بدات بوادر انفراج الازمة السياسية التونسية تلوح في الافق بعدما كادت ان تعصف بالائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد جراء الخلافات" الحادة" حول الصلاحيات الدستورية المخولة لرئيسي الدولة والحكومة وفق ما ابرزته مصادر تونسية رسمية . واعتبر الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي في خطاب له الليلة الماضية ان الازمة قد "انتهت " وان استقرار البلاد " يستدعي تجاوز " هذا النوع من المعضلات مع" استثمارها " عبر استخلاص العبر والنتائج " لتفادي "هزات اخرى مؤكدا " اهمية التشبت " بالائتلاف الثلاثي الحاكم وبمبادئ التشاور والوفاق وقيم الديموقراطية . وتحدث عن خارطة طريق للمرحلة المقبلة في بلاده مشددا على" ضرورة الالتزام " بالمواعيد الهامة التي من بينها الانتهاء من صياغة مشروع الدستور المرتقب " وتبني " العقد الاجتماعي بين الاطراف الاقتصادية والاجتماعية " واجراء" الانتخابات في شهر مارس المقبل "والتعجيل" باجراء الانتخابات البلدية في صيف عام 2013 من اجل "استكمال" اسس الديمقراطية المحلية والمشاركة الشعبية . ولقد واجهت الحكومة التونسية المؤقتة التي يراسها حمادي الجبالي امين عام حركة النهضة الاسلامية اشد ازماتها منذ فوزها في انتخابات المجلس التاسيسي التي جرت في اكتوبر 2011 خاصة بعد توقيع 73 نائبا برلمانيا على وثيقة بغية سحب الثقة منها على خلفية ترحيل المحمودي البغدادي وتسليمه الى السلطات الانتقالية الليبية . وزادت استقالة الوزير المكلف بالاصلاح الاداري محمد عبو في تعميق الازمة لاسيما بعد اتهامه الحكومة ب " التراخي في فتح" الملفات الكبرى المتعلقة بالفساد فيما اثارت تنحية محافظ البنك المركزي من طرف الرئيس المرزوقي حفيظة رئيس الحكومة حمادي الجبالي امين عام حركة "النهضة الاسلامية" . وعلى الرغم من تمكن حكومة "النهضة الاسلامية" من تجاوز مشكل سحب الثقة في اعقاب سحب نائبين لتوقيعهما فان محاولات اخرى من طرف كتل المعارضة البرلمانية تجري من اجل اضافة توقيعات اخرى وبالتالي محاولة تمرير لائحة سحب الثقة . ولئن تصاعد التوتر بين رئاستي الجمهورية والحكومة بخصوص قرار اقالة محافظ البنك المركزي التونسي فان مصادر حكومية بينت ان الحل" يكمن في تواصل " التشاور من أجل الوصول إلى صيغة توافقية" بين رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي. كما ان التوافق في مثل هذه الحالات من شانه "حماية " مصلحة الاقتصاد التونسي "وعدم التاثير" على السياسات الاقتصادية العمومية خاصة منها "التنسيق والتكامل" بين السياسة النقدية" التي تعود صلاحياتها" إلى البنك المركزي وفق ما ابرزته المصادر الحكومية التونسية . ومن اجل وضع حد لهذا الخلاف فانه تمت احالة قرار إقالة محافظ البنك المركزي على اعضاء المجلس التأسيسي للمصادقة عليه في فترة لا تتجاوز خمسة عشر يوما . وفي هذا السياق فان الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عدنان منصر كان قد أوضح في وقت سابق أن من بين الأسباب التي دفعت إلى إصدار قرار اقالة هذه الشخصية هو أن السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي "لا تتماشى والواقع الاقتصادي" الذي تمر به البلاد. وكانت تونس قد عرفت اتصالات سياسية مكثفة ومساعي حثيثة على اعلى المستويات من اجل "راب الصدع" الذي الحق بالتحالف الثلاثي الحاكم جراء الخلافات حول الصلاحيات الدستورية بين رئاستي الجمهورية والحكومة . وبغية تفعيل سياسة الحوار والمصالحة اجتمع الرئيس منصف المرزوقي مع عدد من قيادات الأحزاب السياسية وبعض رؤساء الكتل البرلمانية والشخصيات الوطنية لتدارس الوضع السياسي وتبادل وجهات النظر حول القضايا الخلافية التي ميزت المشهد السياسي مؤخرا والاشكاليات المتصلة بمسار الانتقال الديمقراطي وآليات عمل مؤسسات الدولة.