كانت هي سيدة المقام بامتياز بين نساء الدار، من عمات وخالات وزوجات الأعمام والأخوال وكنّات؛ بحكم أنها الجدة الكبيرة. كل من في البيت كان يناديها "أًُمّا لَكْبيرة"، إلا الكنات كن ينادينها "لالّة غيتا"، أما المعارف والمحيط فكانوا يلقبونها ب "بنت (...)
لا أحد كان يعلم لا كيف ولا لماذا؟؟؟ ، هي القريبة من الناس ومن مشاكلهم وأحوالهم العامة، الكل يعرف مدى مساعدتها لكل محتاج في محيطها أو محيط معارفها، وعدد الأيتام اللذين تبنتهم ورعتهم وعلمتهم ورافقتهم حتى استقروا في حياتهم الاجتماعية. فجأة؛ أصبحت إلى (...)
كان لكل موسم حكاياه وقصصه وأحجياته ، وتفاصيل الأحداث الشيقة النائمة في طيات الموروث الشعبي وذاكرته الحية على الدوام، المتوارثة بين الأجيال على لسان الجدات والأجداد، والحكائين الذين كانوا بمثابة الصندوق السحري للذاكرة الجمعية. شتاء تتكوم أحجياتنا (...)
كان يجوب المدينة ليلا ونهار ا، لم يكن يعرف لا الراحة ولا النوم، لا يستكين ولا يستقر في مكان كأنه آت من عوالم أخرى لا تنتمي إلينا تسكنه طاقة خرافية. يمشي مختالا كأنه سلطان زمانه، كأنه خرج من أسطورة يعرفها الجميع لكن لا أحد يعرف سرها، في ألبسته (...)
كثيرة هي الحمامات الشعبية القديمة في مدينتي، والتي نسميها حمامات تركية ، كان ولا زال وقتها إلى حد الآن وحسب علمي موزعا على فترتين، الفترة الصباحية حتى العصر للنساء وبعدها يسلم للرجال . أما فِي رمضان تستمتع بِه النساء ليلا إلى ساعات متأخرة. حمامات (...)
كان يجلس وسط أدوات مهنته التي كان يعشقها ويجد فيها متعة لا تضاهيها متعة؛ مهنة الخياطة التي كانت في البداية عبارة عن فضول إلى هواية لتصبح حرفة. وهو طفل في السنوات الأولى من الدراسة والتي كانت عبارة عن ثلاث سنوات فقط لا أكثر في مدرسة البنين، كان لا بد (...)
لم تكن تدري أنها ستعايش جيلين آخرين بعد جيلها، الذي أكله الجوع والتشرد والرصاص والحرق الجماعي. هي التي في طفولتها وشبابها استهوتها المدن والأمكنة والأسفار مع أبيها لاكتشاف الناس ولمس العوالم التي كانت تجهلها. عن قرب رأت من عذبوا ومن قتلوا ومن شردوا (...)
أن نبكي مع الأمهات والآباء والجدات والأجداد، لا يكفي. أن نواسيهم للحظة أو لحظات ونتركهم بعدها لحرقتهم وهم يعانقون أشياء وليد لم يشبعوا من رائحته ولا شبع من رائحتهم، لا يكفي. أن نكتب على الجمرة وسعيرها المشتعل في الكبد وتصور مدى فداحة ومرارة الفقد، (...)
لما نترجم الشعر هل هي فعلا ترجمة أم هي كما يقول رومان جاكوبسون ROMAN JAKOBSON ، عبارة عن " نقل إبداعي ". أن تقترب من جمرة الشعر، معناه أنك تحاول لمس خفايا وطيات العمق المتراص بإحكام، الذي لا يتمكن الآخرون كُتّابا أو متلقين أو نقادا أو مترجمين، من (...)
أيها الشاهد
على كل هذه الخسارات
من يفكك ألغام الوهم
يغوص في ندى المرايا الهاربة
حد الإغماء
من هيأ كل هذا الزهير
حتى ينزلق الضوء على قفاه
تتشابك الظلال مع الظلال
لا ظلال لنا أحياء وموتى
موتى وأحياء لا ظلال لنا
تتعاكس الوجوه والحدقات
تتمتم (...)
تسللت مثل شعاع من نور في رحلتك الصعبة مع المرض. لا زالت الكثير من الأمكنة في القرى والمداشر وكل الأماكن القصية في انتظار خطواتك الهادئة المثبتة في الأرض بكل تواضع، محملة بكل الأحرف والأبجديات وأنت تقسمين بقبس النور الذي يسكنك، أنك ستقهرين الأمية في (...)
من هنا مروا بلافتاتهم وألوانهم وهتافاتهم، بابتساماتهم وقهقهاتهم مسكونين بغد لم تتضح معالمه بعد، لا زال الغموض يلفه ولا زال المبهم يحوم حوله، صراخهم لغة وصمتهم لغة وعنادهم وإصرارهم أوامر. من أين جاؤوا كيف جاؤوا وإلى أين يتجهون؟؟ !!! لا يحسبون حسابا (...)
