حققت القوات النظامية السورية بعضا من أكبر المكاسب في الحرب المستمرة منذ نحو خمس سنوات, بعد أن استرجعت كافة المناطق التي خسرتها في الهجوم الذي شنته فصائل المعارضة المسلحة أواخر أكتوبر الماضي في غرب مدينة حلب, بالإضافة إلى مناطق أخرى, فيما أعلنت موسكو عن استعدادها لتفعيل هدنة إنسانية جديدة في المدينة. وكانت مدينة حلب قد شهدت على مدى الأيام القليلة الماضية مواجهة عسكرية وصفت بأنها "الأشد عنفا" منذ حوالي أربع سنوات, في أعقاب هجوم واسع النطاق لمسلحي المعارضة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في غرب المدينة تحت اسم "ملحمة حلب الكبرى", الأمر الذي مكنها من الإستيلاء على منطقتين استراتيحيتين في محاولة لفك الحصار عن الأحياء الشرقية من حلب الخاضغة لها. وأفاد مصدر عسكري حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء السورية (سانا) يوم الأحد بأن "وحدات من الجيش السوري بالتعاون مع الحلفاء أعادت الأمن والاستقرار إلى ضاحية الأسد بريف حلب الغربي بشكل كامل" بعد معارك مع "جيش الفتح" الذي يضم عدة فصائل مسلحة متشددة بينها "جبهة فتح الشام" وهي جبهة النصرة سابقا. كما استعاد الجيش السيطرة على معمل الكرتون ومنطقة المكاتب وذلك بعد ساعات من سيطرته على بلدة منيان الإستراتيجية "في توسيع لدائرة الأمان لأحياء حلب الغربية" الخاضعة لسيطرته حسب الوكالة. من جهته أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات الحكومية وحلفائها "تمكنت من استعادة السيطرة على ضاحية الأسد وحاجزي الصورة والساتر ومنطقة منيان ومعمل الكرتون وكافة المناطق المحيطة بها عقب معارك عنيفة" مضيفا أنه "بذلك تكون قوات النظام استعادت كافة المناطق التي خسرتها في ملحمة حلب الكبرى". كما استعاد الجيش السوري "مناطق أخرى خسرها في شهر أغسطس الماضي في الأطراف الغربية لمدينة حلب وضواحي ومحيط المدينة" حسب المرصد. وحسب المرصد فإن القتال أدى إلى مصرع 508 أشخاص بمن فيهم مدنيين ومقاتلين من كلا الجانبين, موضحا ان القتلى يشملون 215 مقاتلا سوريا وأجنبيا بمن فيهم منفذو هجمات إنتحارية و 143 من القوات الحكومية. وقتل أيضا نحو 100 مدني في أعمال القتال, معظمهم من الأحياء الغربية من حلب التي تسيطر عليها القوات الحكومية, ومنهم 29 طفلا. وفرضت القوات النظامية حصارا على الاحياء الشرقية من حلب في شهر يوليو الماضي الأمر الذي أدى إلى قطع الامدادات عنها و بالتالي حدوث نقص شديد في المواد الغذائية والوقود. من جهة أخرى تتواصل الإشتباكات بين القوات النظامية و المسلحين الموالين لها من جانب, وتنظيم "داعش" الإرهابي من جانب آخر, في ريف الرقة الشمالي و ريف بلدة عين بشمال غرب الرقة, بالتزامن مع قصف متبادل بين القوات والتنظيم, في محاولة من قوات سوريا الديمقراطية تحقيق مزيد من التقدم و السيطرة على مزيد من المناطق للإقتراب أكثر نحو مدينة الرقة التي تعد معقل تنظيم "داعش" في سوريا. وتتركز الإشتباكات في محيط بلدة "تل السمن" و منطقة خنيز الواقعة في الريف الشمالي لمدينة الرقة حيث لقي 7 عناصر من قوات سوريا الديمقراطية مصرعهم بنيران "داعش". موسكو تعلن استعدادها لتفعيل هدنة انسانية جديدة في حلب أعلنت وزارة الدفاع الروسية, أمس السبت, استعدادها لتفعيل هدنة إنسانية جديدة في مدينة