أكدت مجموعة من المعطيات أعدتها الهيئة الوطنية لتنمية الصحة وترقية البحث أن النساء أكثر عرضة للضغط النفسي الذي يسببه فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وتشير هذه المعلومات التي جمعتها الهيئة خلال الفترة الممتدة من مارس إلى ديسمبر 2020 في إطار خلية تضم 9 أطباء نفسيين نُصبوا مع ظهور جائحة كورونا، إلى أن 80 بالمئة من الاتصالات المُستقبَلة كانت من طرف نساء يبحثن عن الدعم، 47 بالمئة منهن من الفئة العمرية 19-45 سنة. أما بخصوص الجهة الأكثر اتصالا فترأست ولاية البليدة القائمة بنسبة 36 بالمئة تليها العاصمة (27 بالمئة) ثم تيزي وزو (11 بالمئة) وبعدها بومرداس (8 بالمئة) فالمدية (5 بالمئة) ثم عين الدفلى وسطيف ب02 بالمائة، علما أن الجالية الوطنية بالخارج شكلت نسبة 01 بالمئة. وفيما يتعلق بالأسباب المتعددة للاتصال، فتراوحت بين طلب بسيط للمعلومات حول كوفيد-19 وطرق انتقاله إلى محاولة الانتحار بحيث خصت الجنسين ومختلف الأعمار إلا أن النساء كنّ الأكثر عرضة لنوبات الهلع المصحوبة أحيانا باضطراب القلق وأعراض الانهيار العصبي والنزاعات الزوجية والعنف المصاحب لذلك علاوة على صعوبة تسيير شؤون الاطفال خلال فترة الجائحة. كما وقعت هذه الفئة ضحية لوسواس الموت واضطرابات الوسواس القهري إضافة إلى "معاناتهن النفسية" بسبب العنف الذي يمارسه أزواجهن ضد الأطفال خلال هذه الفترة الحساسة، حسبما جاء في مجموعة المعطيات التي تحوز واج نسخة منها. إقرأ أيضا: كوفيد-19: اعتماد الجزائر لمقاربة أولوية القرار العلمي على السياسي أثبتت نجاعتها وتبرز الهيئة التي يترأسها البروفيسور، مصطفى خياطي، أن المرضى الذكور هم الأكثر استشارة بخصوص انتكاس اضطراب الشخصية، والهذيان والادمان ومحاولات الانتحار ووسواس الموت وكذا اضطرابات الوسواس القهري. أما المراهقون فكان موضوع اتصالاتهم الاستشارة حول صعوبات في العلاقات والنزاعات مع والديهم. كما أشارت المجموعة ذاتها إلى نتائج الحجر الصحي لدى هذه الفئة من المجتمع التي "تخضع لواجبات أكثر والتي أزّمت اشكالية المعارضة لدى هؤلاء المواطنين خاصة أولئك الذين يستهلكون المهلوسات والمخدرات: لقد حدّ الحجر الصحي الذي أقرته الحكومة ابتداء من الساعة 15 سا خلال الموجة الأولى من الجائحة من حريتهم بحيث حرموا من الوصول إلى منتوجاتهم". وحسب ذات المصدر فإن التكفل الطوعي لهؤلاء الأطباء النفسيين اختلف من متصل إلى آخر بحيث "اكتفى البعض باتصال واحد فقط أسبوعيا إلا أن مرضى آخرين احتاجوا إلى متابعة شبه متواصلة لأنهم كانوا يواجهون صعوبات في التأقلم مع الحجر وآثاره". وتمثلت هذه الآثار في غياب الموارد الشخصية والاجتماعية كما أوضحه المختصون. == تسجيل حالات لاستغلال وتسوّل أطفال == علاوة على الخلية الخاصة للهيئة الوطنية لتنمية الصحة وترقية البحث، جندت ذات الهيئة أطباءها النفسانيين في إطار خلية أخرى موجهة للمساعدة النفسية والطبية بالتعاون