هو قوس قزح إذن، تناثرت خصلاته على جباه لم تنحن أبدا بالرغم من كل المحن والشدائد. شهداء عادوا بقاماتهم الشاهقة. أعلام معتقة بعطر الجدات تتسلل من الأدراج والصناديق والمخدات لتسير متوسطة الجموع، صادحة بالأناشيد والهتافات والأغاني، نفسها التي هزت وزعزعت (...)
الوجوه الورقية تبكي أشجارها
التربة غُمّ شهيقها
كُتم فيها النفس
في مرتع الهشيم
والزهير المرتبك
المدن الواجمة العاقة
غارقة في القوافل التائهة
تحتفي بقليل من الوهم
والوعود الموقوتة
المصطفة في خط الزلازل
أين يتدحرج الكلام
ينهش صمتنا الأزلي (...)
هنا، في جزيرة النوارس كما سماها الأجداد؛ هي من يحتفظ بمفاتيح المدينة العتيقة وهي من يحمل سرها الأكبر، عند الحاجة تفتح أبوابها السبعة المنقوشة حروفها في كتب الأولين. يسكنها سؤال دائم هل هي أبواب الجنة أم أبواب جهنم!!!؟؟؟ باب الوادي باب الدزيرة باب (...)
منذ 22 فبراير والشارع الجزائري يفصح بوسائله الخاصة، وبذكاء لا مثيل له عن كل التراكمات التي تخزنت في عمق الشعب بمختلف فئاته وأطيافه وأجياله. الشباب الحاضر بقوة هو جيل العشرية السوداء، عشرية الإرهاب التي أتت على الأخضر واليابس والتي سرقت العمر من مئات (...)
ترتكب المجازر ويموت الأبرياء على حين غفلة ، كأنهم كانوا ، كأنهم لم يكونوا، تتعدد الأسباب والموت واحد في النهاية، ولا أحد في منآى عما يحدث أو سيحدث.
المسألة كلها صدفة ؛ أن يكون الإنسان في الوقت غير المناسب والمكان غير المناسب في تلك اللحظة واللحظة (...)
هذا هو الجيل الجديد الذي حرك الجزائر من أقصاها إلى أقصاها، منذ ثلاثة أسابيع وهو يصنع تاريخه الخاص بهدوء وسلمية، ولم تختر التواريخ اعتباطا، بل لكل تاريخ رمزيته (22 فبراير والأول والثامن من مارس) ليصدح بأن حب الوطن ليس إحساسا جامدا وحب الوطن ليس فقط (...)
يا آدم
أيها الأب المنسي
في غواية الشتات
أيها الغريب بلا قبر ولا وطن
اجمع تربتك ورحلك
عد إلى منبتك
هنا لا الطين طين
ولا التربة تربة
ولا الهواء هواء
حتى الجنون لم يعد جنونا
حواء عارية الجرح
تجر ضلعك المكسور
تخط عليه ما تخفى من الهدير (...)
عالم بلا جدران أن يتفق شعراء العالم على تواريخ ومواقيت محددة لإعلاء أصواتهم، ويسمع رجع صداها حتى في أبعد نقطة على مساحة الكرة الأرضية، وأن تختلط وتمتزج اللغات وموسيقاها وينسج الحنين المشترك الذي يجعل الإنسان إنسانا جسورا من نوع آخر؛ شيء لا يقدر عليه (...)
- من المجموعة الجديدة
بالهْوا والريح الفايْتا
يعمروا في الڤصب الراشي
ناسيين بلّي
الدنيا غير هبوب
واقفا بين شروق وغروب
تتشهى عين تشوف
وَاشْ تخبَّى بين الرّفوف
تفتح كتاب اللّولين
وتخطفْ لمْعة حكمة
فَلتتْ ما بين همّْ وغدرا
هْنا الليل تْلف (...)
هنا
لا ماء لا ملح لا كلأ
لا خبز لا تربة
لا غلال لا فيض
لا عشب لا طير
لا حمام لا دمع
لا هداية لا غواية
لا أنهار لا ضفاف
لا بحار لا سواحل
لا نفس لا هواء
لا جن لا ملائكة
لا فرح لا موت لا حياة
لا حرف لا كلمة
لا سمة لا علامة
لا إسم لا رسم (...)
لا زلت على قيد الموت
أستشف لون الحياة
يجلدني الترقّب
كالملح المرّ
هنا يزهر صمتي
كنوّار الثلج
أوقد جمرة القلب
لمن يرقُصن على حافّة النار
من يحفل بالغريبة
تستجدي شمسا معتمة
تشرع عريها سترا
لهذا الزمن المبهم
هنا الزمن المحنّط
يستضيء (...)