اقبال على "الفوفوزيلا" بقسنطينة لمساندة الخضر ولو من بعيد تحولت العديد من أحياء قسنطينة منذ انطلاق عرس المونديال بجنوب افريقيا الى شبه ملاعب تمتزج بها الأغاني الرياضية الحماسية والأهازيج والهتافات بأصوات ال"فوفوزيلا"... وهي أبواق تقليدية جنوب افريقية الأصل والمنشأ والأبعاد، يرجح أن الصينيين "هربوها" من أنصار "البافانا بافانا" لتحتضنها أيادي الكثير من القسنطينيين كبارا وصغارا، فيعبروا بالنفخ عليها عن حماسهم ومناصرتهم للخضر وباقي فرقهم المفضلة المشاركة في منافسات المونديال الحامية الوطيس... وهكذا حلت "الفوفوزيلا" ضيفة صاخبة على المدينة هذا الموسم، وربما كموضة مونديالية تلاحق باقي منافسات المواسم القادمة، كما تلازم لحد اليوم، كافة المقابلات التي تحتضنها ملاعب جنوب افريقيا، رغم ما تثيره من جدل وازعاج خاصة للاعبين الأوروبيين ومدربيهم، فرفع الكثير منهم شكاوي أمام "الفيفا" ليطالبوا بحظرها. في الوقت الذي تطرب وتحمس أبناء البلد الأصليين ولا غنى لهم عن أصواتها التي قد تصم الآذان وتضعف تركيز وتواصل اللاعبين وتهز أركان الملاعب بضجيجها القوي. الملاحظ أن هذه الأبواق "تسربت" الى بلادنا تدريجيا بمختلف الأشكال والأحجام والألوان سواء على سبيل التجريب واختبار درجة الإقبال عليها، أو للترويج المباشر وتحقيق أغراض تجارية محضة. والمثير أن الكثير منها يزينها العلم الجزائري لترمز لتأهل الخضر الى مونديال جنوب افريقيا وتلتحم بهذا الحدث الكروي العالمي. "الفوفو" من "الزولو"... لى قسنطينة! انهم شبان وصبيان اقتنوا الفوفوزيلا من المحلات التجارية والأكشاك أو الأسواق والأرصفة ليكتشفوا كما قال بعض الذين تحدثنا اليهم - مدى تشابه الأصوات التي تنبعث منها مع تلك التي تدوي ملاعب جنوب افريقيا خلال المقابلات التي يتابعونها عبر القنوات التلفزيونية، وليستمتعوا بما تثيره من حماس حولهم. غير مبالين بما تسببه لغيرهم من الجيران والمارة من ازعاج... ورهانهم الوحيد أنهم سيتعودوا عليهم، فكل المؤشرات الراهنة تقول بأن هذا التقليد المونديال الجنوب افريقي، سيتربع في أحيائنا وشوارعنا وربما بيوتنا على الأقل طيلة عمر التظاهرة العالمية الكبرى. وبهذا الخصوص، قال الطالب الجامعي (سهيل) بأن أصوات "أبواقنا" أقل حدة وازعاجا من أصوات الفوفوزيلا الأصلية بجنوب افريقيا، ولا مجال لحظرها عندنا أو ببلدها الأصلي واستند إلى تصريح لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي رفض منعها تماما في المونديال حيث قال: "أنها تعكس صورة من تاريخ وثقافة جنوب افريقيا وحظرها يعد بمثابة تدخل في أمور شخصية.. ويتوقع الشاب بأن تجد هذه الأداة التشجيعية مقاما طيبا بين أنصار فرقنا من هنا فصاعدا، وتحتل واجهة الاكسسوارات والوسائل المنجزة لذات الغرض.. بعد أن كانت ثانوية أو منعدمة. وعلق شاب آخر، كان ينفخ على فوفوزيلا بساحة أول نوفمبر وسط المدينة غير مبال باحتجاج المارة: "سيرتبط صوتها بشعار وان.. تو... ثري... فيفا لالجيري عن قريب". فاذا كان هذا الشعار قد التحم تماما بالخضر ومناصريهم و"الخضرا" الأم، لاشعال المشاعر الوطنية الجياشة والحماس الرياضي خلال المناسبات الرياضية إلى جانب حمل الاعلام والعديد من الاكسسوارات