مع الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة عن طريق الرقم الأخضر (11.11) والتي استقبلت 4.146 مكالمة خلال الفترة الممتدة من مارس إلى يوليو 2020. وقد خصص هذا الرقم المجاني للتبليغ عن كل انتهاكات حقوق الطفل. وفي هذا الصدد، تأسفت الهيئة على ان 40 بالمئة من التبليغات المسجلة تتعلق ب "الاستغلال الاقتصادي للأطفال وتسوّلهم على الرغم من الإجراءات الصارمة المفروضة"، مرجعا ذلك إلى الحالة الاقتصادية "الصعبة" في الجزائر بسبب جائحة كورونا التي تسببت في فقدان العديد لمناصب عملهم مثلما هو الحال في العالم بأسره. وخلال الفترة الممتدة من مارس إلى يوليو 2020، استقبلت الخلية اتصالات من 48 ولاية ومن فئات عمرية مختلفة أكبرهم سنا يبلغ 91 سنة من ولاية المدية في حين كان الأصغر حوالي 3 سنوات، علما وأن المتصلين استفسروا عن طبيعة المرض وكانا يبحثان عن تطمينات. ومن بين 4.146 متصلا تمت معالجة 276 اتصال فقط لأن باقي الاتصالات اعتبرت "خارج السياق" او "مكالمات صامتة" أو مكالمات متقطعة لرداءة الشبكة الهاتفية، حسبما أبرزته الهيئة التي عمل أطباؤها 24/24 سا للرد على المكالمات الكثيفة للسكان. إقرأ أيضا: كورونا: استلام هبة من المستلزمات الطبية من جمعيات خيرية لأبناء الجالية بالخارج كما اتضح كذلك أن أغلبية الحالات التي تعاني من اضطرابات نفسية (38 بالمئة) كنّ نساءً متزوجات تتراوح أعمارهن بين 28 و 40 سنة واللاتي ظهرت عليهن أعراضا سريرية متقدمة علما وأن أكثر الأشخاص المقبولة اتصالاتهم قد تمت مساعدتهم "في التعامل مع القلق والملل" خلال فترة الحجر الصحي إضافة إلى التحكم في تصرفات الأطفال ...إلخ. وقد تطرقت المجموعة كذلك إلى الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الذين ظهرت عليهم اضطرابات في تصرفاتهم مثل الانفعال والنشاط المفرط وكذا الإدمان على الشاشات. كما استهدفت المتابعة النفسية كذلك خلال نفس الفترة نزاعات الأزواج الذين يعيشون تحت سقف واحد أو منفصلين أو مطلقين (عدم احترام قانون الحضانة والعنف البدني والمصاعب المالية)، حسب مجموعة المعطيات التي أكدت أن النساء كن أكثر التزاما وانتظاما بخصوص المتابعة مقارنة بالرجال في حين اكتفى المرضى الذين لا يعانون من أي اضطراب في الشخصية باتصال واحد فقط. وعلاوة على الحالات المذكورة، أوضحت الهيئة الوطنية لتنمية الصحة وترقية البحث بعض "آثار أخرى ضارة" للجائحة على الصحة العقلية من بينها تدهور الاضطرابات الموجودة سابقا وتأزم التوحد وفقدان المهارات المكتسبة مع ظهور اضطرابات جديدة، مشيرة من جهة أخرى إلى بعض فوائد الحجر الصحي مثل تقدم التعلم بالنسبة لبعض الأطفال المتوحدين و"المتخلفين العقليين" بحيث تعزز حضور الأمهات إلى جانبهم. وحسب ذات المصدر، فإن الغياب عن المدرسة قد عزز أداء الأطفال الذين يعانون من درجة متقدمة من التوحد لأن "القلق عندهم تراجع"، داعيا إلى التحضير الجيد للازمات الكبرى.