تونس - تحتضن العاصمة التونسية بعد غد الجمعة أشغال مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي اقترحته واشنطن وباريس بغية "ممارسة أقصى درجات الضغط على النظام السوري حتى يستجيب للتطلعات المشروعة لشعبه" وفق ما أجمعت عليه عدة مصادر دبلوماسية في العاصمة التونسية. ويسعى المؤتمر الذي يستمر يوما واحدا إلى " إقناع " المعارضة السورية بمختلف توجهاتها " بضرورة توحيد صفوفها كي يتسنى الاعتراف بها " فيما سيوجه المؤتمر رسالة واضحة تحمل معاني" التضامن مع الشعب السوري ودعمه في نيل حقوقه المشروعة ووقف أعمال العنف والقتل في صفوف المدنيين مع المحافظة على سيادة سوريا وسلامة أراضيها". وسيشكل المؤتمر "فرصة " لممثلي الدول الغربية للإعلان مجددا " عن دعمها " لمخطط جامعة الدول العربية خاصة فيما يتعلق " بمراحل الانتقال الديمقراطي في سوريا " وكذا اقتراح تعيين مبعوث خاص أممي إلى سوريا . كما ستتميز الجلسات بإلقاء مداخلات للأطراف المعنية مباشرة بالملف السوري على أن يصدر في ختام المؤتمر بيان "يتضمن الدعوة لإرسال قوات حفظ سلام عربية لسوريا تنفيذا لقرارات الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب ". ويرى المراقبون أن مسالة الدعم السياسي والمادي لصالح المعارضة السورية يمكن أثارتها خلال المؤتمر الا أن واشنطن ترى أن " تسليح المعارضة سيكون سابق لأوانه لتفادي أي تغلغل لتنظيم القاعدة في الأزمة السورية ". وبالمناسبة سيتقدم المجلس الوطني السوري المعارض بمخطط يرمي إلى" إقامة ممرات إنسانية آمنة " مع توجيه الدعوة للمجموعة الدولية قصد تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لصالح المدنيين في سوريا. ويعقد المؤتمر على مستوى وزراء خارجية دول الجامعة العربية والإتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وبعض الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة منها أميركا والهند والبرازيل كما سيشارك في أشغاله مندوبون عن فصائل المعارضة السورية منها "المجلس الوطني السوري" و"هيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطي" و"المجلس الوطني الكردي السوري" كمراقبين. بيد أن روسيا أعلنت عن عدم مشاركتها على خلفية أن" نتائج المؤتمر أعدت من قبل ' علاوة على" عدم إبلاغها بتشكيلة المشاركين ولا بجدول الأعمال". كما بينت موسكو أن الهدف الحقيقي لهذا المؤتمر" ليس واضحا وأن الأمر حسب ما يبدو يتعلق بتشكيل تحالف دولي لدعم طرف في نزاع داخلي ضد آخر ". كما فسرت الحكومة الروسية غيابها عن المؤتمر" بعدم دعوة ممثلين عن الحكومة السورية. ومن جهتها أكدت الحكومة الصينية أنها " تدرس هدف المؤتمر وآلياته " دون أن تذكر ما إذا كانت ستحضر المؤتمر مجددة موقفها بشأن الوضع في سوريا الذي " سيظل ثابتا". والجدير بالذكر أن روسيا والصين استخدمتا في وقت سابق من هذا الشهر حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يؤيد خطة عربية تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي كما صوتتا ضد قرار غير ملزم في الجمعية العامة للأمم المتحدة أيد تلك الخطة العربي. وحول احتمال تبني المؤتمر لفكرة التدخل العسكري الأجنبي اعتبر وزير الخارجية التونسي في وقت سابق أن هذا المؤتمر "لا يهدف إلى استنساخ النموذج الليبي أو العراقي في سوريا". و أبرز أن انعقاد المؤتمر في تونس" لا يعني منح الضوء الأخضر لأي تدخل عسكري أجنبي في سوريا وان بلاده " لن تستعمل كمطية " لشن هجمات على سوريا" موضحا بان تونس " بقدر ما تحرص على تلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري بقدر ماهي حريصة على سلامة سوريا ووحدة أراضيها ". وحول مسالة الاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض بين رئيس الدبلوماسية التونسية أن هذه المسالة " غير مطروحة " في الوقت الراهن وذلك " في انتظار نتيجة الحوار" الجاري بين أطراف المعارضة السورية كي يتسنى الإعلان عن "تمثيل حقيقي لمختلف مكونات الشعب السوري". ونفى المسؤول التونسي أن تكون بلاده قد خضعت لإملاءات خارجية لاستضافة جلسات هذا المؤتمر بغرض تدويل ملف الأزمة السورية مشددا على أن المؤتمر " سيعقد بقرار تونسي وضمن حدود القرار الوطني والمصالح الوطنية والمصالح العربية ولا توجد أي جهة أو دولة لها الحق في فرض أجندتها أو سياستها الخاصة على تونس. وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر "أصدقاء سوريا" قد اثأر تداعيات واسعة في تونس وخارجها حيث وصفته بعض الأوساط السياسية التونسية بأنه "مؤامرة ودعوة لتدويل الوضع في سوريا انطلاقا من تونس " فيما عرفت تونس عدة وقفات احتجاجية "للتنديد " بعقد هذا المؤتمر الذي ينظر إليه على أن الهدف منه "التآمر على أمن الدول واستقرار الشعوب خدمة لمصلحة الدول الغربية ". ومهما يكن من أمر فان العديد من المراقيبن يرون أن الإنقسام الدولي الذي وقع حول سوريا " قد إنتقل" إلى مؤتمر "أصدقاء سوريا" بتونس واعربوا عن اعتقادهم أن " الغموض يظل يحوم حول الهدف الرئيسي من هذا المؤتمر الذي تنظر إليه العديد من الأوساط السياسية في عدة دول بكثير من الريبة".