والطقوس، فإن لكل بلد تقاليده في هذا المجال. أن أنصار الفرق السويسرية وبعض الدول الاسكندنافية مثلا يستعملون الأجراس التي تزين عادة أعناق البقر للتعبير عن دعمهم وتشجعيهم لفرقهم، وتستخدم موسيقى "السامبا" لنفس الغرض من طرف أنصار الفريق البرازيلي. بينما يحمل أنصار الفرق اليابانية والكورية الجنوبية الأعلام الضخمة والعصي البلاستيكية لاثارة الحماس في الملاعب... لكن الفوفوزيلا تسربت بمناسبة احتضان جنوب افريقيا لعرس المونديال الى العديد من البلدان الأوروبية والآسيوية والافريقية... كما تقول آخر الأخبار، فاحتضنها بعض الأنصار والمشجعين بحميمية، ونفر من دويها الكثيرين، ومواقع الأنترنيت والعديد من الشبكات الاجتماعية تزخر بالاحتجاجات والتنديدات وفي رأس قائمة المطالبين بحظرها يأتي الامريكيون. مع التركيز على الدوافع الصحية والدراسات العلمية... فالآلة الأصلية تصدر أصواتا يتجاوز ترددها 127 ديسبال، وتشبه نهيم الفيلة أو طنين النحل أو الذباب وكانت تصنع من قرون الأبقار الوحشية ويقال أنها تعود إلى قبائل "الزولو" الذين كانوا يطلقون عليها اسم "فوفو" وتدل على مصدر الضجيج. وكانت تستخدم لاستدعاء الناس لحضور الاجتماعات في أماكن محددة... وارتبطت تدريجيا بالمناسبات الوطنية الكبرى، ثم المقابلات الرياضية لتصبح منبع الانتصارات ومصدر الحماس وزرع الأمل في الفوز والتألق... وهكذا أصبحت تصنع من مادة القصدير ثم البلاستيك... ويذكر أن مدينة كيب تاون الجنوب افريقية الساحلية تضم نصبا تذكاريا للفوفوزيلا طوله 35 مترا، يتحدى الدراسات الطبية التي تؤكد أن دوي الآلة يمكن أن يؤدي إلى الصمم وتشقق وتورم الشفاه وانتشار الميكروبات بين العازفين عليها أو بالأحرى النافخين عليها.. وعلى سبيل المواساة، تم اعلان عن تصميم فوفوزيلا ذات تردد أضعف حدة أقل بحوالي 20 ديسبال عن البوق التقليدي القديم، من المنتظر أن يتم تسويقها بجنوب افريقيا قبل انتهاء المونديال... وحاليا تباع للمنزعجين من ال "فوفو" سدادات لغلق الآذان! .. ومن الصين إلى دبي.. المؤكد أن هذه الأبواق لم يتم جلبها من عقر ديارها إلى بلادنا لهذا سألنا البائع الشاب أحمد عن مصدرها، فقال دون تردد: "قبل أسابيع من انطلاق المونديال، توجهت إلى سوق دبي بمدينة العلمة لاقتناء الأكسسوارات اللازمة لمشجعي الخضر..فوجدت أعدادا كبيرة من الأبواق المختلفة الأشكال والأحجام والألوان، ولاحظت إقبال التجار على اقتنائها لبيعها للمناصرين...لم أشتر كل الأنواع، خوفا من كسادها، اشتريت نوعين فقط بألوان زاهية، واستقطبت فضول الكبار والصغار من زوار المعرض التجاري الذي نظم بقسنطينة في منتصف الشهر الماضي، وبعتها كلها بسرعة غير متوقعة". وعن مكان صنعها، قال:"يرجع أنها صنعت في الصين على غرار مختلف الأكسسورات الرياضية الأخرى وتم تسويقها بكثافة في الجزائر هذا الموسم لأنها من الدول التي تأهلت إلى المونديال...وقد لاحظت بأن بعض الأبواق البلاستيكية الصغيرة ألصق بها العلم الجزائري والبعض الآخر يحمل رسم تنين..." وبخصوص أسعارها، أكد بأنها "منخفضة" فقد باع الكبيرة ب 150دج والصغيرة ب 70دج ويرى بأنها رمز للتفاؤل والفرح ومناصرة الخضر في السراء والضراء والفوز والخسارة وهذا هو المهم.