ميلة- خلف نظاراته و نظره الثاقب تختفي دائما صورة جميلة يرسمها في ذهنه قبل أن يجسدها في الواقع من خلال آلة تصوير ما. عمراوي مراد هذا الفنان الموهوب في ميدان التصوير الفوتوغرافي من مواليد 1952ببلدية سيقوس (ولاية أم البواقي حاليا) مبدع جدا في علاقته مع التراث و الطبيعة كما يتناغم جيدا مع هذا الشعار الذي يبرر مشاركته الصالون الوطني الأول للصورة الفوتوغرافية والذي انطلق الثلاثاء بميلة ويختتم يوم الخميس 24 نوفمبر الجاري . وبإمكان من يزور معرض هذا الفنان بدار الثقافة مبارك الميلي بميلة أن يستكشف تلك العلاقة عنده مع الطبيعة و التراث بكل سهولة مثلما تبديه صورة راعي غنم أو ملامح عجوز شاوية تحمل أعوادا جافة على ظهرها من أجل التدفئة و الطهي أو منظر الطفولة البائسة أو تلك التي تصور بإبداع حليا تقليدية مثل الخلخال "المسايس" و المشرف وهي حلي كانت المرأة الشاوية تتزين بها في مناسبات الأفراح و حتى في الأيام العادية . وبالنسبة للمصور عمراوي الذي بدأ ملامسة آلة التصوير مبكرا ولأول مرة سنة 1968 فإنه قد سجل "تحولا خاصا" بانتقاله من الصورة العادية إلى مجال الصورة الفنية عالية التقنية منذ 3 سنوات بعد مسيرة طويلة من التصوير و استعمال مختلف آلات التصوير الأجهزة من الأرجانتي إلى آلات التصوير الرقمية "أش. دي كا". وفي زمن أصبح فيه أخذ الصورة أمرا هينا خاصة بعد الانتشار الواسع للهواتف النقالة فإنه يمكن لأي كان كما يرى عمراوي وهو إطار بمؤسسة خاصة " تخليد مناسبة شخصية أو جماعية أو حدث ما أو تثمين طقس أو منظر طبيعي" لكن " ليس في مقدور أي كان أن يكون فنانا مصورا مبدعا " لأن ذلك يقتضى " امتلاك " روح الفنان " وأيضا " التوفر على العتاد اللازم المتطور لأخذ الصورة وأبعادها و مواصفاتها عالية الجودة". و للمصور عمراوي المشارك حاليا في فعاليات " صالون الخريف الرابع" الملتئم في الجزائر العاصمة في الفترة ما بين 27 أكتوبر الماضي و31 يناير القادم بمبادرة لوزارة الثقافة مشاركات عديدة في تظاهرات وطنية بلغ عددها في ظرف عامين فقط 25 تظاهرة ما يجعله كما قال " من أكثر فناني الصورة الفوتوغرافية حضورا في الصالونات و التظاهرات الوطنية " . و للفنان عمراوي رب الأسرة المتكونة من زوجة و4 أبناء نجل فنان في ميدان الفن التشكيلي يدرس حاليا في مدرسة الفنون الجميلة بقسنطينة يعتزم كما قال " استعادة الصور الفنية الفوتوغرافية " لوالده " تشكيليا بما سيمنح تلك الصور نفحات أخرى فنية و إبداعية من نوع آخر. ومن أهم تلك الصور التي يشارك بها دوما في المحافل الوطنية صورة " امغارث" المرأة المسنة الشاوية التي تجمع الحطب من أجل التدفئة و الطهي في ريفها المحروم من كثير من متطلبات الحياة العصرية . و لا يتردد عمراوي مراد وهو الذي لا يتذكر أنه فارق آلة تصوير منذ أربعين عاما في تفضيل الصورة الرقمية الملونة على الصورة السوداء و البيضاء "رغم الإقرار بجمالتيها" وذلك " انتقاما منها " لكونها "لم تتح لنا الآفاق التي فتحتها الصورة الملونة الرقمية عالية التقنية " كما يقول . وعن مثل هذه اللقاءات الثقافية يقر عمراوي بأنه أحد من الذين شاركوا بجهدهم في جلب أعداد من المشاركين في الصالون الوطني الأول للصورة الفوتوغرافية بميلة كما ثمن الآثار الإيجابية لكل تظاهرة من هذا النوع " تعميما لهذا الفن النبيل حقا". وكان لافتا أن يتهيأ الفنان لالتقاط صورة له إلى جانب بعض صوره المعروضة في رواق دار الثقافة لميلة وذلك بلمسات هاوية تصوير في بداية الطريق تتطلع لمعرفة الكثير من خبايا التصوير الشمسي لدى أحد أقطابه.