حلب, بشرط أن يعلن ممثلو مهمة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة في سوريا, بشكل رسمي, استعدادهم لتسليم مساعدات إنسانية للمدينة, وإجلاء المدنيين المصابين والمرضى. وفي هذا السياق قال المتحدث باسم الوزارة إيجور كوناشينكوف -في تصريحات نقلتها وكالة أنباء "تاس" الروسية- أن "الشرط الأساسي لتطبيق هدنة إنسانية أخرى في حلب يتمثل في استعداد ممثلي الإغاثة الانسانية التابعين للأمم المتحدة في سوريا لتنظيم توصيل الدعم إلى الأحياء الشرقية وإجلاء المصابين من هناك". وأضاف كوناشينكوف "أن التجارب السابقة للهدنات الانسانية في سوريا أظهرت أن الضمانات التي أعلنها ممثلو الأممالمتحدة حول اتفاقات أولية مع المسلحين في حلب لا تعدو سوى كونها مجرد كلام". وأوضح " أن جميع محاولات اقتراب شاحنات المساعدات الانسانية من حلب أو من الحواجز الانسانية القريبة منها كانت دائما ما تنتهى بالقصف على يد المسلحين هناك, فضلا عن استحالة المرور بسبب الألغام المزروعة في الطرقات والشوارع". للتذكير فإن آخر هدنة إنسانية طبقتها روسيا ونظام الرئيس السوري بشار الأسد في حلب, كانت في 4 نوفمبر واستمرت لمدة 10 ساعات فقط. من جهته طالب المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بوقف جميع الأعمال العسكرية في هذه مدينة حلب لإفساح المجال أمام دخول المساعدات الإنسانية مشددا على ضرورة رحيل "جبهة النصرة" عن المدينة. وقال عقب مباحثات أجراها, أمس في طهران مع نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين جابر أنصاري أن "جبهة النصرة" باعتبارها جماعة إرهابية, ينبغي أن تخرج من شرق حلب, مدينا أية جرائم ترتكب سواء أكانت في شرق حلب أم غربها, مضيفا أنه لا زال يدرس مقترحين لإخراج المدنيين والمجموعات الإرهابية من هذه المدينة. من جانبه, وصف أنصاري مباحثاته مع دي ميستورا ب"الجادة والجيدة", مضيفا أنهما بحثا آخر التطورات الإقليمية والدولية الميدانية والسياسية التي تخص سوريا إضافة إلى البعد الإنساني للأزمة, مؤكدا أهمية إرسال المساعدات الإنسانية إلى مدينة حلب وإسهام الأممالمتحدة في مواجهة الإرهاب. ترامب: يجب زيادة التركيز على محاربة الإرهاب في سوريا وليس علىالإطاحة بالأسد وفي حوار مع صحيفة (وول ستريت جورنال) هو الأول من نوعه منذ انتخاب مرشح الحزب الجمهوري رئيسا للولايات المتحدة, دعا الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى ضرورة زيادة التركيز على محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا بدلا من التركيز على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وقال ترامب "لدي نظرة مختلفة عن الكثيرين بشأن الوضع في سوريا , فسوريا تحارب تنظيم داعش ونحن نريد التخلص منه, ولدى روسيا الآن تحالف وثيق معها ولدينا إيران التي تزداد قوة بفضلنا وهي حليفة لها, والآن ندعم المتمردين ضد سوريا دون أن نفهم من يكون هؤلاء?"..مشيرا إلى أنه إذا هاجمت واشنطن الأسد فهذا يؤدي في النهاية إلى صراع مع روسياوسوريا. وأفاد بأنه سيكون هناك تحول بعيد عن نهج سياسة إدارة أوباما الحالية التي كانت تحاول إيجاد جماعات معارضة سورية معتدلة لدعمها في الحرب الأهلية هناك.. قائلا "لقد كان لدي وجهة نظر مغايرة لكثير من الناس بشأن سوريا" دون أن يحدد ذلك.