أكد المشاركون في الملتقى الوطني حول الظاهرة الإجرامية في المجتمع الجزائري بين الماضي و الواقع الراهن الذي انطلقت أشغاله يوم الثلاثاء بجامعة العفرون بالبليدة على ضرورة تجند كافة أطراف المجتمع و المؤسسات الفاعلة فيه لمجابهة ظاهرة تنامي الإجرام. و أوضح هؤلاء في الملتقى الذي بادر إلى تنظيمه مخبر الجريمة و الانحراف بين الثقافة و التمثلات الاجتماعية التابع لكلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية بجامعة علي لونيسي أن الجريمة التي عرفت في الآونة الأخيرة أبعادا و أنماطا مختلفة أضحت هاجسا يهدد استقرار المجتمعات الإنسانية برمتها بعدما تعدت الأطراف المرتكبة لها الجنس و الفئات العمرية. و دعا هؤلاء إلى ضرورة إعادة النظر في الخطاب الديني و تنقيته من كل أشكال التعصب و الرفض الآخر و هو ما يضمن حسبهم القضاء على بؤر تنشئة الإجرام. و حاول في هذا الصدد عميد الكلية البروفيسور جمال معتوق إبراز في مداخلته حول "قراءة نقدية للنظريات المفسرة للجريمة النسانية" إبراز أن الجريمة التي كانت منحصرة في السابق على العنصر الذكري تعدته ليصبح أبطالها كذلك نساء تجردوا من الطبيعة الفيزيولوجية الخاصة بهن ليقمن بجرائم خطيرة على غرار تعاطي و الترويج للمخدرات و القتل و غيرها. وأرجع المحاضر أسباب ولوج المرأة عالم الجريمة و الانحراف إلى تفتحها أكثر على العالم الخارجي و اتساع دائرة التفاعل لديها حتى أضحت تحاكي الرجل في ارتكاب الأسلوب الإجرامي من جهة و تواطؤ القضاء قديما و حديثا معها. من جهته تحدث الدكتور سواكري الطاهر عن جريمة اختطاف الأطفال التي أضحت تعرفها الجزائر في السنوات الأخيرة حيث أكد أن هذه الأخيرة ليست ظاهرة مستحدثة في الجزائر بل هي متواجدة منذ القدم مرجعا أسباب ذلك إلى "التغطية الإعلامية المكثفة للظاهرة و ما تنتهجه من تهويل" في معالجتها. و في مقارنته لعدد حالات الاختطاف المسجلة خلال السنة الجارية و المقدرة حسبه بخمس حالات و ذلك مع دول تحصي 30 حالة أكد السيد سواكري أن هذه الظاهرة في "معدلات جد ضئيلة " ببلادنا. و يأتي هذا الملتقى حسب ما ذكره عميد الكلية بهدف معرفة نمطية الجريمة في المجتمع الجزائري و كذا أهم الجرائم التي أصبحت منتشرة في مجتمعنا. و يشارك في هذا الملتقى الذي يدوم يومين أساتذة و مختصين من أزيد من 10 جامعات من الوطن حيث سيشكل فرصة سانحة للباحثين لتقديم خبراتهم في الحقل الإجرامي. و تمحورت مداخلات اليوم الأول من الملتقى حول كرونولوجيا و سوسيولوجيا الجريمة في المجتمع الجزائري بدأ من الاستعمار الفرنسي وصولا إلى ما هي عليه الآن و العوامل النفسية الفاعلة في حدوث السلوك الجانح عند الأحداث. يذكر أن جامعة علي لونيسي قد بادرت السنة الفارطة في إطار تفعيل دورها في المجتمع و عدم اقتصارها على النمط التكويني و الأكاديمي إلى إنشاء و لأول مرة مخبر للجريمة و الانحراف أين يدرس في هذا التخصص طلبة علاوة على حاملي ليسانس و ماستر دكتوراه علم الجريمة و الانحراف و علم اجتماع العنف و العقاب ما سيسمح بمعرفة تطورات الجريمة و توجهاتها و توزيعها الجغرافي و غيرها.