تجري يوم الجمعة بأدرار أشغال لقاء علمي يناول بحث العلاقة بين الإصابة بمرض السرطان وبين التجارب النووية التي فجرها الاستعمار الفرنسي بمنطقة رقان بالصحراء الجزائرية منذ 51 سنة و التي لاتزال آثارها تطال صحة مواطني المنطقة لحد الآن. وخلال هذا اللقاء الذي يأتي احياء للذكرى 51 لهذه التفجيرات الأليمة والذي بادرت بتنظيمه جمعية "أمل" لمساعدة المرضى المصابين بداء السرطان بالتنسيق مع اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها أكد رئيس اللجنة فاروق قسنطيني في رسالة قرأت بالنيابة عنه أن ما شهدته الصحراء الجزائرية من تجارب نووية "يعد من أبشع الجرائم التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في حق المواطنين الجزائريين". وأضاف ان ما حدث يعد انتهاكا صريحا لنصوص والقوانين والمعاهدات الدولية التي تقر بمبدأ الحفاظ على حقوق الإنسان". وأوضح فاروق قسنطيني في رسالته أن فرنسا تتحمل "كل المسؤولية" عن نتائج هذه الجرائم النووية رغم كل المحاولات التي تلجا إليها "في التعتيم على هذا الملف" بكل الوسائل من خلال تذرعها بعدم اختصاص المجتمع الدولي في تناول هذا الموضوع من جهة و "بالسرية و العراقيل" التي تضعها الحكومة الفرنسية أمام الباحثين عن وثائق الأرشيف الفرنسي من جهة أخرى. ولعل من أبرز صور انتهاك هذه العهود و المواثيق الدولية -يقول قسنطيني- لجوء الاستعمار الفرنسي إلى تعريض أسرى جيش التحرير الوطني بصفة مباشرة إلى هذه الإشعاعات النووية في حقل التفجير" مما يعد خرقا واضحا للاتفاقية جنيف المتعلقة بأسرى الحرب و كيفية معاملتهم". كما أشار قسنطيني أنه في الوقت الذي كانت تحتفل فيه فرنسا بدخولها النادي النووي كان هناك في الجهة المقابلة "مواطنون جزائريون يصارعون الموت" جراء استنشاقهم للغبار الإشعاعي الناجم عن هذه التفجيرات في مشهد يؤكد انعدام الحس الإنساني لدى المستعمر الفرنسي. وفي هذا الإطار دعا رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان إلى ضرورة تكاثف جهود كل الأطراف من حقوقيين و أطباء و مجتمع مدني من أجل "إعداد ملف متكامل من خلال فتح نقاش عميق يجرم المستعمر الفرنسي و يلزمه بالاعتراف بجرائمه البشعة التي ارتكبها في حق أبناء الشعب الجزائري إلى جانب تعويضهم ماديا و معنويا". ومن جهتها أكدت الأمينة العامة لجمعية "أمل" السيدة حميدة كتاب أن هدف الجمعية الأساسي هو الوقاية و والتحسيس و الإعلام حيث يهدف هذا اللقاء إلى بحث العلاقة بين الإصابة بمرض السرطان و التفجيرات النووية التي قامت بها فرنسا بالمنطقة قبل 51 سنة والتي تسببت في حالات من مرض السرطان لا تزال قائمة لحد الآن. كما أوضحت أنه يتعذر في الوقت الحالي إنجاز إحصاء دقيق لعدد الإصابات بأمراض السرطان و أسبابها وذلك بسبب غياب سجل لأمراض السرطان. وأشارت في هذا الصدد إلى أن اعتزام الوزارة الوصية إنشاء مركز لمكافحة أمراض السرطان بالولاية سيكون له دور كبير و فعال في توفير إحصاء دقيق و المساعدة في مكافحة هذا الداء و التكفل بالمصابين. ومن جهته أكد رئيس اللجنة الفرعية الدائمة لحماية حقوق الإنسان باللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان العياشي دعدوعة أن اللجنة ارتأت أن تكون ذكرى هذه التفجيرات الأليمة متميزة هذه السنة وذلك من خلال "عقد بروتوكولات اتفاق تعاون بين مختلف الأطراف المعنية" من أجل تكفل حقيقي و أمثل بالمصبين بأمراض السرطان بالمنطقة نتيجة هذه التفجيرات. و خلال هذا اللقاء سيعكف أساتذة و اختصاصيون على "تقديم كل الحقائق العلمية" حول أسباب الإصابة بأمراض السرطان و آثار الإشعاعات النووية على صحة الإنسان والبيئة. كما من المنتظر أن يتوج اللقاء بإعداد "دليل علمي" حول العلاقة المباشرة بين الاصابة بمرض السرطان و الإشعاعات الناجمة عن التجارب النووية التي كانت منطقة حمودية برقان مسرحا لها. وقد تم خلال اللقاء إمضاء اتفاق تعاون بين جمعية "13 فبراير 1960" وجمعية ''أمل'' لمساعدة المصابين بمرض السرطان و اتفاق آخر بين مركز ماري كوري بالجزائر العاصمة و المؤسسات العمومية الاستشفائية الثلاث بكل من أدرار و رقان و تيميمون يقضي بتكوين أطباء و ممرضين من ولاية أدرار بالجزائر العاصمة تحت إشراف المتخصصين المتعهدين من أجل توفير التأطير اللازم لمركز السرطان المرتقب انجازه بالولاية. وتتواصل أشغال اللقاء العلمي الذي يندرج في اطار احياء الذكرى ال 51 للتفجيرات النووية الفرنسية برقان (13 فبراير 1960) من خلال إلقاء عدة مداخلات من طرف الأساتذة المختصين و بحضور أعضاء السلك الطبي بالولاية.