيجة المرتقبة للمواجهات في جبالها و من مغاراتها التي تشبه إلى حد كبير مغارات "تورا بورا" في أفغانستان التي تحصن بها زعيم تنظيم القاعدة في أسامة بن لادن لسنوات طويلة دون ان تمسك به ترسانة الاستخبارات المركزية الأمريكية.