تنتظر الجدة فاطمة الزهراء ذات ال60 سنة من العمر بفارغ الصبر موعد نيلها شهادة الماجستير نهاية هذه السنة بعد مغامرة طويلة رفعت خلالها تحديا من أجل كسب المزيد من العلم و المعرفة. وكانت بداية السيدة فاطمة -التي هي أم ل9 أطفال هم اليوم رجال ونساء ولها 9 أحفاد -عندما توفي والدها سنة 1968 بمنطقة مناصر (تيبازة) .وقطع هذا الحدث الحزين مسيرتها الدراسية وهي في التعليم المتوسط .غير أن الارداة الفلاذية التي تتمتع بها فاطمة الزهراء جعلتها تعكس الأمور الى صالحها وها هي اليوم تنتظر نيل هذه السنة شهادة الماجستار من جامعة الجزائر في تخصص لغات أجنبية (اللغة الفرنسية) ليتحقق حلمها بعد 45 سنة من الانقطاع عن مقاعد الدراسة. ولا يختلف اثنان في أن السيدة فاطمة الزهراء دوالي مثال حي للارادة التي تتميز بها النساء الجزائريات من خلال مسيرة موفقة في تربية وتعليم تسعة أبناء بعد وفاة زوجها وفي تعليم نفسها واشفاء غليلها في كسب العلم والنعرفة. لقد ولدت الجدة فاطمة سنة 1953 بمدينة مناصر الشامخة في كنف عائلة ثورية.وجعلتها وفات والدها تفقد صوابها وتخلت عن الدراسة قبل اجتياز امتحان الفصل الثاني بمتوسطة "محمد عبده" بمدينة مليانة في ولاية عين الدفلى. وتزوجت فاطمة الزهراء وانشغلت بظروف الحياة و تكوين أسرة ناجحة علها تعوض لها فراق المدرسة إلا أن حب التعلم ظل يراودها الى أن اتخذت القرار الحاسم والتحقت عام 1996 بصفوف الدراسة عن بعد. ألم وفاة الزوج... دفعها لإحياء الحلم اثر وافت زوجها "محمود" سنة 1993 الزوج الصالح الذي كرس حياته لقطاع التربية" وجدت فاطمة الزهراء نفسها تصارع الحزن و الفراق و ظروف الحياة الصعبة. و استلزم الأمر معركة دامت ثلاثة سنوات لتجاوزت الصدمة سنة 1998 وتحصل على شهادة التعليم المتوسط ثم تواصل نجاحها بإحرازها رفقة ابنها الأصغر "محمد أمين" شهادة البكالوريا سنة 2008 بعد ستة محاولات كمترشحة حرة و تزامن نجاحهما مع نجاح حفيدها "محمد باجي" الذي نجح في شهادة التعليم الابتدائي و حفيدتها "فيداء" التي تحصلت على شهادة التعليم المتوسط وانتقلت الى الثانوية. والتحقت فاطمة الزهراء من جهتها بمعهد اللغات الأجنبية بجامعة الجزائر و تحصلت على شهادة الليسانس في اللغة الفرنسية عام 2011 حيث اختارت "دراسة نص" كموضوع لمذكرتها و قدرت لجنة التقييم عملها بامتياز بنتيجة 15 من 20 نقطة.وواصلت مغامرته رغم تقدمها في السن حيث نجحت في اجتياز امتحان الماجستير بنفس الجامعة على أمل "نيل أكبر قدر ممكن من الاستحقاقات و الشهادات." نجاح فاطمة الزهراء دوالي يضاف إلى سلسلة النجاحات التي حققتها المرأة الجزائرية في شتى المجالات .و هي دعوة إلى الشباب للتحلي بالإرادة و الإيمان و عدم الرضوخ للفشل مهما طال الزمن.