تواصلت يوم الاحد المسيرات السلمية للمواطنين التونسيين المطالبين باسقاط حكومة محمد الغنوشي و ابعاد جميع رموز النظام السابق و ذلك بكثير من الحدة في مناخ يتميز بالقتامة الاقتصادية. فقد قام الاف المواطنين جاؤوا من مختلف المناطق التونسية بالتجمع امام قصر القصبة مقر الوزير الاول من اجل المطالبة برفض فريق الحكومة حتى و ان كانت مؤقتة و التي يقودها الغنوشي و تضم اعضاء "كانوا ضمن النظام المعزول". و تعكس هذه الحركات الاحتجاجية التي ضمت اشخاصا من مختلف الفئات الاجتماعية و التيارات السياسية و الطبقات الاجتماعية و المهنية اصرار المتظاهرين على المضي قدما الى غاية تحقيق مطالبهم و اسقاط جميع رموز زين العابدين بن علي الذي غادر البلاد يوم 14 يناير نحو العربية السعودية. كما تعكس تجاهل السكان لدعوة الوزير الاول باعطاء المهلة المحددة بستة اشهر لفريقه الحكومي و استكمال المرحلة الانتقالية الدستورية و تحضير انتخابات حرة و نظيفة. و هي الانتخابات التي اعطى الغنوشي ضمانات علنية بعدم الترشح مرة اخرى و ذلك خلال لقاء متلفز مع الصحافة حيث تكلم فيها بحرية كبيرة. و بالتوازي مع ذلك استمر رموز النظام البائد بالسقوط تباعا سيما مع الاعلان يوم الاحد عبر القنوات الرسمية عن قرار الوضع تحت الاقامة الجبرية و البحث عن اقرب معاوني و مستشاري الرئيس المخلوع بن علي. و يتعلق الامر بمستشاره الخاص و الناطق الرسمي للرئاسة عبد العزيز بن ضيا و رئيس غرفة المستشارين عبد الله القلال الذين وضعا تحت الاقامة الجبرية فضلا عن مستشاره السياسي عبد الوهاب عبد الله الذي يجري البحث عنه. كما ان هذه الاحداث تاتي في ظل غليان كبير تميزها تطلعات سكان عازمين على طي صفحة بن علي كليا (23 سنة من الحكم الفردي) و التمكن من تحسين ظروفهم المعيشية. و يعد ذلك حدثا فريدا من نوعه في تاريخ تونس مما ادهش عديد الملاحظين و المواطنين حيث اعتبر الكثير منهم "ان اعينهم غير مصدقة ما حدث" حتى ان قوات الشرطة تتظاهر ضد رموز النظام البائد مؤكدين انهم "كانوا في مقدمة ضحاياه". في هذا الصدد تظاهرت عناصر من الشرطة يوم الاحد و ذلك لليوم الثاني على التوالي بنهج لحبيب بورقيبة غير بعيد عن المبنى الهائل لوزارة الداخلية من اجل التعبير عن رفضهم للنظام السابق و رموزه و التاكيد على "انتمائهم للشعب" و المطالبة بتحسين ظروفهم الاجتماعية. و يحدث كل هذا في ظل اقتصاد بطئ وتراجع حاد للنشاط السياحي احد الاعمدة الاساسية للاقتصاد التونسي اذ يمثل وحده نحو 6 بالمئة من الناتج المحلي الخام. و يعيش نحو 400.000 شخص اي العديد من العائلات بشكل مباشر او غير مباشر من هذا النشاط الذي يعد مصدرا هاما للمداخيل بالعملة الصعبة بالنسبة للبلد. و حسب اراء مختلفة لملاحظين فان استمرار مناخ اللااستقرار و في حال فشل تونس في تحقيق تحول ديمقراطي في اقرب الاجال سيؤدي ذلك "الى تحطيم قطاعها السياحي و تعطيل تسيير شؤونها الاقتصادية". كما تسبب ركود الاقتصاد التونسي منذ منتصف شهر ديسمبر الفارط اثر ثورة "الياسمين" التونسية في اثارة مخاوف كثيرة بشان تراجع محتمل للنشاط الاقتصادي و للصادرات التونسية لاسيما في مجال الصناعة الغذائية و النسيج و الالبسة و الجلود و مناجم الفوسفات و مشتقاته و الطاقات و الزيوت التي يرتكز عليها جزء كبير من ميزان التجارة الخارجية للبلد. و اشار المحافظ الجديد للبنك المركزي لتونس مصطفى كمال نبيل لطمانة المواطنين الى ان احتياطي البلد بالعملة الصعبة يبلغ 6ر12 مليار دينار تونسي (نحو 5ر6 مليار اورو) اي ما يكفي لتغطية "143 يوما من الواردات وضمان السير الحسن لعمليات الدفع الخارجية مع السهر على دفع وتيرة الاقتصاد". و قد سجل الاقتصاد التونسي انخفاضا في نقطته السيدة من ب أأ2 الى ب أأ3 لدى وكالة التنقيط "موديس انفستورس سارفيس" و من أ أ أ الى ب ب ب لدى الوكالة اليابانية للتنقيط "أر اند اي" مع ترقب افاق تطور سلبية. كما قامت وكالتا تنقيط اخريان هما "ستاندارس اند بورس" و "فيتش" بالحفاظ على نقطتي ب ب ب الخاصة بتونس مع اخضاعها لمراقبة سلبية لمدة 3 الى 6 اشهر. و اكد محافظ البنك المركزي لتونس محاولة منه لتبديد المخاوف انها ستقوم بتسديد ديونها المقدرة سنة 2011 ب120ر1 مليار دينار تونسي (نحو 600 مليون اورو) في الاجال المحددة.