"مجموعتي الشعرية الأخيرة ترجمت إلى العربية لإيصالها إلى كل الناس" أعرب رائد الأغنية القبائلية المعاصرة المطرب لوناس آيت منقلات في ندوة صحفية نشطها مساء أول أمس بنزل البانوراميك قبل ساعات قليلة من أول حفل له بمدينة قسنطينة ، عن تأثره الكبير و هو يعود إلى مدينة الجسور المعلقة لأول مرة بعد 37 سنة. و قال : " لم أزر قسنطينة منذ أن أنهيت خدمتي الوطنية بها في ثكنة القصبة ، و كان ذلك منذ37 سنة ". و استرسل معلقا أنه لم يتعرف على الكثير من المناطق جراء التغييرات التي طرأت عليها حسبه :"في الحقيقة خلال جولتي القصيرة التي قادتني في أرجاء المدينة لم أتعرف حقا على الأماكن التي بقيت عالقة في ذهني ما عدا القصبة أين أمضيت أشهرا طويلة" . كشف الفنان الشاعر في أول زيارة له لقسنطينة بعد مغادرة الثكنة العسكرية التي أدى بها الخدمة الوطنية ، بأن شوارع المدينة تحت المطر حركت قريحته الشعرية من جديد، و استعاد الكثير من الذكريات عند مروره ببعض الأماكن التي عرفها عن كثب في السابق ، و التي لم تتغير مثل غيرها من الأماكن التي بدت له و كأنه يراها لأول مرة ، لولا بعض معالم المدينة التي بقيت تقريبا كما هي منذ سنة 71، لكن بفرق واحد أنها لم تكن حينها تضج بالناس مثل اليوم، شأنها شأن باقي المدن الجزائرية التي تعرف أكثر فأكثر اكتظاظا خانقا. و بنبرة يغمرها الحنين تحدث عن أيام الزمن الجميل عندما كانت الحياة أكثر حميمية ، تطبعها الألفة بين الناس و سهولة الحوار، و قال أن الأماكن التي تركت أثرا عميقا في نفسه منذ سنوات السبعينات في قسنطينة هي الجسور و منحدرات المدينة و:" لحسن الحظ هذه المناطق مازلت موجودة و أحيت ذكرياتي، خاصة عندما نشاهد الغربان من الأعلى و هي تحلق في هوة جسر سيدي مسيد، هذا في الحقيقة شيء عظيم الجمال " . و كشف أنه ألف أول قصائد أغانيه الناجحة في قسنطينة ، و سجل أجملها في استوديوهاتها خلال الفترة التي أمضى فيها خدمته العسكرية كأغنية " لويزة"، "وراس ذا لما " و عدة أغاني أخرى: " قسنطينة تعني لي الكثير فهي جزء مهم جدا من حياتي "، كما انه كان يتدرب على أغانيه الجديدة في " الفندق" برحبة الجمال، أين كان يلتقي تقريبا كل مساء بأصدقائه من أجل التدريب : " عندما كنت أخرج من الثكنة العسكرية كنت ألتقي بالكثير من الأصدقاء في المدينة من هواة الموسيقى و العزف على الآلات ، و لحسن الحظ التقيت بعضهم اليوم و رافقوني في جولة قصيرة في أرجاء المدينة ، و تذكرنا سويا سهراتنا الدافئة رفقة إبريق الشاي و الأحاديث الطويلة التي كانت تدور بيننا"، مشيرا انه لم يكن يعرف في ذلك الوقت أن "الفندق" مكان يجتمع فيه الفنانون و المثقفون، و يعود الفضل في اكتشافه لأصدقائه من أبناء المدينة اللذين عرفوه بالمكان، خاصة أنه لم يتسنى له الوقت و لا الظروف للتعرف على الفنانين القسنطينين ، بحكم أنه كان يخضع لنظام عسكري داخل الخدمة الوطنية ، و لم يكن يملك الكثير من الوقت. و بخصوص ألبومه الجديد الذي أطرب جمهور مدينة سيرتا بالعديد من أغانيه في سهرة أول أمس " تاوراقت أشبحان" " الورقة البيضاء" قال أن مواضيعه منوعة تتناول كالعادة الأغاني الرومانسية حول المرأة و الحب و مواضيع اجتماعية و أخرى عن الطبيعة، و خاصة الأغنية الأولى "الورقة البيضاء " التي يحمل هذا الألبوم عنوانها ، و فيها يتحدث عن القلق الذي يصيب الكاتب أو الشاعر أمام أوراق بيضاء يعجز عن الكتابة فوقها ، و ينتهي به الأمر في نهاية المطاف إلى ملئها بالخطوط السوداء .و بالإضافة إلى ألبومه الأخير الذي عرضه للبيع على هامش الحفل ، قدم آيت منقلات مجموعة شعرية للعديد من قصائده بالقبائلية مع ترجمة لها بالعربية ، و أشار انه فكر في هذه المبادرة المهمة من اجل إتاحة الفرصة للذين لا يتحدثون القبائلية لفهم قصائده ، بدل الاكتفاء بالاستماع للألحان و الموسيقى من أجل إيصال فلسفته الشعرية لأكبر عدد من الناس . و قال في الأخير ردا على سؤال يتعلق حول سبب تأخره عن زيارة قسنطينة من أجل الغناء فيها ، بأنه عندما تمت دعوته مؤخرا بشكل جاد و باحترافية لبى الدعوة و "ها أنا هنا اليوم ، عندما تتم دعوتي بشكل لائق فأنا لا أتأخر أبدا ، و قد غنيت أكثر من مرة في مدن قريبة من قسنطينة كعنابة مثلا" .