تواصل اسرائيل فرض سياسية الأمر الواقع من خلال مضيها في عملية الاستيطان بالقدسالشرقية والضفة الغربية التي تشكل خطرا كبيرا على عملية السلام وحل الدولتين التي ينشده الفلسطينيون متاجهلة قرارات الشرعية الدولية التي تحظر أي تغيير ديمغرافي وجغرافي في المناطق المحتلة. وكان الاستيطان وراء الانسداد الذي تواجهه عملية السلام منذ مطلع أكتوبر 2010 وذلك بعد أربعة أسابيع فقط من اطلاق مفاوضات بين الفلسطينين واسرائيل برعاية أمريكية. وتطالب السلطة الفلسطينية حكومة الاحتلال بالوقف التام للاستيطان بما فى القدسالشرقيةالمحتلة واعتماد حدود العام 1967 لاي مفاوضات يتم استئنافها فى حين تزعم اسرائيل ان هذا المطلب هو " شرط مسبق " وهو ما ترفضه. وقد رد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا على الانتقادات الدولية لمشروعه الاستيطاني بمزيد من التعنت اذ تعهد بمواصلة البناء في القدسالمحتلة من "دون عوائق" . واستخدم نتنياهو في الاجتماع الاسبوعي لحكومته عبارات واضحة تكرس سياسته الاستيطانية واصراره على نهب المزيد من اراضي الفلسطينيين وقال " لا قيود ولا خطوط حمراء على البناء الاسرائيلي في مدينة القدس والتي تعتبرها اسرائيل عاصمتها الابدية والتي لن يتم التخلي عنها". وأقرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي في أحدث خطوة لها في هذا الاطار مشروع بناء/ 180 / مسكنا في القدسالشرقيةالمحتلة مخصصة لعناصر الشرطة والجيش المتقاعدين. وتاتي موافقة السلطات الاسرائيلية على بناء مزيد من البؤر السكنية بالقدسالمحتلة تأكيد على مواقف الاحتلال وسياسته القائمة على انتهاك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية . ويرى محللون من داخل اسرائيل وخارجها أن رفع وتيرة الاستيطان مرتبطة بالانتخابات التي ستجري خلال جانفي والتي دعا اليها نتانياهو الذي تحاول حكومته استغلال كل دقيقة متوفرة قبل الانتخابات من أجل ترسيخ حقائق على الأرض. وحيال الاستهتار الاسرائيلي بالقانون الدولي ونداءات الشرعية الدولية حذر سفير دولة فلسطينبالجزائر السيد حسين عبد الخالق في حديث أجرته معه (واج) من انعدام أي أفاق لحل سياسي للصراع العربي الاسرائيلي مؤكدا على ان اسرائيل لم تثبت الحد الادنى بأنها معنية بالتوصل الى هذا الحل . وقال السفير الفلسطيني أن "التجربة اثبتت من خلال عقود من الزمن أن اسرائيل بقيادتها السياسية ومجتمعها العسكري لا ترغب في الحد الادنى في التوصل الى السلام مع الفلسطينين ولا تزال تأمن بأن هذه أرض الميعاد وليس للشعب الفلسطيني أي حقوق فيها". واكد على وجود موقف اسرائيلي سلبي جدا تجاه التوصل الى حل يضمن الحد الادني من الحقوق الوطنية الفلسطينية مضيفا أنه "انطلاقا من هذه الفلسفة التي يحملها الكيان الاسرائيلي والمجتمع الاسرائيلي والحكومة الاسرائيلية من الصعب جدا أن نرى أفاق حل سياسي للصراع العربي الاسرائيلي ". واعتبر الديبلوماسي الفلسطيني ان اسرائيل تعمل بشكل جاهد لاغتصاب باقي الاراضي الفلسطنية وبناء المستوطنات وطرد السكان وتدمير الممتلكات الفلسطينية وهي ماضية في طريق واضح كي تمنع أي فرص لاقامة دولة فلسطينية على جزء من التراب الوطني الفلسطيني وليس على كل التراب الفلسطيني . وفي الوقت الذي تواصل فيه بناء مجمعاتها الاستيطانية تعمل حكومة الاحتلال على الاسراع فى استقدام يهود الخارج الى اسرائيل . وفي هذا الاطار وصل أمس الثلاثاء الى مطار اللد بفلسطينالمحتلة /بن غوريون/ 237 مهاجرا من أبناء طائفة يهود الفلاشمورا الاثيوبية تطبيقا لقرار سابق من الحكومة الاسرائيلية يقضى بالاسراع فى استقدامهم الى اسرائيل . واكدت مصادر اسرائيلية انه ينتظر وصول حوالى 1000 مهاجر جديد اخرين من أبناء هذه الطائفة وذلك في غضون الاشهر القليلة القادمة. وقد قررت حكومة اسرائيل فى جويلية الماضي زيادة اعداد المهاجرين الاثيوبيين من اجل اتمام هذه العملية فى اسرع وقت ممكن . وتحت عنوان "يتاجرون بالسلام كيف تساعد أوروبا بوجود المستوطنات غير القانونية" جاء في تقرير أصدرته 22 منظمة غير حكومية أنه "في الوقت الذي يدعم فيه الاتحاد الاوروبي قيام دولة فلسطينية ويندد بحزم بالاستيطان ويمنح سنويا مئات ملايين اليورو كمساعدة للفلسطينيين يستورد سلعا من المستوطنات الأسرائيلية أكثر ب 15 مرة من السلع المستوردة من الاراضي الفلسطينية ( 230 مليون يورو سنويا مقابل 15 مليونا)". ورأت المنظمات في هذه المعطيات "تعبير عن دعم أوروبا للمستوطنات خلافا لتصريحات زعمائها". وحسب هذه المنظمات فإن المستوطنيين يستفيدون من تسهيلات كبيرة في الاسواق الدولية وتمكنوا من إقامة صناعات زراعية حديثة في حين ان الاقتصاد الفلسطيني "يعاني كثيرا بفعل نظام قيود على أكثر من مستوى تفرضه اسرائيل ويتضمن حواجز برية ونقاط مراقبة ووصول محدود الى الارض والمياه والاسمدة الزراعية". تجدر الاشارة الى ان مفوضة السامية للشؤون الخارجية والأمن لدى الاتحاد الأوروبى كاترين آشتون كانت تأسفت بشدة خلال زيارتها مؤخرا الى الاراضي الفلسطينية ازاء اعطاء وزارة الداخلية الاسرائيلية الضوء الاخضر لبناء مستوطنات جديدة بالقدسالشرقية واكدت على ان "المستوطنات غير شرعية بنظر القانون الدولي وتهدد بجعل حل الدولتين مستحيلا". من جهة أخرى تعالت تحذيرات فلسطينية من خطر التحالف بين حزبي "الليكود" و"إسرائيل بيتنا" واعتبرته "نذير شؤم " على الشعب الفلسطيني مشيرة إلى أن المجتمع الإسرائيلي يتجه نحو المزيد من التطرف لتضافر أبرز عناصره. ووصف القيادي في حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية "حماس" صلاح البردويل ان هذا التحالف يضع أكبر الأحزاب المتطرفة في بوتقة واحدة منبها إلى أن الايجابية الواحدة التي سيفرزها هذا التحالف هو أن يكتشف العالم العنصرية الفاشية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وما سيولده هذا التحالف من المزيد من الاستيطان في القدس والضفة الغريبة المحتلة . وتشير نتائج استطلاعات الرأي الإسرائيلية إلى أن التحالف اليميني الحالي بقيادة بنيامين نتانياهو المدعوم من تشكيلات دينية ويمينية متطرفة سيفوز بأغلبية 64 مقعدا على الأقل (من 120 مقعدا). وأقر مؤتمر حزب الليكود " اكبر أحزاب اليمين الإسرائيلي" بالإجماع التحالف مع حزب إسرائيل بيتنا "القومي المتطرف" في انتخابات الكنيست القادمة التي ستجرى في الثاني والعشرين من جانفي القادم بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وكان لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل ابو يوسف نفس الاقرار بكون هذا التحالف سيدفع إلى المزيد من تطرف الحكومة القادمة و تصعيد الاعتداءات ضد الشعب الفلسطيني مؤكدا أنه في ظل هذا التحالف لن يكون هناك إمكانية للحديث عن مفاوضات. رغم هذا يواصل الفلسطينيون الذين ينشدون السلام التاكيد على استعدادهم العودة الى طاولة المفاوضات عقب رفع مكانة فلسطين في الأممالمتحدة وذلك لاستئناف المفاوضات حول قضايا الوضع النهائي. وفي هذا الاطار أكد الرئيس الفلسطيني أول امس خلال استقباله رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي ستيفن لوفن أن قرار التوجه للأمم المتحدة اتخذ لإنقاذ عملية السلام التي وصلت إلى طريق مسدود جراء التعنت الإسرائيلي الرافض للالتزام بقرارات الشرعية الدولية ووقف الاستيطان في الأرض الفلسطينية مشددا على أن الجانب الفلسطيني مستعد للعودة إلى طاولة المفاوضات فور الحصول على مسعاه في الأممالمتحدة. وحسب عضو المجلس الثوري لحركة فتح ديمتري دلياني فان اليمين الاسرائيلي يعتبر نجاح مساعي القيادة الفلسطينية في الأممالمتحدة بداية النهاية لمشروعه الاستيطاني التوسعي على الأرض المحتلة عام 1967 خاصة القدس .